الأردنيون : "نموت عطشا لأجل فلسطين ولا نموت ذلا"
"الطاقة بدل المياه".. سياسية وليست لسد حاجة الأردنيين من الماء
"داعشي" الفكر "نفتالي" يستفرغ أفكارا متطرفة عبر منصة (X)
الأنباط – خليل النظامي
يدرك النظام السياسي الأردني تمام الإدراك بحكمته وذكائه أبعاد القرار القاضي بـ وقف إتفاقية الطاقة مقابل المياه التي عرف عنها في الأوساط السياسية كافة أنها ؛ "إتفاقية سياسية وليس إتفاقية لسد حاجة الأردنيين من الماء"، الأمر الذي يوضح لنا طبيعة التصاعد الهرمي لـ الموقف الأردني منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" إزاء المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة، كان آخرها الإعتداء على المستشفى العسكري الميداني الأردني، والذي قوبل بغضب شديد من قبل النظام الأردني، وشكلت لجان تحقيق في الإعتداء، وأعقبها تصريح لـ الملك عبدالله الثاني :"أننا سنتخذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع الهجوم على المستشفى الميداني الأردني" بدون مزيد من الإيضاحات.
وفي السياق ذاته نسمع أحاديث جادة في معظم الصالونات السياسية الأردنية تتمحور حول؛ أن هذا هو الوقت الأفضل لـ إلغاء كافة الإتفاقيات الموقعة مع الكيان الصهيوني على رأسها إتفاقية وادي عربة التي ضرب بها هذا الكيان عرض الحائط من خلال عدوانه على المستشفى الميداني الأردني، وما يحدث في الضفة الغربية حاليا خاصة التلويح بمسألة "التهجير"، والمجازر التي يرتكبها بحق أهلنا في قطاع غزة، والتي يرون أنها "مساس مباشر بـ المصالح والسيادة الأردنية".
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قد قال في تصريحات إعلامية إن الأردن لن يوقع اتفاقا لتبادل الطاقة والمياه مع الكيان الصهيوني، الذي كان من المقرر توقيعه الشهر الماضي، مشيرا إلى أن اتفاقية السلام الموقعة مع الكيان قبل عقدين هي الآن، في خضم الحرب الجديدة "وثيقة على الرف يُغطّيها الغبار".
الجدير ذكره هنا؛ أن إتفاقية الطاقة مقابل الماء تشمل عدة مشاريع في مجال الطاقة والمياه، تضمنت مشروعا واحدا مؤلفا من محورين، وهما برنامج "الازدهار الأخضر"، ويشمل تطوير محطات طاقة شمسية كهروضوئية في الأردن بقدرة إنتاجية تبلغ 600 ميغاواط، على أن يتم تصدير كامل إنتاج الطاقة النظيفة إلى الكيان الصهيوني، وبرنامج "الازدهار الأزرق" الذي يهدف إلى تطوير مشاريع تحلية مياه مستدامة في الكيان الصهيوني لتزويد الأردن بحوالي 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.
وكانت وزارة المياه الأردنية قد أعلنت آنذاك أن إعلان النيات الذي تم توقيعه يعني "الدخول في عمليّة دراسات جدوى خلال العام المقبل 2022، تفاوضية للبحث في جدوى مشروع مشترك للطاقة والمياه".
وفي المقابل خرج العديد من كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين في حكومة الكيان الصهيوني المتطرف بـ تصريحات مفادها؛ "ان خطوة صغيرة جدا باتت تفصل بين تردي العلاقات بين الأردن والكيان الصهيوني، مؤكدين أن الوضع بات خطير للغاية وقريب من قطع أشكال العلاقات كافة بينهما، بحسب ما نقلته صحيفة "يديعوت احرنوت" الصهيونية.
وتابعت "أحرنوت"، وفقا لـ مصادر صهيونية رفيعة، إن تردي العلاقات بدأ يأخذ شكلا مغايرا بعد المقابلة التلفزيونية التي أجرتها قناة (CNN) الأمريكية مع الملكة رانيا العبدالله، والتي أكدت فيها عدم ثقتها بـ رواية "الكيان الصهيوني" حول مجازر القتل الجماعي في قطاع غزة، ما أثار حفيظة كبار المسؤولين في الحكومة المتطرفة".
وأضافت الصحيفة، أن مقال الملك عبدالله الثاني الذي نشره في صحيفة "واشنطن بوست" منتقدا فيه على نحو خاص الكيان الصهيوني، كان بمثابة ضربة قاسية وموجعة تلقاها الصهاينة في عقر دارهم، فضلا عن الضربة التي تلقوها من وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في مؤتمر البحرين حين أعلن عن إيقاف العمل بـ إتفاقية الطاقة مقابل المياه، وقال : "أن حركة حماس هي فكرة، ولا يمكن القضاء عليها بضربة واحدة".
