النخبة تناقش اسباب ومدلولات التعديل الوزاري


الانباط – مريم القاسم
 
ناقش ملتقى النخبة-elite أسباب ومدلولات التعديل الوزاري ، حيث اختلفت آراء المتحدثين حول ما إذا كانت هذه التعديلات أمرا طبيعيا أم لا ، مبينين المعايير التي يجب الاخذ بها في هذا موضوع من حيث الداخلين والمغادرين ، مشيرين إلى  الاسباب الموجبة للتعديل على الفريق الوزاري .

ذكر الدكتور منذر الشرع أنه في السابق وتحديدا يوم 2022-7-31 عُقدَ مؤتمر صحفي في رئاسة الوزراء ، عُرضت فيه خارطة طريق "تحديث القطاع العام" عبر فترة تمتد لعشر سنوات ، مبيناً أن ما جاء في التفاصيل ، دمج وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي ومؤسسة التدريب المهني كلها في وزارة واحدة تسمى "وزارة التربية والموارد البشرية" ، والغاء وزارة العمل وتوزيع مسؤولياتها على وزارات الداخلية ، والصناعة والتجارة والتموين، والتربية والموارد البشرية ؛ على أن يتم تنظيم سوق العمل من قبل وزارة الصناعة والتجارة والتموين ، ودمج وزارتي الثقافة والشباب ، ودمج وزارتي النقل و الأشغال العامة والإسكان، واستحداث مسمى جديد هو "وزارة خدمات البنية التحتية" ، وإعادة هيكلة وزارة الاستثمار ، موضحا ان المحصلة هي دمج ست وزارات في ثلاث خلال عامين ، والغاء وزارة واحدة هي وزارة العمل خلال عامين ، واستحداث وزارة جديدة تحت مسمى "وزارة التواصل الحكومي" ، لافتا أن الحكومة وبذلك المؤتمر الصحفي وما بعده قامت بحملة تسويق هائلة لخارطة الطريق لتحديث القطاع العام ودمج الوزارات ، وبالطبع كان ثمة أصوات معارضة لذلك ، والآن قامت الحكومة بالنكوص عن الدمج والإلغاء ودون حملة إعلامية مرافقة لتبرير ذلك ، أي أن الحكومة تعترف اعترافاً صريحاً بعدم صحة عملية الدمج والإلغاء ، والمشكلة لا تكمن في الأشخاص بل في النهج الذي لم يجرِ عليه أي تعديل.

وقال حاتم مسامرة إن في الحكومات الحزبية التي تنطلق من برامج الحزب والوعود المقطوعة للناخبين خلال الحملة الانتخابية ، يتم إختيار الوزراء بناءاً على قدرتهم على التنفيذ وإيصال الرسالة للمواطنين، وليس بالضرورة كل في مجال اختصاصه ، حيث تخضع المعايير الحزبية في عملية الإختيار ، مشيرًا إلى  أنه  في بعض الأحيان يتم تغيير الفريق الوزاري أو تعديل بعض أشخاصه ، لأن الحزب امام مهمة هامة ، وهي إعادة الانتخاب لفترة قادمة ، لذلك الإختيار الأصلي أو لاحقاً التعديل عليه يخضع لشروط قاسية لضمان استمرارية الحزب في الحكم.


وبدوره يرى أيمن الحنيطي أن التعديلات الوزارية المتكررة أصبحت تريند أردني بامتياز ، إذ لا يوجد دولة في العالم حسب اعتقاده تقوم حكوماتها بتعديلات مثلما تقوم به الحكومات الأردنية ، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على وجود خلل في آلية تشكيل الحكومات ، ومن هنا تأتي أهمية  أن يكون عندنا حكومات حزبية تشكل على أساس برامجي ، وهو ما تهدف إليه عملية التحديث السياسي الجارية حالياً عندنا ، مضيفاً أن  هناك نخباً كثيرة في المجتمع تراقب عن كثب هذه العملية وتنتظر تطبيقها على أرض الواقع في الانتخابات المقبلة لتقييمها ، فإما يكتب لها النجاح وتتوسع قاعدة المشاركة السياسية والحزبية بالبلد أو أن تفشل ويبقى الحال على ما نحن عليه اليوم ، لافتاً إلى أن التعديلات المتكررة أمر سلبي .

