إبراهيم أبو حويله يكتب:المصالح والتحالفات ...
المصالح والتحالفات ...
انا لا أراهن كثيرا على ولاء الدول والحكام ، ما تعلمته من التاريخ أنهم يغيرون الوانهم وانتماءاتهم مع كل صباح ، وحسب حالة الطقس ، فرنسا كانت حليفة لمحمد علي ولكنها انقلبت عليه ، تركيا هي التي عينت محمد علي واليا على مصر ولكنه انقلب عليها .
دول الغرب في لحظة كانت تدعم هذا ، ثم تنقلب وتدعم ذلك. أو تصمت اذا انتهت المصلحة .
في العام 1840 تعاظمت قوة مصر البرية والبحرية حتى أصبحت قوة يحسب لها حساب في ظل حكم محمد علي باشا حتى بسطت نفوذها على مصر والشام والجزيرة العربية وصولا إلى مناطق من تركيا الحالية وانتصرت الجيوش المصرية في معركة نصيبين داخل الأراضي التركية على الجيوش العثمانية .
تداعت الدول الأوروبية في ذلك التاريخ وهي إنجلترا وبروسيا وروسيا والنمسا المتحالفة مع العثمانيين لدعم السلطان عبد المجيد ابن السبعة عشر عاما والذي ورث الحكم عن أبيه محمود الثاني، والطلب منه بعدم السعي للصلح مع مصر خلافا لرغبته في هذه المصالحة ولإنهاء حالة العداء مع مصر والتي كانت في عهد والده، وعدله عن رأيه ودعمه بالمادة والسلاح وسياسيا في هذا الخلاف حتى ينتصر على محمد علي .
وكانت فرنسا تقف مع مصر وتدعم محمد علي ضد هذا التحالف، وكانت سببا في رفض محمد علي لكل مبادرات الصلح التي وضعت على الطاولة ، والتي تعطي محمد علي مصر والشام والجزيرة العربية وولاية عكا شرط التوقف عن الحرب .
عندما بدأت دول التحالف مع الحكم العثماني الحرب على مصر بعد رفضها للمصالحة، إنسحبت فرنسا وتركت محمد علي وحيدا مما أدى إلى خسارته الحرب ، ووقوع مصر تحت الإستعمار الإنجليزي لاحقا في العام 1882 ، وهذا ما كانت تسعى إليه السياسة الإنجليزية إبتداء من إضعاف مصر والحكم العثماني وفرض السبطرة عليهما لاحقا.
لو (مع ما تفتح لو ) انتبه كل من محمد علي والسلطان عبد المجيد لهذه النوايا الإنجليزية الخبيثة وتحالفا أو تصالحا معا ، هل كان واقع الأمة اليوم سيكون هو ما نعيشه ، فقط أذكر .
نعم قد تملك القرار اليوم في عقد النحالفات شرقا وغربا، ولكن لا بد من أن تدرك جيدا أبعاد هذه التحالفات تاريخيا وأثرها مستقبلا ، وإلا قد تدفع البلاد والعباد الثمن في ظل هذا العالم الذي لا يعرف الصدق ولا الرحمة .
بتصرف من كتاب لعبة الأمم...محمد العدوان .
إبراهيم أبو حويله...