محمود الدباس يكتب :هل تُدار بعض ملفات الحكومة بنظرية البِليط؟!..


اتخذت اسلوب السؤال والتساؤل في العنوان وفي باقي اجزاء هذه الخاطرة.. حماية لي ولمن سينشر.. لان قانون الجرائم الالكترونية استثنى التساؤلات عن مواضيع موجودة او تَهُم الشارع..

وحتى ابين ماهية نظرية البِليط لمن لا يعرفها.. فقد اطلقتُ هذه النظرية منذ فترة لمعاناتي مع بليط احضرته لتبليط شقتي التي اشتريتها "عظم".. فكان كل الصنايعية يبدأون العمل وينهونه حسب الوقت المتفق عليه دون انقطاع.. الا الاخ البِليط الذي ترك عدة مناطق متفرقة دون اكمال.. وكان كل فترة يترك الورشة ويغيب يوم او يومين ويعاود العمل.. وحين تتبعته.. وجدت انه فاتح عدة وُرش في آن واحد.. ويقسم وقته وجهده عليها جميعا.. وذلك لمحدودية امكاناته.. ولا بوجد معه الا عامل واحد يساعده.. وحين انتهى من العمل عندي بعد ان قتل بهجة الشوق للسكن في الوقت المحدد.. والذي رسمته وعائلتي.. حاسبته بالتعريفة.. وحين سألت اثنين ممن عمل عندهم متزامنا مع شقتي.. قالوا انهم ايضا حاسبوه بنفس الطريقة.. وحتى انني كنت انوي ان اعطيه اكرامية.. ولكن توقفت.. اضافة الى ان اكثر من شخص سألني هل انصح بان يتعامل معه.. فكان جوابي اياكم..

هذه النظرية او الطريقة.. قد تفيد شخصا غير متعلم.. ويخاف ان يأخذ غيره ذلك الزبون.. فيقوم بالامساك به عن طريق وضع عدة اسطر من البلاط في بيته.. وينتقل الى الورشة الاخرى ويفعل ذات الشيء.. ولا يعلم بحجم الضرر المعنوي والنفسي والمادي الذي تسبب به على الزبائن وعليه شخصيا..

وفي ادارة ملفات الحكومة ومشاريعها.. وكذلك الشركات الكبرى.. لا يمكن باي حال ان تدار بهذه الطريقة.. فقد عملت في شركات ذات التصنيف العالي.. وكنا نقرر في نهاية كل عام كم مشروع استراتيجي يمكننا ان نتعامل معه في العام القادم.. وننجزه في وقته ضمن امكانياتنا المادية والبشرية.. وكذلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تبقي على انسيابية وتدفقات المال في صندوق الشركة..
آخذين بعين الاعتبار تاخر الدفعات من قبل الزبائن.. والتاخر في توريد المواد الناتج عن بعض الاجراءات الحكومية.. وكذلك الإجازات الطارئة.. والتعطل غير المبرمج نتيجة للاحوال الجوية مثلا..

ومن باب ان الاعلان عن البدء في المشروع.. سيجعل المطالبين به يوجهون انظارهم اليه ويراقبونه باللحظة.. وينتظرون يوم انهائه بفارغ الصبر للاحتفال بذلك المنجز..
وبالمقابل فان عدم الاعلان عن البدء به.. واعطاء وعد انه بعد الانتهاء من المشروع الفلاني مباشرة سنبدأ هنا.. سوف يخفف الضغط عن الحكومة؟!.. لا بل سيجعل المطالبين بذلك المشروع مستبشرين وسعداء اذا ما سمعوا من المستفيدين من المشروع قيد التنفيذ الرضا والقبول.. وانه يسير حسب ما خُطط له..

في العادة.. يكون التفكير للاداراة العليا شموليا.. وبالتالي يعلمون أثر وتأثير انجاز مشروع على حل مشاكل قد لا يراها المواطن العادي.. لذلك قد يطالب اناس بفتح مشروع لحل امر ما.. ولا يعلمون انه سيُحل تلقائيا اذا ما تم الانتهاء من مشروع آخر..

من هنا اتساءل تساؤلين فقط لعلي اعطي فكرة عما يجول في خاطري..
اليس من الحكمة ان ننهي طريقا استراتيجيا (شارع الستين - القدس عربية).. والذي يحل مشكلة قاطني غرب محافظة البلقاء.. والذي بقي منه اربعة كيلو مترات؟!.. وأن لا ننقل ميزانيته الى مشروع آخر في منطقة أخرى ولن ننهيه بها اصلا.. وسيبقى مفتوحا كما مشروع السلط؟!.. وبدل ان نسمع النقد والتذمر من جراء تعطل وتاخر مشروع.. سيكون جراء تأخر مشروعين.. علما بان هذا الامر سيحل مشكلة ازدحام السير من منطقة جسر زي الى اشارة الترخيص-السرو.. والتي يمكن قطعها في اقل من خمسة دقائق.. والان تحتاج الى حوالي نصف ساعة في فترتي الصباح والمساء..

اليس من الحكمة ان ننهي ملف صناديق النقابات المهنية بشكل قانوني ورسمي ونهائي.. والتي ارهقت كاهل الكثيرين.. وبالتالي نخفف الحمل عن اصحاب المهن الذين يدفعون لهذه الصناديق ولا يرجون ان ينالوا شيئا منها؟!.. ولا نُرَحل مشكلتهم الى قطاعات أخرى.. ليس لها ناقة ولا جمل في تلك النقابات.. عن طريق الافكار التي تفتقت بها بعض الادمغة.. لحل هذه المشكلة.. وبالتالي بدل ان نحل المشكلة.. أوجدنا مشكلة في مكان كان هادئ مطمئن..

حكومتنا الرشيدة.. اقول لكم وعلى مبدأ اذا اطعمت.. فأشبِع.. فان محاولة ارضاء الناس.. بفتح مشاريع استراتيجية لا يمكن ان يتم انجازها في الوقت المحدد.. نتيجة عدم وجود المال الكافي.. او نتيجة نقل جزء من ميزانيتها الى مشاريع آخرى.. فانكم لن تنالوا الرضا لا من اهل المشروع الاول ولا الثاني فحسب.. بل ايضا ستنالون السخط عليكم.. وستزيدون من حجم الانتقاد وعدم الثقة..

واذا ما ركزتم على عدد محدد من الملفات الاستراتيجية.. والتي انتم على قناعة بانكم قادرون على اقفالها في وقتها.. وبالشكل الامثل.. ستنالون الرضا والدعم والتأييد على الاقل من المستفيدين منه.. وستسكتون الاخرين لانهم يراقبون.. وسيكونون على يقين بان ملفهم سيتم انجازه بالشكل الامثل حين ياتي دوره..
محمود الدباس - ابو الليث..