البطوش: على الأهل التعامل مع الأطفال بعناية شديدة




الأنباط - شذى حتّاملة

في ظلّ الحرب القائمة في غزة والتي كان لـ الأطفال والنساء التأثر الأكثر فيها ، ويعيش الأطفال اليوم في خطر كبير ويعانون من ضغوط نفسية نتيجة الخوف والقلق المستمرين ويتعرضون لمشاكل صحية واجتماعية وتثير لديهم تساؤلات عديدة حول ما يدور في غزة، غير أنهم يتألمون ويدخلون في حالة من الاكتئاب الشديد بسبب ما يرونه أو يسمعونه عبر شاشات التلفاز أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما يتطلب من الأهل والمدرسة التعامل بحذر حول ما يطرحه الأطفال من أسئلة.

وللحديث حول الموضوع، تواصلت "الأنباط" مع الاختصاصية النفسية والتربوية حنين البطوش التي بينت أن ما يحدث اليوم في غزة من صور القصف والتهجير والدمار والجرحى والصواريخ والطائرات الحربية على غزة والتي تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو قنوات الإعلام مؤلم للكبار والصغار وأحزن قلوبهم، إضافة إلى حكايات فقدان عديدة لم يسلم منها طفل في هذه الحرب، وصرخاتهم كل ليلة خطت قصصًا طويلة لمعاناة تضاف إلى مآسي الطفولة في العالم.

وأوضحت، أن هذه الصور والفيديوهات لا يمكن إخفاؤها عن الأطفال الذين يتأثرون بها بشدة، رغم صغر سنهم إلا أنهم يتأثرون كثيرًا على الصعيد النفسي بما يتابعونه ويرونه، ولا أحد ينكر بأنه أمر مرعب، وصور مؤلمة، لذا يميل هؤلاء الأطفال إلى طرح الكثير من الأسئلة حول ما يرونه ويختلف هذا الاهتمام بحسب عمر الطفل ونشأته، أو قد يبحث الطفل بمفرده عن المعلومة من خلال الأجهزة الإلكترونية، وحينها يبدأ بالتحليل مع نفسه أو النقد أو الحوار في الجلسات التي تتخللها نقاشات الحرب، سواء مع الأهل أو مع أصدقائه في المدرسة.

وأضافت، أنه في ظل الحرب والأحداث التي تشهدها غزة هناك العديد من النصائح والإرشادات حول كيفية التعامل مع الأطفال والتحدث معهم لتوفير الراحة والدعم النفسي لهم. ومنها أن يتحلى الأهل بالصدق ونقل الموضوع بواقعية وعدم انكار ما يحدث في غزة وبيان أن الهدف من هذه الحرب هو احتلال الأراضي الفلسطينية، وتوضيحها للأطفال باستخدام مفاهيم بسيطة وواقعية وبالحفاظ على الهدوء وعدم تجاهل أسئلة الطفل واستفسارات، بل الإجابة عليها جميعًا والسماح لهم بالسؤال عما يجري.

وأشارت البطوش إلى أنه من المهم فهم أفكارهم والسماح لهم بالتعبير عن مشاعرهم من الألم والحزن والغضب والبكاء وما يشعرون به، وتهدئتهم واحتضان الطفل والحديث معه مع الانتباه للأسلوب والألفاظ التي يستطيع الطفل استيعابها والتفاعل معها بلغة بسيطة وواضحة وذلك على حسب عمر الطفل وقدرته على الفهم من خلال السرد القصصي أو الدمى أو الرسومات، لافتة ‘لى أنه إذا شعر الأهل بصدمة شديدة من الصور التي يراها الأطفال فينصح هنا بالتوقف عن الحديث والتفكير أو اللجوء لشخص آخر قريب من الطفل يمنحه الأمان.

وتابعت، أنه يجب على الأهل عدم نقل المشاعر السلبية والخوف للأطفال بل يجب عليهم أن يكون لديهم ثبات انفعالي ومتماسكين لغضبهم مهما كانت الظروف صعبة وترك الأطفال أن يعبروا عن مشاعرهم وأن يكون الأهل مستمعين لهم؛ لأن الأطفال يستكشفون ما يجري حولهم من أحداث ويمتلكون حب المعرفة لذلك إذا لم يتلقى الطفل المعلومة الصحيحة من البيت سيتلقاها من مصادر خارجية وخاطئة، مضيفة أن من الضروري أن يكون الحوار مع الأطفال إيجابيًا بحيث يوضح الأهل بعض المفاهيم كالحرق والقصف والنكبة وغيرها.

