إبراهيم أبو حويله يكتب :الهدف ومن النهاية ...


في البداية نتمنى ونريد ونحاول ونجتهد ونحلل ، وكل ذلك طبعا ألما ورغبة وطمعا وفزعة لهذه الفئة التي تتصدى لكل هذا الظلم والطغيان وحدها ، وكم نتمنى أن نملك تلك القوة التي تشكل ردعا لعنجهية عالم متغطرس ظالم مستبد ، يسعى بكل السبل للتنكيل بالضحية ، لأنه يقول بأنه ضحية تم سرقة أرضه وماله ، ويسعى لشيء من كرامة يحيا بها على هذه الأرض الفاسد أهلها ، والذين يجتمعون على الظلم والقتل والتشريد والتهجير ، وكل ذلك بزعم الحضارة العارية من كل القيم الإنسانية والأخلاقية .

ولكن ...

نعم اليد العليا خير وأحب ، والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، ونعم وأعدوا لهم من قوة ومن رباط الخيل ما ترهبون به عدوكم ، ولكن لو تدخلت بعض البلدان من هنا وهناك ألن يخف الألم عن هذه الفئة وتشعر بالمواساة والقوة ، وتشد عضدها بإخوانها ، الذين تخلو عنها سابقا وفي هذا الموقف الحرج ، وتركوها تواجه قوى الظلم والطغيان وحدها بلا ناصر ولا معين .

ثم ...

أستدرك بأن بعض المواقف هي تماما مثل قصة أبي بصير الذي وصل إلى المسلمين بعد أن تم توقيع المعاهدة مع كفار مكة ، ولا مجال للدخوله في حمى المسلمين فيجب أن يعود ، هي حالة من الضعف تجعل حتى بعض الصحابة يغضب ، وهي حالة من الضعف في الأمة تدفع الأمة ثمنها ، فعدم وجود دولة محورية سنية ، كما كان الوضع دائما على مدى أربعة عشر قرنا مضت ، جعل الأمة اليوم لقمة سائغة لهذا الكيان وللدول الغربية ، ولكن ما حدث كان فيه أيضا مصلحة للمسلمين يجب أن لا نغفل عنها ، حيث تجمع الصحابة سابقا واصبحوا قوة تضرب مصالح الكفار في مكة وتؤثر على تجارتهم وحركتهم ، وهم في النهاية من طلب من الرسول صل الله عليه وسلم تغيير هذا البند في المعاهدة ، أرى في هذه الفئة التي تجمعت ، وقد إلتفتت إلى نفسها وإلى أماكن قوتها ، وجعلت الإستعداد لكل ظرف طارئ دأبها ، والتأهب والحرص على إستغلال كل فرصة حالة وجودية ، ساهمت هذه الحالة بشكل كبير بأن تصبح هذه القوة رقما صعبا ، لا يمكن تجاوزه ، بل ويعتمد عليه المحيط العربي في إيجاد الحلول بعيدا عما يسعى إليه التحالف الغربي .

نعم ...

لا مصلحة في موت الأطفال والنساء والرجال المدنيين والكبار في السن والأمنين في بيوتهم ، ولا مصلحة في تدمير بيوتهم وأحيائهم على رؤوسهم ، ونعم لا مصلحة في إعداد الأخديد وحرق المؤمنين من الرجال والنساء والأطفال فيها إن لم يرجعوا عن دينهم ، ولا مصلحة في مقتل ذلك الفتى الذي أخبر الملك بأنه إذا أردت أن تقتلني فعليك أن تجمع الناس في صعيد واحد وأن تقول باسم الله رب الغلام ، عندها فقط تستطيع قتلي .

ثم ...

مع كل هذا الألم وهذه التضحية تخرج إلى النور مواقف هنا وهناك ، تجعلك تعيد حساباتك ، فتلك الفئة المستضعفة التي لم تكن تملك إلا الحجارة ، هي اليوم قادرة على إلحاق ضرر كبير بهذا العدو، وكل من خلفهم من الحلفاء ، وقد تجمعت أساطيلهم في البحر المتوسط وهي بالعشرات ، وبدأت الاصوات التي كانت تعلو بشيطنة المقاومة وأنها السببب في كل ما حدث وأصل الشر ، تجد نفسها في موقف دفاع وتبرير عن هذا المحتل وتصرفاته ، وتبحث عن السبل لأخراج نفسها من الحرج الذي وقع عليها ، نتيجة تصرفات هذا الكيان بهذه الطريقة الوحشية .

والنتيجة ...

أن المواقف التي إستطاعت المقاومة تحقيقها من حيث إعادة القضية إلى الواجهة وبقوة رغم كل الصلف والتعنت من الكيان وحلفائه ، وإستطاعت المقاومة بإلتزامها بالأخلاق أن تفرض نفسها بقوة على الشارع العالمي وهذا أدى إلى ظهور مدافعين وفئات حتى من اليه ود أنفسهم تتبنى وجهة نظر المقاومة وشرعيتها، وقدسية قضيتها في الدفاع عن نفسها وأرضها وحقها في الحياة الكريمة التي تحفظ الإنسان والأرض والدين ، نعم نرفع أكف الضراعة إلى الله بأن يتقبل الشهداء ويربط على قلوب الصابرين ، ويجب أن نسعى بكل السبل لتعظيم إنجازاتهم ، ولتحقيق مكاسب أكبر من الضغط على كل الأزرار التي نملكها ، سواء كلمة أو مقاطعة أو دعم مالي ، العمل على تعرية المتساقطين والمنبطحين بكل السبل ، عسى أن يكون ذلك أول الطريق إلى تحرير الأمة نفسها من هذا المأزق الأخلاقي والسياسي الذي وقعت فيه ، والطريق إلى وحدة سياسية إقتصادية دينية بين أبناء هذه الأمة .

إبراهيم أبو حويله ..