من جهته بين الدكتور بلال السكارنة أن التعديلات الوزارية في الأردن ليست ممنهجة وليس لها أي مبرر سياسي او اقتصادي او ضرورات تتطلب التغير في خطط الحكومة من اجل إيجاد فريق وزاري منسجم لتحقيق الهدف من إجراء التعديل الوزاري ، فمشهد التعديل هو لإضفاء على إرضاء ذوي العلاقة المستفيدين منه من أصحاب الذوات الاقارب والأصدقاء وعلاقات النسب المتجددة وغيرها أصحاب المصالح الجدد وارضاء مجالس النواب والاعيان ومن لم يتم تلبيه طلبه سابقاً .

ولفت هاشم المجالي إلى أن هذه التعديلات ليس لها مبررات عقلية ولا منطقية ولا حتى أنها تندرج تحت أي مبرر ممكن أن نجده لها ، متسائلاً هل الوزراء المعدلون غير مؤهلون أم مقصرون أم أنهم قد أخطئوا في مسيرتهم ؟، وهل الوزراء الذين تم تعيينهم مخلصون وهل سيضيفون وسيعملون انجازات جديدة ؟ وبرأيه ان في هذه الوزارة ثلاث وزراء يجب بقائهم لأنهم يعملون بدون كلل أو ملل وبحس وطني وهم،  وزير الزراعة ووزير الداخلية ووزير الصناعة والتجارة .

وذكر الدكتور هايل الدعجة ان التعديلات الوزارية من أسوأ المحطات في مسيرة الحكومات في ظل الأسئلة الكثيرة والمشروعة التي يطرحها الشارع الأردني حول الأسس والمعايير التي يتم اعتمادها في ادخال وزير وإخراج اخر ، مبينا ان التعديل الوزاري يؤشر إلى حجم التخبط وسوء الإختيار في انتقاء عناصر الحكومة ، لدرجة أننا بتنا أمام أفعال وممارسات وسياسات حكومية تسير بنا نحو المجهول .
وبدوره قال المهندس رائد حتر إنه في السابق كان المواطن يتابع أخبار التعديلات الحكومية عامة والتعديلات الوزارية خاصة ويهتم بها لأنها كانت تحدد التوجهات القادمة للدولة والحكومة ، أما مؤخراً وعلى الرغم من التوجيهات الملكية السامية بضرورة محاسبة المخطئ ومكافأة المجتهد ، فإننا نجد أن التعديلات تحدث لأسباب لا يعلمها إلا من قام بالتعديل ، ومهما حاولت فهم اسبابها ودوافعها فإنك لا تستطيع أن تجد لها تفسير.
ومن جهتها اشارت الدكتورة خلود مراشدة إلى أنه لا يوجد هناك أثرا للتعديل باستثناء أثر بوزارة المالية والضمان الاجتماعي المتمثل بزيادة النفقات على كاهل الوطن والتي ترجع للمواطن ليدفع فواتير تجارب التعديل ، مبينة أن كثرة التعديلات لا تدل إلا على فشل سياسات بمساعدة الفريق على العمل بروح الفريق وانسجام ، وهذا دليل على أن الشخصية المكلفه ليست كفؤ لتكون بهذا المكان لتحقق آمال شعب ومؤتمنه على مستقبل وطن تسعى لتحقيق الافضل ، وبالتالي ثقة الشعب دائما معدومة بالحكومات لانعدام الأثر الملموس على حياته.

