تأوّهُ القلبُ

شعر/د. عبد الولي الشميري

وا شَارِيَ البَرْقِ مِنْ عَلْيَاءِ وَادِينا
رِفْقًا بِناءٍ غَدَا في الطُّورِ مِنْ سينَا
 
تَأَوَّهَ القَلْبُ والأَشْوَاقُ جَارِفَةٌ
وَاسْتَعْبَرَ الطَّرْفُ مَنْ يَبْكِي لِباكِينا؟

شَجًا وَبُعْدًا وَمِنْ طُولِ النَّوى أَرَقًا
وَعَاتِبًا لا يَرَى إلّا مَساوِينا

لَوْلا طِباعُ التَّأَسِّي والمِرَاسُ وَمَا
حَفِظْتُ مِنْ قِيَمٍ جَلّتْ مآسِينا

وا شارِيَ البَرْقِ لَمْعُ البَرْقُ يُحْيينا
أسعدتَ آنَسْتَ رَغْمَ الحُزْنِ تُشْجِينا

كم عَاوَدَتْنِي صَباباتُ الصِّبا سَحَرًا
اللهُ أَبْعَدَنا وَاللهُ يُدْنِينا

وا شاريَ البَرْقِ أهلُ الشَّرقِ هل عَلِموا
أنَّ المَدامِعَ تَجْرِي مِنْ قَوافِينا

وا مُضْرِمَ الوَجْدِ فِي قَلْبٍ يُعَذِّبُهُ
نَأْيُ الأَحِبَّةِ إخِوانِي اليَمانِينا

لو يَعْلَمُ البَدرُ آلامي وما جَرَحَتْ
يَدُ اللَّيالِي لأَمْسَى مَنْ يُعَزِّينا

أُعَلِّلُ الْقَلْبَ لا وَعْدٌ يُحَقِّقُهُ
قَاسِي الفُؤَادِ ولا بِالعَهْدِ يُوفِينا
 
يَمامَتِي كُلَّ فَجْرِ صَوْتُهَا غَرِدٌ
تَنُوحُ إلْفًا تَهاوَى في مَراثِينا
 
دَعْنِي لِبُعْدِي، وأوجاعٍ تُسَهِّدُني
وطُولِ هَمٍّ طَوَيْناهُ ويَطْويِنا
 
وَمَا تَألَّفْتُ مِنْ قْوْمِي وما أَلِفُوا
سَيْرِي مَعَ الذَّوْدِ تَصْفِيقًا وتَلْحِينا

لَمَّا تَرَحَّلْتُ عن قَوْمِي وَقَدْ قَدَرُوا
أَلَّا أُفارِقهُمْ، لا شَيءَ يُؤْسِينا

ما لي وللخَمْط1 كَمْ حَاوَلْتُ أَجْعَلَهُ
تينًا فما صارَ زَيْتُونًا ولا تِينا

عَشِقْتُ في النِّيلِ يَخْتًا زَانَهُ أَدَبٌ
وَمِنْ أَناشِيدِهِ طَابَتْ أَمَاسِينا

وفي رَذَاذَاتِ مَاءِ النِّيلِ مُنْتَجَعِي
(نَجْوَى) أُطارِحُ، أَوْ (روني) تُناجِينا

وَجَلْسَةٍ في نَوادِي الشِّعْرِ ساهرَةٍ
مِنَ البلاغَةِ نُحْييهَا وتُحْيينا

نُعِيدُ لِلحاضِرِ الماضِي وَنَبْعَثُ فِي
أَهْرامِ (خُوفُو) مَعالِي جَدِّهِ (مِينا)

أُراشِقُ الحُورَ أشعاري، فتَرْشُقُني
من الهوى والجَوى نارًا وسِكّينا

النِّيلُ، واللَّيلُ أشعاري أُصَوِّرُها
شاهدْ متى شِئتَ فِرْدَوْسًا وعِلِّينا