إبراهيم أبو حويله يكتب : التهجير سياسة ...



يبدو أن الغرب يؤمن بأن التهجير هو السياسة التي يجب إنتهاجها عندما تواجه مشاكل ، هذه العقلية معتادة على مثل هذا الإجراء منذ زمن بعيد ، فقد بدأ التهجير قديما وحديثا ، فعندما بدأت مشكلة المجرمين في بريطانيا تخرج عن السيطرة ، تم وضع المجرمين في سفن وإرسالهم عبر المحيط إلى إستراليا ، وعندما بدأت مشكلة البروتوستنت في الظهور ، تم تهجير أتباع الدين الجديد إلى أرض الأحلام أمريكا ، وعندما ظهرت مشكلة يهو د الخزر ولم يستطع المجتمع الأوروبي تقبلهم ، ولم ينخرط هؤلاء في المجتمعات الأوروبية تم تهجيرهم إلى فلسطين لحل هذه المشكلة على حساب الفلسطينين ومنح أرضهم لليهو د ، وهكذا في كل مرة ظهرت مشكلة كان الحل هو في تهجيرها والإنتهاء منها . 

ولذلك ما زالت هذه العقلية تتعامل مع المشاكل من خلال هذا المنطلق ، لماذا لا يريد هذا العقل أن يستوعب أن حل المشكلة بمشكلة سيولد مشكلة جديدة أو مشاكل جديدة  ، كما يقول عالم منهم وهو ميرفي ، لماذا لا يكون حل هذه المشكلة من خلال التوافق والخروج بحل عادل يناسب جميع الأطراف ، لماذا يجب أن أحتلك أو أقتلك أو أرحلك . 

لم يكن الإسلام في تاريخه يوما يسعى لحل المشاكل وفق هذه العقلية التهجيرية أو الإحلالية ، ولكن هذا الفكر هو فكر غربي بإمتياز ، تدخل إستراليا وتبيد جميع أهلها وتبقي قلة قليلة منهم ، لتحتفل بهم في المناسبات والأعياد الوطنية ، وهذا ما حدث في أمريكا وفي كندا ، وحاولت فرنسا القيام به في الجزائر والمغرب العربي بقتل أهل البلد أو تهجيرهم ، وإحلال الدم الجديد مكانه . 

ما يحدث اليوم في فلسطين هو متسق تماما مع هذا الفكر ، هناك مشكلة في غزة ونريد الأرض لمشروع معين ، أو نريدها خالية من أهلها هكذا لأننا لا نحبهم وهم يصطنعون المشاكل ولا يريدون الاحتلال.

لذا  رحل أهل غزة إلى سيناء ومناطق مختلفة ، وهيء الوضع للخطة الجديدة ، وهذا ما سيحدث غدا مع الضفة الغربية ، وما سيحدث مع الفلسطينين الإصليين في المناطق المحتلة عام ثمانية وأربعين ، وعندها نحتفل بيهو دية الدولة ، أو نهيء الوضع للنهاية الكبرى. 

هل سيقبل العالم اليوم هذه الحلول ، وهل الكيان ومن حالفه قادرون على تمرير هذا الحل ، نعم ستكون المحاولة جادة ومؤلمة وكبيرة في نفس الوقت ، ولكن القرار في الغرب دائما قائم على تقدير المصالح والقوى وإعادة التفكير ، في حال إرتفعت تكلفة هذا الحل عن القدرة على التحمل ، وهذه التكلفة بشقيها المادي والمعنوي هي الإساس في إعتماد الحل أو تأجيله أو إلغائه . 

نعم للإسف لا صوت يعلو فوق صوت التكلفة وليس المعركة للإسف ، عندما ينزعج الكيان وحلفائه من التكلفة البشرية المرتفعة عندهم وليس عندنا ، وعندما ترتفع التكلفة المادية عندهم وليس عندنا ، وعندما يحاول العرب ومن ورائهم من المسلمين عبر هذا العالم رفع التكلفة على هذا الكيان وعلى حلفائه من خلال العقود والمشاريع والمواقف والمقاطعة ، وليس المواقف العسكرية طبعا ، فهذه لها أهلها ، عندها فقط سيقف هذا التهجير وتقف الحرب ويقف المخطط . 

وبعدها قد يسعى الكيان وحلفائه للبحث عن حل أخر يكون أقل تكلفة عليهم  ، وليس بسبب التكلفة المرتفعة عندنا . 

لقد إنكشف الكيان ومن خلفه من الحلفاء والداعمين والمشاركين بشكل مباشر ، وما يخيفنا حقا هو عدم وجود حد تقف عنده هذه القوى المستعمرة الساعية للسيطرة ، فهي تريد يعني تريد ، وما تريده يجب أن يتحقق بالكيفية التي تريد . 

لذلك كشف هذا الموقف الخلفية التي يتعامل بها قادة العالم الغربي مع العرب والمسلمين ، وكشف زيف إدعاءاتهم ، وكشف إن القوة والمصلحة هي الإساس الذي يتحاكمون إليه ويتعاملون من خلاله . 

وهنا نعود بقوة إلى نقطة التحالفات العربية الإسلامية الشرقية المناهضة لهذا المحور ، وضرورة إيجاد هذا النوع من التحالفات وسريعا ، وإلا كان الجميع في دائرة إستهداف هذه القوى التي ما زالت تتعامل وفق منطق الإستعلاء والسيطرة والتبعية . 

رأي في الأحداث . 

إبراهيم أبو حويله ...