عمل المرأة من المنزل... الشيف علا طاشمان نموذجاً
زاد في السنوات الأخيرة عدد الأمهات اللاتي دخلن مجال الأعمال عبر الإنترنت بشكلٍ ملحوظ، حيث تشير الدراسات عالمياً أن 49.3% من النساء العاملات يعملن من منازلهن، حيث أن الثورة التكنولوجية قدمت فرصًا غير مسبوقة للأمهات لتحويل مهاراتهن وشغفهن الى مشاريع ناجحة، وهنا نستذكر تجربة الشيف علا طاشمان التي برز نجمها على الشبكة العنكبوتية قُبيل جائحة كورونا، فقد بدأت حياتها المهنية بتطوير وتصوير وصفات طهي ثم تحميلها على قناتها الخاصة "أطيب الأكلات" على يوتيوب، ولعل غربة الشيف علا في بداية حياتها الزوجيةكانت الدافع الرئيس لاكتشاف موهوهبتها وتحويلها لمهنة تحقق لها دخل شخصي، فتقول" :التقنيات الحديثة هي فرصة ذهبية لكل سيدة إن استطاعت تطويعها، فكل ما عليها هو أن تحمل فكرة أو مهارة ما لإستثمارها وتحويلها لمصدر رزق من خلال إستخدام منصات التواصل الاجتماعي أو عمليات البيع والشراء على الإنترنت، وبالتالي تتحول المرأة من مستهلكة لمنتجة تساعد زوجها يداً بيد في دفع عجلة اقتصاد وطنها."
تتطلب الأمومة التضحية والتفاني حتى وإن كان ذلك على حساب حياة الأم الشخصية، فكثير من النساء يجدن أنفسهن مضطرات لترك وظائفهن الثابتة للسفر مع أزواجهن المغتربين، وأخريات جرفتهم متطلبات الأسرة لشواطئ البطالة، إلا أن علا ترى في عمل المرأة من منزلها متنفساً لتلك التي لم تتخلى عن طموحها وتحاول جاهدة لتحقيق توازن مثالي ما بين حياتها العائلية ومساعيها الريادية. رغم ذلك تدرك علا جيداً أن لكل خيار صعوبات فتشاركنا، ومن خبرتها الشخصية، بعض التحديات التي تواجه الأم العاملة من منزلها، فتقول: "قد لا يدرك الكثيرون أن حتى الأمهات اللاتي يعملن من المنزل لا يزلن بحاجة إلى الدعممن الزوج والأبناء والذي يتمثل في احترام أوقات عملها وأخذه على محمل الجد، عليهم الوصول الى اتفاق ضمني بعدم التعدي عليه، ففي بيتنا مثلاً ما أن أبدأ بالعمل حتى يعرف أولادي وبتوجيه من زوجي إني غير متاحة حالياً محترمين مساحتي الشخصية ومقدرين الجهد الذي أقوم به."
تشير دراسة صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن مشاركة المرأة الاقتصادية بلغت 14% فقط في عام 2021، وتعتبر هذه النسبة من الأضعف عربياً وعالمياً،وأن هنالك ما يقارب 114 ألف إمرأة عاطلة عن العمل، وهنا تقبع فرصة للأمهات اللاتي يتمتعن بمجموعة متنوعة من المهارات التي تراكمت لديهن نتيجة خلفيتهن المهنية السابقة أوهواياتهن الشخصية، فعملهن عبر الإنترنت تشكل فرصة للاستفادة وتحقيق عائداً من هذه القدرات، سواء كانت في صناعة المحتوى أوالعمل عن بعد مع الشركات أو في صناعة حرف يدوية.
تحفزعلا معشر النساء من حولها على استثمار طاقاتهن وتستخير التطور التقني ليبدعوا، فتقول: "إن شعور الإنجاز الذي يصاحب إخراج فيديو جديد لا يوصف، لكن الأهم أني أرى في عملي وسيلة لتعزيز النمو الشخصي وتحسين مهاراتي، كذلك هو باب يفتح مجالات أخرى، فمثلاً قناتي على اليوتيوب أوصلتني للشاشة عن طريق فقرتي على برنامج ’مطبخ رؤيا‘ والذي فتح لي مجال تعاون مع شركات كبرى كسفيرة لمنتجاتهم".
رغم أن الإناث في الأردن يشكلن نصف المجتمع ونصف طلاب المدارس والجامعات، إلا أن بعدهن عن سوق العمل يشكل هدراً للاقتصاد وفرصة ضائعة وثمينة للرأس المال البشري للاقتصاد الاردني، والى أن يتم توفير بيئة عمل آمنة وداعمة للأمهات، يبقى خيار العمل من المنزل هو الأمثل لبعض الحالات.