وبدوره لفت محمد الحبيس أن أكثر من تعديل وزاري واحد محدود لحكومة من أربع سنوات بمعنى أن التشكيل فيه خللاً من الأساس ، موضحاً أنه يمكن بعد سنتين يقبل من الرئيس أن يجري تغيير لأحد او عدداً محدوداً من الوزراء لا يتجاوز أصابع اليد لأن الأصل مجموعة الحكومة تأتي ببرنامج عمل مدروس ومخطط له وممنهج ببرامج موقوته للتنفيذ وقادرة على التصرف وإجراء التعديلات التي تمليها مستجدات طارئة متوقعة أو مفاجئة على برنامج العمل و تمضي نحو مواصلة العمل وإنجاز المهام ، هذا هو المبدأ الأساسي وإلا بالأصل البداية مشوبة بالاختلال.

وقال الدكتور عديل الشرمان إن التعديلات الوزارية التي تجري ضرورة ، فالحكومات تمر بمخاضات وصعوبات ويتعثر وزير هنا وآخر هناك ، ويحدث خللاً في الأداء وفي الانسجام بين الفريق الوزاري لسبب ما ، لذلك لا بد من التعديل أحياناً بهدف تصحيح المسار والحد من الخلل ، فالتعديل هو استحقاق أحيانا وهذا يحدث في معظم حكومات العالم .


وفسر الدكتور حسن الدعجه ان التعديل الوزاري قد يكون أحد الخيارات المطروحة لمحاولة استعادة الثقة العامة والاستجابة لمطالب المواطنين ، وتعتبر التعديلات الوزارية أداة شائعة يمكن استخدامها للرد على تحديات سياسية واقتصادية معينة ، ويجب أن يتم إختيار الوزراء بناءً على الكفاءة والخبرة وليس فقط لأسباب سياسية ، موضحاً أن التعديل الوزاري ليس حلاً دائمًا لجميع المشكلات ، وقد يكون هناك حاجة أيضًا للتفكير في تحسين الأداء الحكومي وتنفيذ السياسات بفعالية لاستعادة الثقة العامة.


وذكر المهندس خالد خليفات أن للتعديل الوزاري ضرورات تتعلق إما بالتقصير في الأداء أو عدم الانسجام ضمن الفريق الوزاري على أقل تقدير ، هذا بافتراض أن رئيس الحكومة المكلف هو من أختار وهو من يتحمل تبعات الإختيار، أما أن يصبح التعديل نوعا من الهروب إلى الأمام حينا ، ولشراء الوقت حينا آخر، فهذا مدعاة للتأويل والشك ، ومن حق الشعب أن يعرف ولو بالحد الأدنى كيف وعلى أي أسس تم إختيار الطاقم الوزاري،  وما هي أسباب التعديل لمن وقع عليهم الإختيار للخروج بالتعديل،  وبغير ذلك فنحن أمام مجموعة ألغاز تدخل العامة في دوائر التحليلات والاشاعات غير المحمودة العواقب.

وبرأيه بين ابراهيم ابو حويله اننا لن نستطيع تشكيل فريق مناسب ، والسبب هو قوة نفوذ هذا الأب أو ذلك العم أو الخال ، فنحن نخاف ونخشى ولا نمارس السلطة كما يجب ، او حتى لا يتم منح السلطة كما يجب ونحاسب بأشد ما نستطيع ، وهذا لا يصلح ، موضحاً أنه إذا أردنا لأي قائد النجاح ، فلا بد من التأكد من أنه يملك المعرفة والمعلومة والقدرة ونمنحه السلطة والفريق المناسب ، وبعد ذلك لنا أن نحاسبه كما نشاء ، وإذا أردنا لأي فريق النجاح فلا بد من الشفافية والعدالة والمحاسبة على أسس واضحة.

