العدوان الصهيوني على غزة وأثره على الاقتصاد الأردني

عايش: اقتصادية دراماتيكية ربما تحل بالمنطقة إذا لم يتم إيقافه

صلاحات: القطاع الصناعي تضرر.. وخسائرنا الشهرية تقارب الـ 30 مليون دولار

عايش: التوقعات بالشأن الاقتصادي الأردني ستتغير جذرياً

 
الحاج: الصادرات الأردنية لفلسطين تأثرت ويجب على الحكومة تدارك الأمر

مصدر: إلغاء جميع الحجوزات السياحية حتى نهاية العام

المجالي: الأردن لا يستورد أي منتج من الجانب "الاسرائيلي" ولا تأثر على الصادرات الزراعية


فريق الأنباط

من المتوقّع أن تكون لعملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها ‏‏المقاومة ‏الفلسطينية ‏7 أكتوبر ضد الاحتلال، تأثيرات ‏كبيرة ‏ على الاقتصاد ‏الأردني، نظراً لإرتباط الأردن ‏وفلسطين في العديد من الملفات السياسة ‏والاقتصادية ، وباعتبلرها ‏المنفذ الوحيد لخروج السياح الفلسطينيين ونقل ‏البضائع ‏والتبادل التجاري بين العديد من دول المنطقة ، عدا عن ‏التؤامة ‏الاقتصادية في عدة مجالات مثل الاتفاقيات المبرمة ‏بين غرف التجارة ‏والصناعة بين البلدين، والبرامج المشتركة بين الكيان المحتل وفلسطين المحتلة والأردن في الجانب السياحي الذي عاد لانتعاشه منذ بداية العام. ‏‎


بدوره، أكد مصدر مطلع لـ"الأنباط" أن هناك انخفاضًا ملحوظًا في مبيعات المحروقات في الأردن يقدر بـ 10% ، بسبب العدوان الصهيوني على غزة، وذلك لأن الاضطرابات والتوترات في المنطقة يمكن أن تؤثر على توريد النفط والغاز إلى المملكة، مما يؤدي إلى تقليل المعروض وزيادة الأسعار.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي حسام عايش أنه لا شك أن الربع الرابع من العام 2023 الحالي يظهر أن المؤشرات الاقتصادية المختلفة للأردن والدول الأخرى في المنطقة ستتأثر بتداعيات الحرب الإسرائيلية الإجرامية على غزة. ومن بين أسباب ذلك أن حالة عدم اليقين التي يعيشها الناس توقفت إلى حد كبير أنشطة كانت واعدة في 3-4 سنوات الأولى من عام 2023 تراكمياً من العام 2022، وبالذات عندما نتحدث عن النشاط السياحي والإيرادات السياحية وعدد السائحين، سواء كان بشكل عام أو عدد ليالي الإقامة التي قاربت الأربعة ملايين ليلة. ونحن نتحدث إذن عن حالة تعافي ليس تعافيًا فقط بل عودة إلى مستويات متقدمة من النشاط السياحي.

وأضاف ، في الربع الرابع نلاحظ إما توقفاً أو تراجعًا كبيرًا في هذا النشاط لأسباب تتعلق بالحرب على غزة، بالإضافة إلى أن الناس إما يتضامنون مع أهل غزة أو يقاطعون فعاليات أو مؤسسات أو شركات أو محلات تتبع لشركات في الدول المؤيدة للعدوان أو الدعم له أو المشاركة فيه، ةهذا يقلل من الإنفاق ويخفض حركة النشاط التجاري، باإضافة إلى أن المواطنين قللوا من حركتهم من وإلى الأسواق على قاعدة متابعة ومراقبة تطورات الأحداث في غزة مما خفض من الطلب على منتجات النفط ومشتقاته، وبالتالي سيؤدي إلى تراجع إيرادات الحكومة من المشتقات النفطية.



وتابع، أن هذه المعطيات ستؤدي إلى معدل نمو أقل مما كان متوقعاً في الربع الرابع، حيث كان المعدل الاقتصادي في الربع الأول أعلى من المعدل المتوقع للعام 2023 بنسبة 8.10% مقارنة بالمعدل المتوقع البالغ 7.10%. وبالتالي، أعطى دفعة اقتصادية ومعنوية للعام 2023، لكن الربع الرابع سيؤثر على مجمل النمو الاقتصادي الذي قد يتراجع.

