النخبة تناقش امكانية تدارك اوضاع صناديق النقابات المهنية وحمايتها من الانهيار

الانباط – مريم القاسم

ناقش ملتقى النخبة-elite امكانية تدارك اوضاع صناديق النقابات المهنية وحمايتها من الانهيار ، حيث سلط المتحدثون الضوء على آليات إعادة الثقة بين المنتسبين ونقاباتهم ، وكيفية اعادة بناء الشفافية والحاكمية إلى هذه الصناديق ، ومشروعية تحميل جهات وقطاعات أخرى للمساهمة في إنقاذ هذه الصناديق ، وإعادة النظر في الخدمات المقدمة من هذه النقابات لمنتسبيها.
يرى ابراهيم ابو حويله أن حل هذا الموضوع يكمن بحل صناديق النقابات ، وفي أبعاد يد النقابات نهائيا عن جيب المنتسبن من جهة ، وأي قطاعات أخرى لا علاقة لها بهذه النقابات ، لأن الوقائع تؤكد أن هناك خللا في التعامل مع هذه الأموال من حيث الإدارة والإستثمار ، والعمل على إبقاء هذه النقابات بشكلها المهني بحيث تتابع المنتسبين ورخصهم ورخص مزوالة المهنة فقط ، والتأكد من أهلية منتسبيها لتقديم هذه الخدمات ، ومتابعة هؤلاء المنتسبين في الميادين المختلفة برسوم رمزية .
وبين محمود ملكاوي انه في حال انهيار الصناديق التقاعدية في النقابات المهنية سيترتب عليه نتائج وخيمة ، وما يتبع ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية تتعلق بالمنتسبين لدى تلك النقابات ، إذ أن للنقابات دور كبير في حماية اعضائها مهنياً واجتماعياً ومادياً ، مشيرا الى انه قد يكون للحكومات المتعاقبة دورا كبيرا في نشوء أزمة الصناديق التقاعدية لدى تلك النقابات ، طارحا مثال ان نصف اعضاء نقابة الأطباء يعملون بوزارة الصحة ، ولا يدفعون المستحقات المالية التي تترتب عليهم للنقابة وصندوق التقاعد ، موضحا انه لو كان عند الحكومات المتعاقبة النية الحقيقية للحفاظ على النقابة قوية ، لاشترطت على أطبائها دفع المستحقات للحفاظ على شرط استمرار مزاولة المهنة .
وقال المهندس غازي المعايطة إنه يمكن إنقاذ صناديق النقابات ، مبينا ان هناك خطوات وافقت عليها الهيئة العامة لنقابة المهندسين متمثلة بإلزامية الاشتراك بصندوق التقاعد ، وتحديد اقتطاعات بنسب معينة من الرواتب التقاعدية وتمديد سن التقاعد ، وتقليص الشرائح التقاعدية بحيث لا يكون هنالك شرائح تقاعدية كبيرة تتعدى 800 دينار على شريحة ، والأهم من ذلك توفير مشاريع تشجيعية يستفيد منها المهندس الاردني بحيث تكون ضمن قدراته وامكانياته وتكون رافد مادي معقول لصندوق التقاعد.
ومن جهته ذكر الدكتور خالد الجايح ان الحل هو إغلاق النقابات ، واستبدالها بمنظومة تابعة للوزارة المعنية ؛ بمعنى ان تستبدل نقابة الأطباء بوزارة الصحة، والمهندسين بوزارة الاشغال والإسكان وغيرها ، وهكذا اما بقاء النقابات فيعني استمرار الأخطاء وتكرارها ، واما صناديق النقابات فيتم استبدالها بمؤسسة الضمان الاجتماعي .
