إبراهيم أبو حويله يكتب : على طريق النهضة الفرق في الإدارة ...


بين من يسعى لبناء الذات وبين من يسعى لبناء الأمة هناك فرق ، هذا الفرق يكبر مع الزمن ولا يصغر للإسف ، فهي نقطة صغيرة في البداية ولكن النهايات بعيدة ، وهذا إتضح في الكثير من المفاصل في زعامة الدول إلى إدارة الشركات الخاصة ، وحتى في الحركات التحررية وفي نهضة الأمم ، وفي بناء الامة وفي الدعوات أيضا ، وفي إدارة المؤسسات العامة و الوزارت . 

تناقل الخبرة والمعرفة والبناء التراكمي مهم في أي وطن ، وإلا لن ينهض وطن يسعى من فيه لمصالحهم الذاتية ومكاسبهم الفردية ، لا بد من خلق روح الإنتماء والعمل والتضحية لنقل الوطن خطوات للأمام ، عندما تسعى لذاتك فإنك بعمر محدود وسنوات معدودة وعلم قاصر وقدرة ضائعة وستنتهي بإنتهاء سنواتك المعدودة .

اما إذا نقلت المعرفة والخبرة والحكمة والدراية وسعيت لإن تكون ممتدا في من حولك مستمرا فيهم ، فعندها لن تكون نهايتك بإنتهاء سنواتك المعدودة ، وهنا أنا لا أتكلم عن الدين الذي هو الإمتداد الحقيقي لإي أنسان .  

هناك فرق كبير بين دعوة تحررية قائمة على إساس الإيمان بالله والعمل له ، وبين حركة تسعى لخلق زعمات وقادة ، وهؤلاء القادة يسعون لأن تكون الزعامة لهم وفيهم وتكون القيادة في إبنائهم ، أو حتى مجرد الحفاظ على حياتهم ومكتسباتهم .

  للإسف لا أحد قادر على زيادة حياته يوما واحدا ، ولكنها مجرد أماني وأوهام يصنعها الإنسان في خياله ، ويستغلها العدو في العادة ليخلق من هؤلاء أهدافا تخدم الإحتلال ولا تخدم الأمة ولا حتى الزعيم نفسه ، فكم من هؤلاء بعد أن إنتهت خدماته تم التخلص منه وبطريقة مهينة ، وقد كان يعتقد انه قدم لعدوه ما يضمن به حياته ، وما قصة شاه إيران ببعيدة ، ولن أدخل في مزيد من الأسماء فكلنا لديه ذاكرة حافلة بها . 

ولنعد إلى تلك النقطة التي يدرك فيها العدو مكامن القوة في الأمة ويسعى إلى ضربها أو تهميشها ، فهنا من السهل معرفة من هو العقل المدبر ومن هو صاحب الإدراة ومن هو المخطط ومن هو المحرك ، ثم يعمل على تحييد هذا الإنسان وعندها تفقد الأمة البوصلة والقوة المحركة .

خذ مثلا حركة المقاومة الإسلامية بغض النظر عن تفاصيل أسمائها وقادتها ، فهي تسعى لبناء عمل مؤسسي قائم على نقل المعرفة والخبرة والدراية إلى الإجيال اللاحقة ، ما يخلق جيل قادر على تجاوز الجيل الذي سبقه بمراحل متعددة .

وكلنا رأينا كيف أن قنبلة بدأت بإسطوانة غاز ، وماسورة تصل إلى مئات الأمتار أصبحت اليوم مصدر قوة  وإزعاج ، وتتطلب مئات الملايين من الدولارات لإيقافها ، وكيف انتقل العتاد العسكري إلى هذا المستوى القادر على إيقاف أحدث الدبابات والناقلات ، بالإضافة إلى نقل الصورة والصوت .

وتنسيق وترابط وتراتبية عالية وإنضباط كبير ، هذا لن يكون في جماعات تسعى للقيادة والزعامة ، عندها سيسعى كل واحد منهم إلى الإنشقاق وتأسيس فصيل أو حركة أو تيار جديد ، وقد شهدت الساحة العربية للإسف العديد من هذه الظواهر . 

ما تقوم به المؤسسات الغربية اليوم هو إبعاد الأمة عن مكامن قوتها وتسعى بكل السبل لفرض السيطرة عليها وتوجيه هذه القوة في تلك الأماكن التي لا تعود عليها بالفائدة ، وتدرس وتبحث وتجمع وتحلل وتقدر وتضع الخطوات والعقبات والسبل اللازمة لإبقاء هذه الأمة رهينة للغرب ومصالحه .

حتى لو تعارضت هذه المصالح مع مصالح الأمة نفسها ، فعليه أن ينصاع لرغبة هذا القوى وإلا سيكون هو في خطر .

الغرب لا يعتمد على الأشخاص وإن كان لهم أثر طبعا في إتخاذ القرارات أو أنحرافها أو التأثير عليها سلبا وإيجابا ، ولكنه يسعى في المجمل لبناء عمل مؤسسي تراكمي معرفي علمي تحليلي تطوري للوصول إلى أهدافه .

 نعم ليس نظاما يخلو من العامل البشري والأخطاء ولكن يبقى أثرها محدود ويمكن السيطرة عليه ، ولا تؤثر على الأمة بالمجمل. 

على طريق النهضة الفرق في الإدراة . 

إبراهيم أبو حويله ...