و سيؤثر على المداخيل السياحية وبالتالي سيقلل من التوقعات لموسم سياحي متميز، وتقليل الإنفاق يعني تباطؤًا في الحركة التجارية، وهذا سينعكس على الإيرادات الحكومية بشكل عام وبالذات الضرائب بالأخض ضريبة المبيعات، بالإضافة إلى إحتمالية أن يكون هناك عجز الميزانية في الربع الرابع أكبر من التوقعات كما كان مخططاً في الميزانية التي بلغت 8.8 مليار دينار.

وأشار عايش إلى أن المديونية بناءً على هذه الميزانية ستزيد عن التقديرات البالغة حوالي 2.1-2.2 مليار دينار، وربما نشهد زيادة في المديونية إلى حدود تقترب من 2.5 مليار دينار للعام 2023، مما سيزيد من تكاليف الفائدة والأقساط المستحقة على زيادة هذه المديونية، الأمر الذي سيؤثر على الفرضيات التي قامت عليها ميزانية العام 2023، خصوصاً إذا ما تراجعت حركة التبادل التجاري سواء تصديراً أو استيراداً وحتى على الإيرادات والضرائب الحكومية المفروضة على المعاملات الخارجية.

وبين، أن حالة عدم اليقين أو عدم الاستقرار ستؤثر بالتأكيد على قطاع العقارات، وبالتالي سيتراجع التداول العقاري بناءً على هذه الحالة غير الواضحة للأوضاع السياسية، وبالنظر إلى التهديدات الإسرائيلية فيما يتعلق بتهجير الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية، ربما يفتح ذلك بابًا لصراع أكبر في المنطقة أكثر من ذلك وهذا يمكن أن يشمل توسع الحرب على غزة لتشمل دولا أو مناطق جديدة مثل جنوب لبنان و فصائل مرتبطة مع إيران و اليمن والعراق وسوريا، ربما يدفع لزيادة أسعار النفط والغاز، وبالتالي تؤثر حتى على عودة معدلات التضخم التي نزفت الكثير من الأداء الاقتصادي عندما رفعت أسعار الفائدة وما زالت مرتفعة، وربما ترتفع أكثر لأسباب أخرى تتعلق بفلسطين المحتلة ومعدلات التضخم فيها، ما سيؤدي إلى انتكاس في مواجهة هذه المعدلات.

واستطرد، أن كل ذلك أيضًا مع مخاوف تتعلق بإمدادات الغاز، خاصة وأن حقول في إسرائيل مثل التمار توقفت عن الإنتاج، وإذا ما توسعت الحرب وتحولت إلى حرب إقليمية شاملة، فإن منصات إنتاج الغاز على مقابل فلسطين المحتلة ربما تتعرض للهجمات، مما يعني أن الغاز الوارد إلى الأردن سيتوقف ، كما توقف من مصر، وبالتالي ستزداد مديونية شركة الكهرباء الأردنية بناءً على ذلك ، مع كل النتائج الأخرى المترتبة على هذا التوقف، فإن الأمر ربما يتكرر مع الغاز الوارد من فلسطين المحتلة وربما يتوقف، وربما تقل الكميات و تجادل أو تناقش إسرائيل بأن هناك حاجة لمزيد من الأموال، وبالتالي أن تتفاوض على رفع أسعار المتفق عليها في متعلق بأسعار الغاز. لذلك، الحقيقة الرابعة ربما يكون استثنائيًا في حياة الأوضاع الاقتصادية الأردنية وفي المنطقة، وحتى بالتداعيات العالمية.

و لفت إلى أنه يترتب على ذلك تداعيات تتعلق بكثير من المؤشرات الاقتصادية، وبالنتيجة، فإن ذلك قد يؤدي إلى شكل من الانتكاسة في التفاؤل الذي ساد في العام 2023، حيث كنا على أبواب بدء العمل برؤية التحديث الاقتصادي، وأتوقع أن الحرب إذا ما توسعت واستمرت لفترة طويلة، أن الكثير من الأفكار والخطط والبرامج ستتأثر، وإما أن تتوقف أو تتغير أو تتباطأ، وهنا أتحدث عن مشاريع مشتركة مثل الطاقة والمياه مثلاً، ومشروع الممر الاقتصادي الذي تم الحديث عنه ، إذا نحن نتحدث عن تغيرات لا تتعلق بأسعار الطاقة في الأردن والإيرادات منها فقط بل اقتصادية دراماتيكية ربما تحل بالمنطقة إذا لم يتم إيقاف هذا العدوان وإذا توسعت دائرة المشاركين في هذه الحرب المجنونة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة. وإذا ما فعلاً تحولت الخطط غير المنطلقة بشأن تهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة إلى خطط عملية نراها على الأرض، ما سيعيد النظر في كل ما كان يتم التخطيط له اقتصاديا وسياسيا.

