المقاومة تذل أنف "نتن ياهو" وفاشية حكومته وتكسر لاءاته

( الهدنة المؤقتة) .. أول الغيث.. فلسطيني واحد مقابل ثلاثة صهاينة .. والبقية تأتي

الأنباط – عبدالرحمن أبو حاكمة – خليل النظامي

على الرغم من كل الدعم العسكري والمالي والإعلامي والمعنوي الذي تلقته حكومة "النتن ياهو" الداعشية من الدول الاستعمارية "أمريكا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا"، لم تتحقق الأهداف الرئيسية من عدوانها على قطاع غزة والمتمثلة بـ هدفي القضاء على حركة المقاومة الفلسطينية، وإعادة الأسرى اليهود وإحتلال غزة، نظرا لما واجهته من شراسة وذكاء وقوة المقاومة التي مرغت أنف الجيش الصهيوني في التراب في أكثر من موضعة قتالية سواء في داخل القطاع أو خارجه وكبدتهم خسائر بشرية ومادية ضخمة جدا.

وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر ونصف على العمليات البرية والجوية لـ الصهاينة قد فشلت قواتهم في تحرير أيّ من "الرهائن"، أو الوصول إلى قيادات المقاومة الفلسطينية أو حتى إضعاف قدراتها العسكرية، علاوة على تعاظم الخسائر البشرية لدى الصهاينة الذين إرتكبوا خلال عملياتهم كل ما يندرج تحت توصيف "جرائم الحرب" من استهداف المشافي والمدارس ودور العبادة ومنازل المدنيين، وقتل الأطفال والنساء، وقطع المياه والكهرباء والإنترنت عن القطاع.

وفي موازاة هذا الفشل العسكري، كان هناك فشلٌ إعلاميّ، في إقناع الرأي العام، فبيانات المتحدث العسكري الصهيوني يعوزها الدقة والمصداقية، والصورُ المنشورة يفتقد كثير منها إلى المصداقية أو المعقولية، كما رأينا وتابعنا في تبرير استهداف مجمع الشفاء الطبي واحتلاله، أو غيره من مشافي قطاع غزة.

وفي موازاة كل ذلك الأداء المضطرب لـ الصهاينة وقواتهم العسكرية الداعشية، نجحت المقاومة الفلسطينية من خلال إستراتيجيتها الإعلامية، في إقناع الرأي العام، بسبب المصداقية في نقل وقائع الحرب، مدعومة بالصوت والصورة، فضلا عن نجاحها في اللعب بورقة الأسرى لديها، وتحويلها إلى أداة ضاغطة على أعصاب "نتنياهو"وحكومتهالداعشية، ما أجبره ومعه الإدارة الأميركية الى التخلّي عن الأهداف المعلنة للعملية العسكرية، والتفاوض على الأرضية التي أرادتها المقاومة منذ البداية.
واليوم يمضي الصهاينة مهزومين ومرغمين إلى الهدنة التي كتب اغلب بنودها وتفاصيلها أبطال ومقاتلي المقاومة الفلسطينية عقب مفاوضات شاقة وصعبة ومعقدة أجبرت الإحتلال الصهيوني على تنفيذ مطالب المقاومة كافة من خلال وساطة قطرية مصرية أمريكية تتضمن وقف القتال لمدة أربعة أيام متتالية وقابلة لـ التمديد.

وتتضمن الهدنة؛ التي ستدخل حيز التنفيذ صباح اليوم الخميس، وقف إطلاق النار من الطرفين، ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال في كافة مناطق قطاع غزة، ووقف حركة آلياته العسكرية المتوغلة في قطاع غزة، بـ الإضافة إلى إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية و الوقود، إلى كل مناطق قطاع غزة، بلا استثناء شمالا وجنوبا”، وفق البيان.

وتشمل أيضا ؛ إطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عاما، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء شعبنا من سجونه الاحتلال دون سن 19 عاما وذلك كله حسب الأقدمية، ووقف حركة الطيران في جنوب القطاع على مدار الأربعة أيام، ووقف حركة الطيران في شماله لمدة 6 ساعات يوميا من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الرابعة مساء.

وفي السياق قالت حركة المقاومة في بيان صادر عنها ؛ أنه وخلال فترة الهدنة يلتزم الاحتلال الصهيوني بعدم التعرض لأحد أو اعتقال أحد في كل مناطق قطاع غزة، فضلا عن ضمان حرية حركة الناس من الشمال إلى الجنوب على طول شارع صلاح الدين (شرق القطاع).

وختمت بيانها بالقول : إنه في الوقت الذي نعلن فيه التوصل لاتفاق الهدنة، فإننا نؤكد أن أيدينا ستبقى على الزناد، ونَعِدُ شعبنا أنَّنا سنبقى الأوفياء لدمائهم وتضحياتهم وتطلعاتهم في التحرير والحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وكانت المقاومة الفلسطينية قد أسرت نحو 300 صهيونيا من مستوطنات محيط غزة، بينهم عسكريون برتب رفيعة خلال عملية أطلقوا عليها إسم "طوفان الأقصى" نفذوها في السابع من من إكتوبر تشرين الأول الماضي.