وأكد محمود ملكاوي أن التعديلات الوزارية عموماً لم تثبت بالمجمل أنّ تعديلاً وزارياً خرج بموجبه وزراء ودخل آخرون قد أضاف قيمة نوعية على أداء أية حكومة ، بل لم نرَ مردوداً ايجابياً من هذه التعديلات ، سوى زيادة عدد الذين يحملون لقب معالي ، مشيراً إلى أن التعديل الوزاري قد يكون في بعض الأحيان إرضاءً لقوى سياسية معينة ، وليس لصالح الأداء العام ، بالمقابل يرى مراقِبون أنَّ التعديل الوزاري الذي أُجريَ مؤخراً يُعدُّ مؤشراً على استمرار الحكومة الحالية حتى الإنتخابات المُقبلة ، ويُمثِّل صلاحيةً دستوريةً لدولة رئيس الوزراء " لتجويد عمل الفريق الوزاري".

وقال المهندس احمد العدوان إن التعديلات الوزارية أمر طبيعي قد تتطلبه الظروف ، ولكن في الأردن قد يكون التعديل أحياناً لغايات إرضاء البعض ضمن تقسيمات جغرافية في الأردن أو لإرضاء صديق ، لافتاً إلى أن معظم التعديلات تبدو روتينية ، حتى أن المواطن لا يشعر أنها قد حققت فوائد له ، ومنها التعديل السابع والذي لن يؤخر أو يقدم في عمل الوزارات التي تم التغيير بها ، ولكن هل يتم محاسبه الوزراء والحكومة على منجزاتها ، متسائلا لماذا نرى وزراء يتم تعديلهم وليعودوا في تغيير وزاري او تعديل قادم ؟ فما كان سبب إقالته وسبب عودته سوى مجرد التغيير فقط .

وذكر المهندس عبد الله عبيدات أن التعديل يتم غالباً لأسباب سياسية لالهاء الشارع أو لظروف شخصية متعلقة برئيس الوزراء أو لضرورة شراء ولاءات أو صدور تصريح من وزير خارج السرب أو تمهيداً لوضع متعلق بالانتخابات النيابية بالمختصر الشخصيات الداخلة تكون عنواناً لغرض التغيير من حيث القوة والخبرة وما نشاهده على أرض الواقع غير مقنع.

ويرى الدكتور خالد الجايح أن التعديلات الوزارية ليس لها سبب ولا نتائج إيجابية سوى أنها تزيد على كاهل الخزينة من الرواتب العالية لأعداد جديدة من الذين يحصلون على هذه المناصب ، ومن مجموع رواتب المتقاعدين الوزراء ، مؤكداً أنه لابد من وضع قانون جديد للنواب والأعيان والوزراء بحيث ياخذ راتب المنصب الجديد وعندما تنتهي مدته أو يستقيل أو يتوفى فإنه يعود إلى وضعه القديم الذي كان عليه .
 
وبين الدكتور مصطفى التل الأهداف للعامة  من التعديلات الوزارية ، فالتعديل الوزاري يُصبح مطلوبا من أجل ارتقاء عمل كل مكونات الحكومة إلى مستوى ما يتطلبه التخطيط الاستراتيجي الذي حددته الحكومة في قبولها لكتاب التكليف ، فمن المُفترض أن يتيح التعديل الحكومي دخول أسماء جديدة تجمع بين الرؤية الاستراتيجية ، وبين الخبرة العلمية والعملية من خلال تجارب محورية سابقة للوزير ، والتي من شأنها أن تأتي بقيمة مضافة إلى  القطاعات التي فيها خلل او عدم انسجام  وزاري ، كل هذه التعديلات ، لا نجد أي قيمة مضافة للتعديلات السبع ، فالمديونية لا زالت بارتفاع ، البطالة في أعلى مستوياتها ، الاستثمار الخارجي والداخلي لا زال في أدنى مستوياته ، القدرة الشرائية للموطن تآكلت ، السوق في حالة مزدوجة ركود وتضخم .