من جهته أكد مصدر مطلع لـ"الأنباط" أنه تم إلغاء جميع الحجوزات السياحية حتى نهاية السنة ، كما إنخفضت حجوزات الفنادق بنسبة كبيرة جداً ، ويرجع ذلك بحسب المصدر إلى إعتماد القطاع بالغالب على حجوزات السياحة المشتركة ما بين الأردن وفلسطين المحتلة والكيان الصهيوني و السبب الآخر هو أن أغلب السياح من الفئة العمرية المتوسطة والذين لا يفضلون أن يأتوا إلى منطقة ملتهبة وفيها حروب ، بالإضافة لذلك قام المجتمع الأردني بإلغاء جميع المناسبات والأفراح والمؤتمرات والمعارض في جميع الفنادق تعاطفا مع الشعب الفلسطيني نتيجة للعدوان الواقع عليه ، وتوقفت بالمجمل الدعوات والمناسبات من قبل الحكومة والجهات الرسمية حتى إشعار آخر.

وأوضح ذات المصدر ، أن نسبة الإلغاء منذ بداية العدوان بدأت تصاعدية فكانت بداية نسبة بسيطة لا تتجاوز ٢٠٪؜ لكن مع ازدياد شدة العدوان على غزة تعدت ٧٠٪؜ الى أن وصلت إلى أكثر من ٩٧٪؜ ، مشيرا الى عدم وجود بوارق لحل سياسي وعسكري للعدوان على غزة مما أدى إلى رفع هذه النسبة .


وقدم بعض الحلول المقترحة للحصول على مصدر دخل بديل وزيادة الإقبال على السياحة وإنعاش الحركة بالقطاع من خلال بتشجيع السياحة الداخلية وعمل عروض لعطلة نهاية الاسبوع ، وتكثيف المؤتمرات والمعارض بما تتناسب مع الأحداث الواقعة ودعم أهالي فلسطين والقطاع.

بدوره قال الناطق الإعلامي لغرفة صناعة الأردن، محمد صلاحات، لـ "الأنباط" إنّ القطاع الصناعي تضرر بشكل كبير بسبب توقف التبادلات التجارية جراء إغلاق المعبر الذي يؤدي إلى خسائر شهرية تقارب الـ 30 مليون دولار بشكل مباشر من صادرات صناعية وطنية، بالإضافة إلى الآثار غير المباشرة لهذه الصادرات على القطاعات اللوجستية والخدماتية والمالية الأخرى.

وتوقع، أن استمرار العدوان سيترك العديد من التداعيات على أسعار النفط الخام والغاز وبالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج الصناعي، الذي تشكل تكلفة الطاقة الجزء الأكبر من استهلاكه، وهذا ما سيثقل كاهل القطاع، بالإضافة إلى ارتفاع أجور الشحن، ما يرفع تكلفة الاستيراد والتصدير، وبالتالي تراجع تنافسية المنتج الوطني في الأسواق المحلية والعالمية.

وفي الجانب الآخر، هناك تأثيرات على تجارة الأشقاء الفلسطينيين أيضًا سواء للسوق الأردني أو إلى العديد من الأسواق الأخرى، حيث إن الأردن يعد المنفذ الوحيد لحركة الفلسطينيين وكذلك الاستيراد والتصدير.

وأكد أن الأردن بكافة قطاعاته وخاصة الصناعية منها، لا ينظر بهذه الظروف إلى الخسائر الاقتصادية، بل على العكس قادرون على تحمل أي تكلفة في سبيل نصرة أهلنا في فلسطين ودعم صمود غزة ونصرتها، مبيناً أن غرفة الصناعة أطلقت حملة تحمل اسم "حملة وفاء الدين" استجابة لنداء الواجب والمساهمة في تقديم المعونة لأهلنا في فلسطين والوقوف معهم ضد الهجمة الشرسة للاحتلال الغاشم عليهم. متمنين توقف العدوان الغاشم سريعًا لإيقاف الخسائر في الأرواح، وهذا الأهم والأولوية القصوى لنا جميعًا، ومن ثم توقف الخسائر الاقتصادية لاحقًا باعتبارها ثانوية.

