الشيف ياسمين ناصر... شغف الطهي ينتصر على عالم الشركات
أن تمسك طفلة صغيرة بملاعق الطبخ بدلا من ألوانٍ وردية وأن تستعيض عن ذلك المسحوق اللامع بتوابل صفراء ذات رائحة قوية، وأن تحلم أن تدخل مطبخاً واسعاً عوضاً عن قفصٍ ذهبي هذا يعني أنك في عالم طفولة الشيف ياسمين ناصر التي لم تكن كأي طفلة عادية باهتماماتها، فقد كان جل سعادتها حين تدخل المطبخ بصحبة والدتها، فتراقب بفضول لمساتها الذهبية في تقطيع الخضروات وتلك المساحيق السحرية -كما كانت تراها- والتي ترشها في ذلك الوعاء، فتغمض عينيها لتستنشق الأبخرة التي تحوم حولها وتتحدى نفسها بمعرفة المكونات السرية لذلك الصنف.
من هنا غدا الطبخ هواية الشيف ياسمين، واتخذت من المطبخ ملاذاً تدخله كما يدخل المتأمل معبده، هو مكانها الخاص الذي تطلق العنان لإبداعها في اللعب بأدواته، فتفرغ ضغوطات يومها في طبخة لتشحن طاقتها الإيجابية مجدداً. لكن وعكس المتوقع لها درست ياسمين إدارة الأعمال والتسويق في الجامعة، وبعد تخرجها عملت لمدة ثلاثة عشر عاما في مجال الدعاية والإعلان حققت خلالها الكثير من النجاحات على الصعيد العملي، حتى وصلت لمنصب رئيس قسم خدمة العملاء في شركة دعاية وإعلان عالمية أشرفت خلالها على دول المشرق العربي، ثم انتقلت كرئيس تنفيذي لتطويرالأعمال في شركة عالمية أخرى.
على الرغم من وصولها لقمة النجاح في عالم الشركات، إلا أن حلم ياسمين في أن تكون في المكان الذي تعشق لم يبرح بالها، فوثبت بخطوة واثقة خارج المجال لتقفز داخل حلمها وتبدأ بتحقيقه، فالتحقت بمعهد لو كوردون بلو لفنون الطهي في لندن، حيث تخرجت منه بمرتبة الشرف. ثم التحقت بدورات تدريبية في أقاصي العالم من مثل تايلاند وإيطاليا تطرق الأبواب لتوسّع من التنوع بالوصفات وطرق الطهي الخاصة بهم، فهي تؤمن بأن المطبخ مرآة الشعوب يعكس معه حضاراتهم وتاريخهم.
ظهرت الشيف ياسمين على الشاشة لأول مرة من خلال برنامج ‘ يلا نطبخ’ والذي عُرض على قناة رؤيا في رمضان 2023 حيث كان لها حضوراً مميزاً، فاستطاعت بعفويتها ومرحها أن تدخل قلوب الجمهور خصوصاً الشباب منهم، فتركت بصمتها الخاصة في عالم الطهي، وأصبح لها وسمها الشخصي فما أن تسمع جملة مثل: " يلا فاهيتا" حتى تعرف أن ياسمين ستدخلك معها عالماً مكسيكساً بطريقتها المبسطة. لعل أن أكثر ما يميز وصفات ياسمين أنها من ذاكرة الجدات أحيتها قبل أن تندثر، فجددتها ووضعت لمساتها الخاصة عليها وأصبحت وصفاتها من الأكثر تداولاً على منصات التواصل الاجتماعي.
تطل علينا ياسمين أيضا من خلال برنامج ‘مطبخ رؤيا’ اليومي، فتتواصل مباشرة عبر الشاشة مع متابعينها، فتلهمهم لإعداد أطباق جديدة، وتعطي نصائح عملية قد تكون جديدة عليهم، فتحدث فرقاً كبيراً وتسّهل عملية الطبخ لهم.
لعل سر نجاح ياسمين يكمن في نظرتها الرومانسية لفن الطهو فهو بالنسبة لها "أن تجمع عطايا الله وبدقة شديدة تمزجها معاً، ثم تضيف بضع قطراتٍ من الحب عليها". اليوم تجني ياسمين ثمار سنين من الشغف وتطوير مهنة بدأت كهواية، وأصبحت واقعاً تعيشه كشخصية مؤثرة في مجال الطهي وكمطورة لوصفات الطبخ تختزل فيها مغامراتٍ عاشتها في مطابخ عالمية ونكهاتٍ تذوقتها لأول مرة في حياتها، فجمعت الخبرة والعلم وقدمته وصفةً لمتابعينها بإسلوبها الراقي والمرح.