مصلحتي وليذهب الوطن ...
مصلحتي وليذهب الوطن ...
لماذا تقف الشعوب ، ولماذا تتجمد في عروقها الحركة ولا تستطيع ان تحدث تلك الحركة البسيطة المطلوبة للخروج من الحالة التي تعيش فيها ، لماذا يخاف المسؤول من إتخاذ السليم.
الحركة الإقتصادية في البلد هي الإساس لأي تطور ، قد تذهب تريد زيادة إيرادات الدولة من الضريبة فتكون حركتك على حساب الحركة الإقتصادية في البلد ، وقد تذهب تريد أن تدعم الحركة الإقتصادية فتأتي حركتك بنتائج عكسية ، فلا هي دعمت إقتصاد ولا هي زادت إيرادات الدولة .
إذا كل شيء قائم على فهم المعادلة بشكل سليم ودعمها بشكل سليم ، بحيث تستمر وتكبر وتكون ذات مردود إيجابي لمن إستثمر فيها ، وفي نفس الوقت تستفيد البلد من النتائج المباشرة وغير المباشر لهذه الحركة ، هذا الميزان الدقيق هو ما تبحث عنه كل دول العالم للأسف والبعض هو من نجح ، ليس هناك معادلة صالحة لكل مكان وزمان ، ما يصلح هنا لا يصلح هناك .
والسبب هو الكم الهائل من المدخلات في العملية ، نحن لا نقف بين منتج وزبون فقط ، بل هناك دائرة كاملة تدخل في هذا الموضوع ، ولنأخذ مثلا واحدا حدث مع صديق ، فقد جاء بمستثمر يريد أن ينشىء مشروعا إستثماريا كبيرا ويحتاج إلى آلاف الدونمات ، ولكن صاحب القرار أراد في وقتها تحويل الإستثمار إلى أرض تخصه فلم تنجح فكرة التحويل ولم تنجح فكرة المشروع وذهبت الفرصة على الوطن .
ربما للخروج من هذا المأزق نحتاج إلى تشكيل لجنة ، ولكن اللجنة ستدخل حتما في حيثيات كثيرة منها الضغوط التي تأتي من الأعلى ، ومنها الضغوط التي تأتي من الأسفل ، والإتهامات الجاهزة في حال عدم الموافقة ، والإطراء في حال الموافقة ، وهنا لا تأخذ هذه اللجنة على الأغلب المصلحة العليا العامة في الإعتبار ، ولا تأخذ مصلحة الوطن ولا المستقبل في الأعتبار على الأغلب طبعا ، وسندخل في الكثير من المصالح المتضاربة والصراعات الجانبية ، والسبب طبعا هو أن الكل يبحث عن السبب ، والمعظم للأسف يعرف ما هو السبب .
ولكن هل نريد حقا أن نعدل الوضع القائم ، سندخل في نقاش جانبي كبير هنا ، فالمستثمر يريد الإستفادة بأقصى ما يمكن وبأسرع ما يمكن وهو شخص على الأغلب جبان ومادي وإنتهازي ولا يعرف المصلحة العامة ، ولا أعمم ولكن هذه هي النظرة المسبقة عنه على مستوى المواطن والحكومة.
في المقابل موظف القطاع العام كسول لا مبالي متقاعس لا تهمه المصلحة العامة وينظر إلى مدى إستفادته الشخصية من هذا الأمر ، أو هو في المقابل يقف ضد المستثمر مهما كانت الظروف ولا أعمم طبعا ، فهو يرى أن هذا المستثمر كائن طفيلي يمتص سائل الحياة من المواطن والوطن ، ولا يريد أن يدفع ضريبة أو جمارك أو يرفع الرواتب أو يساهم في النهضة الوطنية .
وبين النظرتين تقع أيضا الحكومة بالنسبة للمستثمر والمواطن ، فهما يتفقان على أن الحكومة لا تهتم إلا بما تحصل من المستثمر على شكل ضرائب وجمارك ورسوم وإشتراكات ، وسمي ما شئت من وسائل التحصيل التي قد تصل في بعض المشاريع إلى أكثر من عشرين طريقة مباشرة أو غير مباشرة في تحصيل أموال من هذا المستثمر ، وفي المقابل ينظر المواطن إلى الحكومة بأنها تستنزف كل مصادره وراتبه وتسعى لرفع سعر كل شيء محيط به أو يستخدمه ، وما أن تعظم حاجته إلى أمر ما حتى تضع الحكومة رسما أو قانونا لتحصل منه أموالا .
وكم في المقابل تتأخر إستثمارات ومشاريع لأنها تتضارب مع مصلحة هنا او هناك ، وإن كانت في النهاية في مصلحة الوطن ، ولنأخذ مثالا الإتصالات فمثلا تعطي هذه الشركة رخصة بشكل حصري فترتفع الإسعار بشكل جنوني وتحصل هذه الشركة على أموال طائلة من الوطن والمواطن ، وعند التفكير بإدخال منافس تسعى الشركة بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لإيقاف الترخيص لهذا المنافس ، أو عندما تأتي شركة لتحول نظام الإتصال والإنترنت إلى نظام أقمار صناعية ( ستالايت ) تواجه هذه الشركة بعقبات ضخمة تمنع هذا الإستثمار من أن يرى النور ، هل لانه يتضارب مع مصالح الشركات القائمة والتي هي شركات خاصة ، أم لأنه يضعف قدرة هذا القطاع على تحصيل هذا الكم من الأموال من المواطن ويوفر في الفاتورة الشهرية للمواطن لهذا النوع من الخدمات ، وهنا نعلق في مفهوم التحصيل من جديد ، حيث أن إنخفاض إيرادات هذه الشركات هو في الحقيقة إنخفاض للضرائب المحصلة وهو يؤثر بشكل مباشر على خزينة الدولة أم لأهداف أخرى ولا أعمم طبعا .
وأبحث جيدا ستجد هذه الحالة تتكرر بشكل مزعج في كثير من المجالات ، عندما تتضارب المصالح بين الجهات المختلفة ، ولكن مصلحة الوطن تكون واضحة لكن لا أحد يلتفت لها ولا أعمم طبعا ، في أن التطور السريع والسوق المفتوحة العادلة والحرة ، وعدم محاباة أي جهة من الجهات على المصلحة العليا للوطن .
كل هذه تساهم في زيادة الدخل وتنوع الوظائف وإرتفاع مستواها العلمي والتقني وإنخفاض الكلف بالنسبة للوطن والمواطن ، هذه الظروف في الحقيقة تساهم في راحة المواطن وزيادة وتعظيم إستفادة المواطن من الخدمة بأقل الأسعار ، وفي نفس الوقت تنوع وزيادة هذه الخدمات بشكل كبير ، وهذه برأيي ستعوض بل تزيد الإيراد المتوقع لكل من المواطن والخزينة .
وهنا نستنجد بأصحاب الإختصاص في الإقتصاد لإعداد دراسات تقنع الحكومة وموظف القطاع العام ، بالإمتناع عن القيام بهذا الدور الذي عطل التنمية والإستثمار وسعى إلى تأخير السعي لتحسين الخدمات والصناعة والتجارة والتقدم .
وهنا إستذكر ما قاله نائب رئيس الوزراء عن قيام موظفين بتعطيل النظام الجديد من أجل مصالح خاصة .
وهنا هل نستطيع خلق شعور يقدم المصلحة العامة والوطنية وضغطا عاما من الجميع وعلى الجميع ولتذهب المصحلة الخاصة إلى ....؟؟؟
إبراهيم أبو حويله ...