ملك مقاتل يجوب العالم نصرة ل فلسطين وشعب يتلحف بـ الأنين الفلسطيني

الأردن يسكن خاصرة القضية الفلسطينية

المستشفى الميداني الأردني يقاتل كتفا بـ كتف مع مستشفيات غزة

إعلام عروبي قلبت سياسات تحريره رأسا على عقب

الأنباط – خليل النظامي

كان السواد الأعظم من الشعب الأردني قبل أحداث عملية "طوفان الأقصى" يأن من وجع الركود الإقتصادي، وسوء الحالة المادية، وقلة فرص العمل وارتفاع في معدلات الفقر ونسب البطالة، وسوء في خدمات البنى التحتية وغيرها من المآسي التي قهرت المواطن خلال يومياته، علاوة على الضغوطات السياسية الخارجية التي يواجهها النظام في الأردن، وما تواجهه الحكومة والسلطات من تحديات كبيرة ومستحيل فكفكتها.

فجأة وبعد سماع أنباء عملية "طوفان الأقصى"، قلبت الصورة رأسا على عقب في الداخل الأردني، فمن كان جوعان فقد شبع، ومن كان عطشا إرتوى، ومن كان فقيرا فجأة أصابه الغنى، ومن كان ذليلا رفعته العزة، ومن كان جبانا تملكته الشجاعة، ومن كان ضعيفا أصبح من أشرس الفرسان، ومن كان حزينا بات الفرح والسرور يملأ تفاصيل يومياته، ومن كان وحيدا أصبح من الجماعة وإشتد عوده.

فـ الصورة ليست كـ كل الصور التي تبث عن دول العالم كله، فمن مسيرات لـ عشرات الآلاف من المواطنين في شوارع العاصمة عمان والمحافظات، مرورا بـ جماهير غاضبة حاولت وتحاول مرارا الوصول للحدود لإيصال رسالة ل الكيان الصهيوني مفادها "جاهزون" لـ القتال، وإعتصامات وندوات ومؤتمرات نقابية وحزبية ومن كل الفئات الإجتماعية والتيارات السياسية تندد رافضة وجود الكيان الصهيوني، وصولا إلى إلغاء المؤتمرات والفعاليات الرسمية وحتى الأفراح الشعبية لـ المواطنين تم إلغائها.

وفي الصورة نجد أيضا طلبة المدارس والجامعات كافة مرتدين على أكتفاهم الكوفيات الاردنية والفلسطينية، ينظمون المسيرات والوقفات المناصرة والداعمة لـ المقاومة الفلسطينية، يستنكرون جرائم وإعتداءات العدو الصهيوني، يرافقهم ويدعمهم المعلمين وأساتذة الجامعات صفا واحدا على أهازيج وأناشيد وطنية وقومية ودينية حماسية تشعل الروح الوطنية والقومية في قلوبهم.

ومن على الضفة الشعبية الرقمية، وبـ الرغم من الحصار الذي يفرضه مالكي هذه المنصات الإجتماعية الرقمية، تجد الأردنيين كافة لا يتوقفون عن نشر فضائح الإحتلال وكشف زيفه وجبنه، وإظهار ضعفه وهشاشته أمام زنود مقاتلي المقاومة الفلسطينية الجبابرة، ونشر المآسي التي يتعرض لها اطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة جراء القصف الجوي لـ تصل لـ العالم الصورة الحقيقية لـ ما يفعله هذا الكيان الغاشم الجبان، فما ان تدخل صفحة أردني على منصات التواصل الإجتماعي حتى تنهال عليك الصور والفيديوهات والتغريدات الداعمة لـ رجال المقاومة، والفاضحة لـ جرائم الكيان التي لم يسبق لها مثيل في هذا العالم خاصة ما يسمى ب المتحضر منه والذي يقف صامتا ومنحازا بوقاحة للقتلة.

سياسيا، تحركات القائد أبا الحسين لا تهدأ ليل نهار، يتنقل عبر هاتفه من رئيس دولة لآخر، يوجه هنا، ويندد هناك، ويطالب ذاك، وأحيانا كثيرة يهدد ويحذر، ملك مقاتل صنديد لا يعرف في الحق لومة لائم، يحمل على كتفه قضية عربية لم تستطع دول كثيرة حتى لو إجتمعت حملها، حتى طائرته لا تنفك أن تهبط حتى تقلع من مطار دولة لأخرى في سبيل وقف المجازر التي يرتكبها الكيان المتطرف المغتصب لـ أرض فلسطين وشعبها.

مقاتل لا يستطلب الراحة والإستجمام في وقت يرى فيه إخوته وأبناءه في فلسطين يبادون بـ مجازر قل نظيرها يرتكبها جيش الإحتلال، أصر على إدخال المساعدات الطبية والعلاجية والإنسانية لـ أهلنا في غزة، وكانت طائرات القوات المسلحة أولى من تحمل المساعدات المغلفة بـ العلم الأردني، وبـ الرغم من كل التهديدات التي تطلقها حكومة "نتنياهو"، وبـ الرغم من القصف الجوي الذي لا ينتهي من قبل طائرات الصهاينة، أمر أفراد وطاقم المستشفى الميداني البقاء في غزة الصمود ومعالجة الجرحى والمصابين من أبناء غزة، وقوبل الأمر بـ معنويات كبيرة من قبل الأطباء والممرضين في المستشفى بكل شجاعة ومروءة.

وتجدر الإشارة هنا إلى الشكر الكبير الذي قدمه المتحدث بـ إسم صحة غزة الدكتور أشرف القدرة إلى جلالة الملك عبد الله الثاني على توجيهاته المشرفة لابقاء المستشفى الميداني الاردني في قطاع غزة، والاستمرار في عمله ليكمل مسيرته الخدماتية واسناده للمنظومة الصحية في علاج الجرحى والمرضى رغم الصعوبات والتحديات.

إلى ذلك نلاحظ بـ كل وضوح صورة الإنقلاب الكبير التي حدثت في المشهد الإعلامي الأردني، فما أن بدأت الأحداث حتى إنقلبت بوصلة الإستهداف في سياسات التحرير لـ وسائل الإعلام الأردنية كافة تجاة فلسطين وتحديدا غزة، فمن بيانات الإستنكار والتنديد والإجتماعات والندوات والمشاركة بـ المسيرات التي تنفذها النقابات، مرورا بـ صحف ومواقع رقمية لا تنفك "مانشيتات" صفحاتها الاولى عن ترسيخ وإثبات حق الفلسطيين في المقاومة المسلحة دفاعا عن أرضهم وتدنيس القدس الشريف ودعما وتعزيزا لـ عملية "طوفان الأقصى"، والإستنكار والشجب لكل عمليات التنكيل والتخريب وفضح وحشية العدو الصهيوني، وصولا إلى شاشات تلفزة وإذاعات لا تنفك عن نقل الأحداث أولا بـ أول عن إنجازات المقاومة ومجازر الصهاينة، وبرامج تحليلية تنكشف من خلالها حقيقة ضعف هذا الكيان الجبان التي كانت صورة قوته وهما إعلاميا في أذهان الجميع.

ليس هناك دليل مادي على أن الأردن برمته شعبا ونظاما يحتضن فلسطين وقضيتها وقدسها ومقدساتها أكثر من المشهد والصورة التي يظهر بها الأردن اليوم على العالم بـ اسره على كافة الصعد السياسية والإنسانية والشعبية.