وأشار إلى أن القطاع الصناعي خلال الفترات الماضية تحمل تعبآت كثيرة نتيجة الأزمات في دول الجوار، والتي كان من أبرزها؛ انخفاض الصادرات الوطنية إلى العراق والتي لم تعد إلى الآن إلى سابق عهدها ما قبل العام 2015، والأزمة السورية حيث كانت سوريا سابقًا تعد معبر تجاري مهم للصادرات الوطنية إلى العديد من الدول، حتى الأزمة في لبنان ألقت بتداعياتها على القطاع الصناعي وأثرت سلبًا على التبادل التجاري مع العديد من الدول العربية، وهذا كله انعكس سلبًا على حصة صادرات الأردن للدول العربية وعلى وجه الخصوص دول الجوار من إجمالي صادرتنا الوطنية، إذ كانت تستحوذ الدول العربية في السابق على ما يقارب نصف الصادرات الوطنية، في حين لا تتجاوز اليوم حصتها من إجمالي صادراتنا الوطنية حاجز ال 35%.

وبين أنه على الرغم من ذلك حقق الأردن العديد من العوائد الإيجابية جراء الأزمات في بعض دول الجوار، حيث أصبح الأردن ملاذًا أمنًا للاستثمارات من مختلف هذه الدول التي واجهت أزمات على رأسها، العراق وسوريا وليبيا ولبنان وغيرها من الدول نظرًا لمستوى الأمان والاستقرار العالي الذي يمتلكه الأردن، وهذا ما ساهم في نهضة القطاع الصناعي وبالتالي نمو الاقتصاد الوطني.

من ناحيته صرح رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج أنه لا يمكن أن تكون الأردن بمناءة عما يجري في غزة خاصة من الناحية النفسية وإرتباط الشعب الأردني بالشعب الفلسطيني وجداني ، الأمر الذي أثر على المبيعات وتراجع كبير في المطاعم والمنشآت السياحية واستهلاك الغذاء ،‏مشيرا إلى ان نسب إلغاء حجوزات الفنادق والمطاعم السياحية بلغت 60% إلى 80% في شهر تشرين الثاني وكانون الاول بالتالي تزويد هذه المنشآت بالمواد الغذائية تراجع .


وزاد، ان الصادرات الأردنية لفلسطين تأثرت بسبب عرقلة الاحتلال لدخول البضائع أحيانا، موكدأ واجبهم بالتوازي بـ الوقوف مع اهالي غزة في المحافظة ايضأ على اقتصاد البلد ، موضحا أن توسع رقعة الحرب ‫‬ سيكون لها تداعيات ستؤثر على اسعار الشحن وسعر التأمين البحري ‫الذي بدوره يرفع الكلف على القطاع، ‏متوقعاً أن تتراجع الصادرات لان كثير من الدول العربية والإسلامية تراجعت فيها الصادرات جراء الحرب في غزة.

‏وشدد الحاج على ضرورة قيام الفريق الاقتصادي في الحكومة بتشكيل خلية أزمة استباقية  بالتعاون مع القطاع الخاص لوضع كل السنيورهات لنكون مستعدين لكل الاحتمالات ، مؤكداً وقوف القطاع الخاص إلى جانب الدولة ليقدم المساعدات،وانه في حالة استنفار في كل المجالات.

من ناحيته أوضح الناطق الإعلامي لوزارة الزراعة لورانس المجالي لـ "الأنباط" أن الأردن لا يستورد أي منتج من الجانب الاسرائيلي، مشيراً إلى أن ما يخص الشركة الأردنية الفلسطينية لتسويق المنتجات الزراعية فإن الشركة ماضية في فتح أسواق جديدة، ووصل عددها حتى الآن إلى 23 سوق، والعمل على استهداف 10 أسواق أخرى، مؤكداً أنه لا تاثير على الصادرات الزراعية الأردنية للأسواق الأوروبية والأقليمية والزراعات التعاقدية مع المزارعين.