المشهد العام يؤكد أن هناك العديد من المعادلات غير المعروفة لدى الصهاينة وحكومتهم على رأسها الداعشي "نتن ياهو" كانت العامل الأكبر لـ الرضوخ لشروط المقاومة الفلسطينية، من أبرزها حجم الضغط الذي خلقه الرأي العام في الكيان الصهيوني لإستعادة الأسرى، فضلا عن الرأي العام العالمي الذي ندد بالمجازر التي إرتكبتها هذه الحكومة وجيشها الإرهابي، والإتهامات الطائلة التي إتهمت "نتنياهو" وحكومته أنهم غير معنيون إلا بتدمير المقاومة الفلسطينية، حتى لو تمت التضحية بالأسرى كـ "كبش فداء”.

السيناريو الحالي لـ المشهد يعيدنا بـ التاريخ إلى ما قبل أربعين عاما في مشهد إنكسار وهزيمة للصهاينة تحديدا بتاريخ (23/11/1983) حين تم إنجاز أكبر صفقة أسرى في تاريخ الثورة الفلسطينية التي نفذتها حركة فتح، والتي تم بموجبها الافراج عن 4700 أسير فلسطيني وعربي مقابل 6 جنود صهاينة بعد مفاوضات استمرت نحو عام ونصف مع حكومة الكيان الصهيوني بمشاركة جهات دولية من ابرزها ألمانيا والنمسا والصليب الاحمر الدولي، وتم إجراء العملية في عرض البحر للاسرى الصهاينة الذين اعتقلتهم حركة فتح في منطقة "بحمدون" جنوب لبنان بتاريخ 4/9/1982، ووقع على الصفقة في حينها الشهيد الراحل خليل الوزير (أبو جهاد)، ووزير الحرب الصهيوني في حينه (موشي أرنز).

الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أكد في تصريحات إعلامية أن أهمية اتفاق الهدنة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني يكمن في البعد السياسي من خلال رضوخ الصهاينة للتعامل مع المقاومة كـ طرف سياسي، بـ الرغم من أن الصهاينة ومنذ اليوم الأول لـ عدوانهم على غزة أعلنوا في تصريحات صحفية أن الهدف من هذا العدوان "اجتثاث المقاومة، وعدم القبول بتوليها أي جوانب إدارية مستقبلية لقطاع غزة".

وأضاف، أن قاعدة الصهاينة قد كسرت وسيكون ما يتبعها من خطوات على الخيار ذاته، وهو من الناحية السياسية بالغ الأهمية للمقاومة بإقرار شرعيتها وتمثيلها، وثانيا إمكانية القبول بالأدوار السياسية المستقبلية لها في المعادلة الفلسطينية،
وتابع، أن الاتفاق كسر لاءات نتنياهو وحكومته الداعشية، عندما قال لا رفع للحصار ولا وقف لإطلاق النار إلا بعودة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، وبالتالي هنا يمكن أن يسهل أي خطوات وجهود دبلوماسية مقبلة لاستكمال باقي الملفات فيما يتعلق بالصفقات التالية أو خيارات انتهاء العدوان.

وفي السياق ذاته أكد محللين صهاينة أن هذه الهدنة إنجاز يحسب لـ المقاومة على حساب جيشهم الذي وصم بـ العار بعد كل هذه الهزائم المتتالية في قطاع غزة، وهذا ما أكده المحلل السياسي في "يديعوت أحرونوت” "ناحوم بارنياع" بقوله : أن هذه ليست صفقة، بل اضطرار، ولا مناص من دفع هذا الثمن.

وتطابقت رؤية "بارنياع" مع المحلل السياسي في القناة 12 العبرية "نداف أيال" الذي قال : إن الصفقة قرارٌ مفروغ منه، رغم كونها قراراً صعباً، وهذا ما أكده أيضا محلل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس” "يوسي فرطر" حين أوضح أن الصفقة كانت مطروحة على طاولة نتنياهو قبل أسبوع، لكنه رفضها في اللحظة الأخيرة، يوم الثلاثاء الماضي، لافتاً إلى أن التذبذب في الموقف ديدنه.

وتجدر الإشارة هنا ؛ إلى أن 35 وزيرا في حكومة الكيان صوتوا لصالح الاتفاق، بمن في ذلك وزير المالية "بتسلئيل سموتريتش" وأعضاء آخرون في الحزب الصهيوني الديني الذين أعربوا عن معارضتهم في البداية، فيما صوت ضده وزراء "عوتسما يهوديت” الثلاثة، "إيتامار بن غفير، يتسحاق فاسرلوف، وعميخاي إلياهو".

ومنذ 7 أكتوبر يشن جيش الكيان الصهيوني حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت أكثر من 14 ألفا و128 شهيدا فلسطينيا، بينهم أكثر من 5 آلاف و840 طفلا و3 آلاف و920 امرأة، فضلا عن أكثر من 33 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

فيما قتلت المقاومة الفلسطينية حوالي 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية تابعة لـ الكيان الصهيوني.