ديمقراطية إسرائيلية وارهاب فلسطيني / ١٣
اللواء المتقاعد مروان العمد
استأنف معكم اليوم بقية مقالاتي تحت هذا العنوان بعد اسبوعين من الانقطاع . حيث استعرضت في الحلقات السابقة تفاصيل الاحداث في فلسطين من تاريخ صدور وعد بلفور، بتاريخ الثاني من نوفمبر / تشرين الثاني عام 1917 ، ولغاية يوم حادثة طوفان الاقصى في السابع من اكتوبر عام 2023 ، مروراً من بداية هجرة اليهود الى فلسطين ، والذين استقبلوا من الفلسطينيين بالترحاب والتأهيل ، الى ان تمكنوا في الارض ، وقاموا بتشكيل العصابات اليهودية المسلحة ، والتي اخذت تهاجم القرى الفلسطينية وترتكب بها المجازر ، الى ان صدر قرار التقسيم من قبل الجمعية العمومية للامم المتحدة بموجب القرار رقم 181 تاريخ 29 نوفمبر 1947 ، والذي تضمن انشاء دولة عربية فلسطينية على حوالي 44 % من مساحة فلسطين ، ودولة يهودية على حوالي 58 ٪ منها ، في حين بقيت القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية . عندها كثفت العصابات اليهودية هجماتها على القرى الفلسطينية ، وارتكبت بها ابشع المجازر . مما ادى الى هجرة الكثير من سكانها . ولفشل الجيوش العربية التي دخلت الى فلسطين عام 1948 لحمايتها من الوقوع تحت سيطرة هذه العصابات في تحقيق ذلك ، فقد سيطرت هذه العصابات على 78 % من الاراضي الفلسطينية ، والتي لم يبقى منها غير الضفة الغربية التي استطاع الجيش العربي الاردني حمايتها ، وقطاع غزة والذي أخضع للادارة المصرية . ورغم ذلك لم تتوقف المحاولات اليهودية من اكمال سيطرتها على بقية الاراضي الفلسطينية الى ان تحقق لها ذلك اثر حرب عام 1967 . وقد تحدثت في الحلقات السابقة عن معاناة الفلسطنيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من تصرفات قوات الاحتلال الإسرائيلي . وتضيقها الخناق على سكانها في حركاتهم وتنقلاتهم واعمالهم . وارتكاب المجازر بحقهم بالرغم من توقيع الفلسطنيين على اتفاقيات اسلوا ، والتي تنص على اقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، مع اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل بحدودها التي تتجاوز قرار التقسيم بكثير ، الا ان سلطات الاحتلال لم تعمل على تنفيذ بنود هذه الاتفاقية حتى الآن . وبدلاً من ذلك فقد زادت من حجم اعمال العنف بحق الفلسطنيين والتضييق عليهم ، بل اذلالهم .وفرض الحصار الكامل على قطاع غزة منذ عام 2005 ، والذين ردوا على ذلك بانتفاضات سلمية ومسلحة ، كما ان سلطات الاحتلال اخذت تضيق على الفلسطينيين في اقامة شعائرهم الدينية في المسجد الاقصى ، وتسعى لنزع السيطرة عليه وهدمه واقامة الهيكل على انقاض ، بحيث اصبح المسجد الاقصى عنوان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي . وبعد ان تلاشى الامل باقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 ، فقد اصبح الشعب الفلسطيني كمن يعيش في مرجل يغلي وتحته نار مشتعلة ومعرض للانفجار في اي لحظة ، وان يقذف ما في داخله من حمم على شكل فيضان يجرف ويحرق كل ما هو امامه . وبتاريخ السابع من اكتوبر عام 2023 حصل هذا الانفجار في غزة ، حيث قام عناصر من منظمة حماس ، ولحق بهم عناصر من منظمات فلسطينية اخرى ، ومواطنين فلسطينيين مسلحين وغير مسلحين ، باجتياز الجدار العازل والذي اقامتة إسرائيل حول قطاع غزة وعزلته عن العالم ، وعزلت العالم عنه • عن طريق استخدام طائرات شراعية مرت من فوق الجدار الى منطقة غلاف غزة ، وقيام الجرافات بهدم اجزاء من هذا الجدار ، ثم قيام سيارات دفع رباعي تحمل المئات من المسلحين الذين اندفعوا الى المستوطنات اليهودية ، وقيامهم بطريقهم بمهاجمة عناصر الجيش الإسرائيلي في دباباتهم واخراجهم منها بطريقة مذلة ، وقتل بعضهم واسر بعضهم ، كما قامت بمهاجمة قواعد الجيش الإسرائيلي واماكن قياداته واستولت عليها ، وقتلت او اسرت من كان فيها . وفجرت ما فجرت ، واحرقت ما احرقت من دباباته ومدرعاته ، والتي كانت تصطف في ساحات الوحدات العسكرية وكانها في مواقف عامة ، ثم اتجهت مجموعات من المقتحمين الى مستوطنات غلاف غزة واقتحمتها ، وسيطرت عليها وقتلت بعض المستوطنين واسرت بعضهم واخذتهم الى غزة ، في حين بقي عناصر آخرين من القوة المهاجمة بهذه المستوطنات ، وتحصنوا في بعض بيوتها وحتجزوا معهم بعض المستوطنين ، وكان كل ذلك على الهواء في بث مباشر ، مما شكل اكبر صدمة تواجهها دولة إسرائيل ، واكبر هزيمة تلحق بها . كل ذلك بالرغم من مواصفات هذا الجدار ، والذي كان يوصف انه لا يمكن اجتيازه ، وان اي محاولة لذلك مصيرها الفشل ، وان يتم اكتشافها فور حصولها لكثرة الاجهزة الالكترونية والكاميرات المنتشرة على الجدار وفي مواجهته ، والتي بامكانها ان. ترصد حركة الطير امامها من غرف المراقبة المنتشرة في كل مكان من غلاف غزة وما هو ابعد من غلاف غزة من خلال شاشات المراقبة ، بالاضافة الى الدوريات الراجلة والمحمولة عل طول الجدار وعلى مدار الساعة . ورغم وجود اكثر من ثلاث عشر الف جندي من فرقة غلاف غزة ، ويدعمهم سلاح. الجو وسلاح البحر والاجهزة الامنية الاخرى ، مثل الاستخبارات العسكرية والموساد ( المخابرات الخارجية ) والشابات ( الامن الداخلي ) وقوات الشرطة وحرس الحدود . بالاضافة الى الوحدة 8200 ، والتي تسمى ايضاً بوحدة آمان ، وهي فيلق الاستخبارات العسكرية:، وهي اكبر الأجهزة الاستخبارية واكثرها كلفة على موازنة الدولة ، والمسؤولة عن التجسس الالكتروني ، وعن تزويد الحكومة الاسرائيلية بالتقيمات الإستراتيجية التي على اساسها تصاغ السياسات العامة للدولة ، وبالذات مع الاطراف العربية .والتي تضم 700 موظف . ويدعم هذه القوات مثيل لها في منطقة النقب المجاورة لغلاف غزة .
يتبع بعد الغد