وبدوره يعتقد المهندس خالد خليفات أن المشكلة الأساسية التي اوصلت الصناديق التقاعدية للنقابات المهنية هي "سوء الإدارة" بكل تفاصيلها وتشعباتها سواء كانت بقصد او بغير قصد ، موضحا ان النقابات المهنية وجدت بالأصل لخدمة منتسبيها ، ولتطوير المهنة لكن في فترات سابقة ولغياب العمل الحزبي على الساحة الاردنية ، فقد حلت النقابات محل الأحزاب في النشاطات السياسية وكان ذلك على حساب المهنة ومنتسبيها ، ورافق ذلك مناكفات وصراعات وتحييد للكفاءات الهندسية التي يمكنها النهوض بالنقابات لصالح "الالوان".
وأشار المهندس عبدالله عبيدات الى ان اهم أسباب تراجع هذه الصناديق ، عدم قدرة مجالس النقابات تعديل انظمة التقاعد لتلافي الاختلال بين الاشتراك والتقاعد ، لان هذا يحتاج إلى موافقه الهيئة العامة التي ترفض اي زيادة او مساس بالامتيازات وهذا عكس ما يقوم به الضمان الاجتماعي ، الذي عدل القانون اكثر من مرة لضمان عدم إفلاس صندوق الضمان ، مبينا انه لإنقاذ الصناديق نحتاج لمعجزة اقتصادية لتحسين الحالة الاقتصادية للنقابيين تدفعهم للاشتراك في الصناديق ، ومعجزة تعيد الثقة بهذه الصناديق ، وعدم اقحام الصناديق في المناكفات النقابية ، وعدم تدخل الحكومة والجهات المعنية في تشويه هذه الصناديق ، ومن الناحيه القانونية لا يمكن استبدال صناديق التقاعد للنقابات بالضمان الاجتماعي.
وقال الدكتور موفق الزعبي إنه ما بعد الازمة المالية العالمية 2008/2007 ودخول الاقتصاد العالمي مرحلة الركود ، تقلصت الفرص الاستثمارية وخسرت بعض الاستثمارات ، وهذا ما اثر على ايرادات الصناديق وخاصة في ظل ثبات الاشتراكات ، ومع تزايد اعداد المتقاعدين فان حجم النفقات اصبح يقترب من حجم الايرادات ، لا وبل فاقت النفقات الايرادات في بعض الصناديق وهذا ما دق ناقوس الخطر، مضيفا ان بعض النقابات لجأت الى زيادة الاشتراكات والزامية التقاعد ، لتغطية العجز في الايرادات وبعض النقابات لجأت لخيار حل صندوق التقاعد، وكانت هناك طروحات لزيادة سن التقاعد وضم الصناديق للضمان الاجتماعي وغيرها ، حيث يرى من وجهة نظره ان هناك خياران لحل هذه المشكلة ، اما زيادة قيمة الاشتراكات الشهرية وهذا يرهق المنتسب ، واما حل الصناديق وما لذلك من تبعات .
لفت الدكتور عبد الكريم الشطناوي ان بعض الآراء تبقى مبنية على التخمين أو التوقع الشخصي على ضوء ما يجري في الساحة ، ويرى أن هناك نقابات متعثرة لأسباب لا يستطيع الخوض بها أو تخمينها ، وأخرى غير متعثرة ، فلديها فائض بالميزانية وقد منحت منتسبيها رواتب ايام الكورونا كنقابة المحامين مثلا.
وبدوره بين مهنا نافع ان صناديق تقاعد النقابات المهنية حققت في السابق العديد من الفوائد المجزية لمنتسبيها ، وذلك من خلال الاستثمار بشراء مساحات كبرى من الأراضي وافرازها بمساحات جيدة للبناء ، وأحد الأماكن بيعت القطعة بعد الافراز للمنتسب بمبلغ 18.000 دينار واليوم فهي تباع ممن يرغب بالبيع ب 150.000 ، موضحا انه لو احتفظ ذلك الصندوق بنصف هذه القطع لكان حقق ربحا مجزيا يعود بالخير لكل منتسبيه ، داعيا بأن يبقى الصندوق شريكا بهذا النوع من الاستثمارات الذي كان له الفضل بنجاحها.
