السلام والمحبة الرسالة الهاشمية للعالم عبر التاريخ
كريستين حنا نصر
دعوة الانسانية جمعاء لتحقيق السلام وترسيخ قيم المحبة، هي الرسالة الهاشمية الخالدة طوال تاريخهم الأصيل، وتعود جذور هذه الرسالة السمحة العظيمة التي يحملون أمانتها، لنهج وسيرة جدهم النبي محمد عليه السلام، التي ساروا عليها وحافظوا على معانيها ومضامينها خلال حكمهم وادارتهم للحجاز ورعايتهم لمقدساتها الاسلامية في مكة المكرمة، لتمتد هذه الرعاية الروحية الدينية المميزة وتتجسد في الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، فرسالة السلام الهاشمية اجتمعت مع قداسة مدينة وأرض السلام .
ان الاهتمام الهاشمي بمفهوم السلام والدعوة الانسانية من اجل التعاون والتكاتف لنشر السلام ونبذ الكراهية والعنف، تؤكد على عمق الفكر والرؤية والحكمة الهاشمية وادراكهم ووعيهم لخطورة ما يجري من صراعات سياسية وتحديات اقتصادية في منطقتنا بشكل خاص وفي العالم بشكل عام، وفي التغريدات الملكية الهاشمية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي بمناسبة الاعياد المجيدة ورأس السنة الميلادية والمتعلقة بمفردات السلام والرحمة التي تتطلع لها الشعوب في عامها الجديد ، نستدل على عالمية القيادة الهاشمية وبعد نظرها، ففي تغريدة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين قال: " في الوقت الذي يحتفي العالم بعيد الميلاد المجيد تغيب البهجة ويغيب السلام عن الأهل المسيحيين في الأراضي المقدسة"، وفي ذات السياق جاءت تغريدة جلالة الملكة رانيا العبد الله : " أمنياتنا بالخير والبركة لإخواننا المسيحيين ونبتهل إلى الله خاشعين في ميلاد المسيح عليه السلام أن يعم السلام في الأراضي المقدسة وتُزهر الرحمة في العالم"، كذلك عبر ولي العهد سمو الامير الحسين بن عبد الله بقوله :" كل عام ونحن للسلام أقرب"، خطاب هاشمي انساني يعبر عن روح الشعوب وتطلعاتها لحياة ينعم فيها الجميع بالاستقرار، ونظراً لجهود جلالة الملك عبد الله الثاني في مجال ثقافة السلام أستحق جلالته جائزة صانع السلام في نيويورك، وجائزة ويستفاليا للسلام في ألمانيا ، وجائزة تمبلتون في واشنطن، وجائزة مصباح السلام في ايطاليا، وجائزة الطريق الى السلام نيويورك، كما اطلق جلالته في سبيل التوعية بالسلام وتعزيزه في العالم مبادرات هامة منها رسالة عمّان، واسبوع الوئام العالمي بين الاديان، كما استحقت جلالة الملكة رانيا العبد الله وبسبب النداء المتكرر للسلام العديد من الجوائز منها جائزة الانسانية لجمعية الصحافة الأجنبية، وجائزة آندريا بوتشيللي الإنسانية وتسلمت بمعية جلالة الملك عبدالله الثاني جائزة زايد للأخوة الإنسانية، وجائزة الطريق إلى السلام، ولجلالتهما جهود وحضور دولي متميز في مجال الحوار والسلام والعيش المشترك.
ان الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس هي دليل راسخ على رسالة السلام الهاشمية، لذلك تحظى بإجماع وتأكيد دولي بوصفها مهمة في تعزيز الامن والمحبة وحرية العبادة في القدس، خاصة أن الادارة الاردنية للضفة الغربية رسخت مناخ الوئام فيها، حيث ضمت هذه الادارة الاردنية الهاشمية العادلة ما يمكن تسميته بثنائية مدن القداسة العالمية، وهي مدينة القدس التي تعرف بأور سالم اي مدينة السلام، ومدينة بيت لحم التي ذكرت في رسائل تل العمارنة باسم بيت (إيلو لاهاما)، أي بيت إله القوت والطعام عند الكنعانيين، وبالارامية بيت الخبز، وعلى ارضهما المسجد الاقصى المبارك وكنيسة المهد، فهي باختصار ارض تاريخ وقداسة تتصل برسالة سلام نبوية حملتها القيادة الهاشمية وما تزال تقدم في سبيلها العون والمساعدة للاهل في فلسطين، ومن المعلوم ان جلالة الملك عبد الله الثاني يتمسك بموقف الاردن المرتكز على الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة بما في ذلك حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
ان الثقافة الهاشمية الاردنية العربية الضاربة في التاريخ من الحجاز إلى بلاد الشام وبلاد الرافدين هي على الدوام تنشر المحبة والتكافل العالمي، فالاجيال والمجتمعات التي عاشت ويلات الحروب والصراعات وتعاني من التحديات على اختلافها تستحق اليوم في اعيادها المجيدة وخلال استقبالها لعامها الجديد للسلام والمحبة والرحمة.