في حرب الإبادة الجماعية على غزة.. إسرائيل تتبرأ من القيم الإنسانية وتركل الاتفاقيات الدولية

بركات الزِّيود- 100 يوم عدَّها أبناءُ قطاع غزَّة ثانية ثانية ودقيقة دقيقة وكأنَّها قرن من المرارة والآلام، انقلبت حياتهم خلالها رأسا على عقب؛ من منزل آمن كان يأويهم إلى خيمة تعصف بها الرياح وأزير الطائرات، لينتقلوا تحت وطأتها إلى مدرسة أو ساحة مستشفى لينتهي بهم المطاف الى العراء علهم يجدون فيه مكانا آمنا لكنهم لم يجدوه.
فإٍسرائيل ركلت كل اتفاقيات حقوق الإنسان في حربها بغزَّة وتمارس القتل العمد بمعدل 230 فلسطينيا يوميا وبدم بارد وعلى مرأى العالم اجمع بدأتها بقتل الحياة أولًا بأول، ثم حاصرت المستشفيات وأصدرت حكم إعدام على رسالتها الإنسانية، وبعد ان أكملت مهمتها عُثر على أطفال متحلِّلين ورائحة الموت في كل مكان.
هذا ليس كل شيء فعلته إسرائيل بالقطاع المنكوب، فقد مسحت أحياء بأكملها بكل ما فيها من مبانٍ وشارع ومساجد وكنائس وخدمات عامة على رأسها الماء والكهرباء والصرف الصحي مستهدفة إكمال المشهد الكارثي بملاحقة من رفعوا الرايات البيض بالطائرات من زقاق الى زقاق ومن ركام الى ركام دون رحمة بطفل أو امرأة أو مريض أو شيخ طاعن بالسن تسلح بعصا لا ليحارب بها بل ليتكأ عليها فقط.
تقول تقديرات أممية إنَّ إسرائيل بحربها على غزَّة دفنت السكان تحت أنقاض المباني التي هدمتها بعد أن ألقت أكثر من 29 ألف قنبلة على أحياء القطاع كافة، وانَّ تحت هذه الأنقاض آلاف المفقودين الذين لم يتمكن أحد من إخراجهم وقد يحتاج إزالة هذا الركام نحو 10 سنوات، مشيرة الى أن إسرائيل خالفت في هذه الحرب الهمجية اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين والبروتوكول الملحق بها، ونظام روما الأساسي والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، واتفاقية التمييز وحظر التعذيب، التي تمنع ارتكاب الإبادة الجماعية وقتل المدنيين، أو تعمد إحداث آلام شديد، وارتكاب الأضرار الخطيرة بالسلامة المدنية والنقل الجبري الجماعي والفردي وتطبيق العقوبات الجماعية وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، وهو ما أشارت اليه الخبيرة في مجال حقوق الإنسان الدكتورة نهلا المومني في حديث لوكالة الانباء الأردنية (بترا).
وقالت المومني، إن اسرائيل انتهكت بالإضافة الى ما سبق بنود الاتفاقية المتعلقة بوجوب تسهيل الممرات الإنسانيّة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية وتوفير الكهرباء والمياه، والاعتداء وبصورة متعمدة على الصحفيين والمقرات الصحفية والاعلامية وارتكبت جرائم ممنهجة بحق الاطفال والنساء والاشخاص ذوي الاعاقة وكبار السن، مشيرة الى أن قوات الاحتلال استخدمت في حربها على غزة الأسلحة المحرمة دوليا ولم تستثن حتى الأشخاص المكلفين بالبحث عن الجرحى والمرضى والقابعون تحت الأنقاض والركام.
وتلك جريمة أخرى يبيتها مسؤولو اسرائيل السياسيون والعسكريون على حد سواء، بل إنهم أعلنوها جهارا نهارا هي عزمهم تهجير سكان قطاع غزَّة إلى أي مكان في العالم، ومن أجل هذا عمدت الآلة العسكرية الاسرائيلية إلى استهداف الكبير والصغير والأطفال والنساء وذوي الإعاقة والفئات الهشَّة والضَّعيفة، ودمرت المباني وسبل الحياة، وقطعت الإمدادات، وجرفت البنية التحتية من طرق رئيسية وفرعية، ومنعت إدخال المساعدات وهو ما أثار غضب ورفض واستهجان الاوساط السياسية العربية والدولية، وكذلك الاوساط الشعبية في مختلف عواصم العالم التي هبت في مظاهرات صاخبة تستنكر الحرب والتهجير وتطالب بالإقرار بحق الفلسطينيين في العيش بحرية في دولة مستقلة.
وقالت المومني، إنَّ اعتداء اسرائيل على الأعيان الثقافيّة وأماكن العبادة شكَّل مخالفة لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافيّة والتي حظرت في حالة النزاع المسلح تعريض هذه الممتلكات لأيِّ نوع من أنواع الاعتداء، مؤكدة أن اسرائيل ضربت بعرض الحائط اتفاقية منع الابادة الجماعية والتي تحاكم اسرائيل عليها حاليا من قبل محكمة العدل الدولية بناء على الدعوى المقدمة من دولة جنوب افريقيا.
وكانت إسرائيل شنت قبل الحرب البرية على غزة وعلى مدى عشرين يوما قصفا جويا مكثفا بلغ بحسب مصادر اسرائيلية ألقت خلالها أكثر من 20 ألف طن من المتفجرات على مساحة غزة البالغة 365 كيلو مترا مربعا هي الأعلى كثافة سكانية في العالم أسفرت حتى اللحظة عن استشهاد وإصابة 73 ألف فلسطيني، امَّا المجهول فهو عدد المفقودين ممن يرقدون حتى اللحظَّة تحت الركام أو ربما تلاشت أجسادهم حرقا من شدة القصف.