وكان من أبرز الغاضبين على إثر الموقف الأردني الشجاع والجاد إزاء ما يحدث في فلسطين رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق "نفتالي بينت" الذي يعتبر من أحد تلامذة المتطرف "نتن ياهو"، الذي غرد عبر منصة تويتر قائلا :"روجت الحكومة التي قدتها هذا الاتفاق (الطاقة مقابل المياه)، وأستطيع أن أقول بأوضح صورة: لدى "إسرائيل" مصادر طاقة كافية لتوليد الكهرباء؛ الأردن لا يملك ما يكفي من المياه لشعبه، لقد فعلنا ذلك لمساعدة جيراننا المتعطشين للمياه.. إذا كان قادة الأردن يريدون أن يعطش شعب الأردن، فهذا حقهم".
ويبدو ان "نفتالي" ذو العقل المتعفن والفكر الداعشي، المنحدر من مرتزقة الصهاينة المشردين حول العالم، يعتقد أن الأردن والأردنيين يأبهون لـ دعارته الفكرية التي غرد بها عبر منصة (X) عقب تصريحات المقاتل الأردني غير الملثم وزير الخارجية أيمن الصفدي حول إلغاء ووقف العمل بـ إتفاقية الطاقة مقابل المياة المشؤومة والمرفوضة شعبيا.
"بينت" الداعشي الفكر يعيش حالة من الوهم الخيالي يعتقد من خلالها أن حديثه سيشكل أهمية عند صناع القرار في المملكة الأردنية الهاشمية من جهة، وأن الأردنيين سيثورون غضبا على نظامهم وحكومتهم إثر المواقف البطولية المشرفة إزاء العدوان الصهيوني على غزة من جهة أخرى.
وهذا إن دل على شيء فـ إنما يدل على أن هذا "الداعشي المتطرف" لا يعي مستوى عمق "الإنتماء والولاء" المتغلغل في قلوب وعقول الأردنيين إتجاه وطنهم وقياداتهم، ولا يدرك حجم الحقد الدفين الذي يعشعش في قلوبهم بـ المقابل ضد الصهاينة وضد هذا الكيان الغاصب المتطرف.
ويعتقد الإمعة الصهيوني "نفتالي" ان الجملة التي أتبعها في تغريدته : "أن الأردن لا يملك ما يكفي من المياة لشعبه"، ستشكل تهديدا على منظومة الأمن المائي الأردني وتفرض على الأردن تغيير مواقفه إزاء ما يحدث في غزة، إلاّ أن الصدمة التي ذاق مرارتها "بينت" ان جملته قرأت في المطبخ السياسي ومن صناع القرار في الأردن على أنها تحفيز لهم ولـ الدولة على إيجاد بدائل المصادر المائية العربية والوطنية والموجودة بـ كثرة بحسب تصريحات الخبراء والمتخصصين في الأردن.
بـ المقابل وعلى الصعيد الشعبي فـ لسان الأردنيين لا يغرد سوى جملة واحدة يردون بها على تصريحات الخنزير الصهيوني تتمثل بـ "نموت عطشا لأجل فلسطين ولا نموت ذلا"، وهذا الحال ليس بـ جديد على شعب كـ الشعب الأردني الداعم منذ قرون طويلة بكل أشكال الدعم والمؤازرة القضية الفلسطينية، ومواقف وقرارات حكومته وقيادات نظامه السياسي الشجاعة الحكيمة.
من الجدير بـ الذكر هنا أن اتفاقية الغاز تعدّ من أهم روافد حكومة الكيان الصهيوني، حيث يدفع الأردن قرابة 600 مليون دولار سنويا، ويعوّل الكيان بشدة على هذا الاتفاق لاستدامة الجدوى الاقتصادية لحقولها في شرق المتوسط.
حيث يستورد الأردن 95% من احتياجاته من الغاز الطبيعي من الكيان الصهيوني ضمن اتفاقية تستمر لـ 15 عاما، بقيمة ما بين 10 و15 مليار دينار أردني (14 مليار إلى 21 مليار دولار)، إذ تنص الصفقة على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
وبحسب خبراء فإن إلغاء إتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني وقطع خط الغاز يعني تجفيف واردات العدو الصهيوني بقيمة 25 مليار دولار، ما بين صفقتين، واحدة مع الأردن والثانية مع مصر تمر من الأردن، وهو ما يشكّل ضربة لخطته بالاندماج الإقليمي الإستراتيجي.