وبينت البطوش أنه يجب على الأهل تقليل حجم المشاهدة لما يحدث في غزة ومراقبة ما يتابعونه بما يخص الحرب وتحديدًا من صور وفيديوهات للعنف والدمار والبكاء والصراخ. وإنها فرصة لطمأنتهم وتصحيح أي معلومات غير دقيقة والسماح للأطفال بمشاهدة صور وفيديوهات تتعلق بالشهداء وعلى الأهل توضيح مكانة الشهيد عند ربه.

وزادت، أنه من الأفضل عدم السماح لهم بالمشاهدة حيث يمكن أن تكون لها تأثير كبير على نفسيتهم كالتوتر والقلق والخوف وقد تبقى هذه المشاهد عالقة في مخيلتهم ويصعب نسيانها، مما يجعلهم يفقدون الشعور بالأمان، الذي يعد من الحاجات الأساسية لهم بهذه المرحلة. وهذا قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم، مثل الكوابيس، والتبول اللإرادي وقضم الأظافر والنوم المتقطع، إضافة إلى وجود تغيرات في الأكل والمزاج، وقد تحفز الأطفال على العنف والسلوك العدواني، مما يجعلهم أقل تعاطفًا مع معاناة الآخرين لكثرة اعتيادهم على تلك المشاهد.

وذكرت أن الأطفال من سن الثالثة إلى السنة الخامسة يخلطون الحقائق بالخيال، لذا لا تقدم لهم معلومات أكثر مما يطلبون بل ساعدهم للشعور بالأمان وأنهم ليسوا في خطر ومساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم من خلال مجموعة متنوعة من الطرق مثل ممارسة الرسم والتمثيل واللعب، مبينة أنه في الأعمار الأكبر سنًا فإن المناقشة حول الحرب على غزة يجب أن تتم باستخدام أسئلة مفتوحة وتشجيع المراهقين على التعبير.

واشارت البطوش إلى ضرورة تجنب الحديث عن الموضوع قبل النوم مباشرة لتجنب توتر وخوف الأطفال ومن طرق تقليل التوتر من خلال القيام ببعض الأنشطة معًا مثل التنفس من البطن وتشجيع الأطفال على مساعدة أهل غزة بالتبرع والدعاء وتعزيز عمل الخير مهما صغر لأنه سيجلب لك شعوراً عارماً بالراحة ، لافتة إلى أن من الطبيعي أن يشعر الأهل بالحزن أو القلق بشأن ما يحدث في غزة أيضًا، ووضع في أولويات الاهل أن الأطفال يأخذون إشاراتهم العاطفية من البالغين، ولأن الأهل بمثابة نموذج وقدوة في الصلابة والصمود في الوقت الصعب لذا يجب تجنب نقل مخاوف الأهل إلى الأطفال، لسهولة معرفتها واستشعار الضيق النفسي عند كبار، واستبدالها بالتعبير مثلًا: أنا حزين بسبب ما يحدث في غزة، ونطلب الدعاء من الله بالنصر العاجل إن شاء الله، وهنا علينا الأخذ بعين الإعتبار أن هذه الصور والفيديوهات من الممكن أن تسبب الصدمة والاضطرابات النفسية للأطفال الذين جربوا الحرب .
ولفتت إلى أن هناك دور كبير على المدرسة توضيح ما يحدث في القضية الفلسطينية وتعزيز حب القضية والدفاع عنها عن طريق الاذاعة المدرسية وحصص الارشاد النفسي وتنظيم وقفة تضامنية في ساحة المدرسة عن طريق رفع شعارات النصر إضافة إلى حديث معلم التاريخ عن فلسطين ونشاتها وقصص من السير النبوية حتى تترسخ المعلومة لدى الاطفال ، فالتواجد مع الآخرين ممكن أن يساعد الأطفال على التأقلم، والعمل مع المدارس قد يساعد الأهل على الشعور بالطمأنينة اتجاه اطفالهم ، مشيرة إلى ضرورة التحدث بهدوء مع الاطفال والانتباه للغة الجسد مثل تعابير الوجه، مع الحرص على ختم الحوار مع الأطفال بعناية فائقة وعدم تركهم وهم في حالة من الضيق مع حاولة تقييم مستوى قلقهم من خلال مراقبة لغة جسدهم، من خلال نبرة صوتهم وطريقة تنفسهم ايضاً واشعار الأطفال بأنك مهتم للاستماع والتواصل المستمر لمعرفة كيف يشعر ،وهل لديه أي سؤال أو استفسار جديد .

واوصت البطوش على اهمية التفريغ العاطفي للطفل من خلال الحوار والاستماع واحتضان الطفل واشعاره بالحب والاهتمام
والتشجيع على ممارسة الأنشطة اليومية التي تحد من الضغط النفسي مثل اللعب مع الأولاد وممارسة الرياضة والرسم.
وتعزيز مفهوم الصبر والثبات والتوكل على الله