ومن جهتها لفتت الدكتورة فاطمة عطيات ان النقابات المهنية قامت وأسست على معايير مهنية سليمة ، وكانت منارات مرجعية لأصحابها ، وشكلت قوة مهنية ومالية داعمة لمنتسبيها وللمجتمع الأردني ، عموماً هذه الحالة كانت عندما كان كل شي ذهبياً في المجتمع الأردني وكان احترامنا للنقابات وطريقة عملها وتنظيمها وموازناتها المالية وصناديقها ليس له حدود وكانت قدوه لدول المحيط ، وللأسف ان الفساد الإداري والمالي الذي طال كل شئ في الأردن وأولها حب الوطن والإنتماء له وأخرها الإنتماء للنقابة والمهنة والإخلاص لهما شابهم من الفساد الكثير وتدهورت قيم مهنية كثيرة مع هذا الإنحدار الغير مبرر.
وبين الدكتور عثمان محادين ان النقابات المهنية محكومة بأفكار البيض والخضر ، والتدخلات من أطراف أخرى لها مصلحة بأضعاف طرف على حساب الآخر ، مما جعل للاهواء دورا من كل طرف في المرحلة التي يتولى بها الأمر ، مع الأخذ بعين الاعتبار من أموال واستثمار ودراسات اكتوارية ، مضيفا انه فيما يتعلق بمشكلة الصناديق تستطيع الدولة سن تشريع بالتنسيق مع النقابات وانهاء الأمور بالتوافق ، وإجراء عملية دمج مع الضمان على غرار شراء سنوات من الضمان لكل مشترك يوازي اشتراكاتك أو رفع شريحة راتبه بنسبة تضمن ارتفاع راتبه التقاعدي من الضمان ، موضحا ان المسألة تحتاج لدراسة معمقة من الأطراف المعنية بتنسيق حكومي و قد يستفيد الضمان من باب الاستثمار من هذه المبالغ .
وقال المهندس احمد العدوان إن الثقة بين النقابات ومنتسبيها موجودة خاصة ان مجالس ادارات النقابات عمل تطوعي ، وقد تميزت بعض النقابات عن بعضها بتقديم الخدمات المختلفة لمنتسبيها ، مضيفا ان هناك رواتب تقاعدية ومبالغ مالية تقدم لذوي المتوفي كمعونات عاجلة ، حتى ان بعض النقابات تدفع قريب من 35 الف دينار كتعويض لاهل المنتسب في حال وفاته ، مشيرا الى ان النقابات مؤسسات خدماتية وفوائدها اكثر من مضارها ، والان ظروف الاستثمار صعبة ، وانعكس ذلك على صناديق النقابات ، وللاسف البعض يتهم النقابات انها تستغل اموال الصناديق في شيء يخدمهم ، مؤكدا ان هذا الكلام غير صحيح ، لان كل شيء واضح ومراقب وهناك اجتماعات للهيئة العامة للنقابات تستطيع ان تتاكد من كل شيء.
وذكر بكر كفاوين ان نقابة المهندسين الزراعين استثمرت استثمارات ناجحة ومربحة في مجالات القروض لمنتسبيها ، بالإضافة إلى شراء الأراضي وبيعها ، ولكن تراجع اسعار الأراضي اثر على موجودات النقابة ، ولم يعد هناك سيولة في النقابة لدفع التزاماتها من حيث الرواتب ، مما قد تضطر لبيع هذه الأراضي بخسارة او بهامش ربحي قليل ، معتقدا بأنه في حالة تحسن الاقتصاد من جديد والقدرة الشرائية ، قد تتعافى هذه الصناديق من الضائقة المادية ، داعيا بان تظل هذه الأموال بعيدة عن ايدي الحكومة ، فكل نقابة ادرى بادارة شؤونها ولها خصوصية ، وحتى لا تتهم لاحقا الحكومة باي تقصير منها ، متسائلا ما المانع لو كان هناك رقابة مثل ديوان المحاسبة على أموال النقابات؟
ولفت ناظم العساسفة ان النقابات حالها حال الكثير من المؤسسات ، سيطر على حالها الفئوية والترهل والفساد ، اذ فشلت ادارات النقابات المتعاقبة من تعديل الانظمة الناظمة لتصويب الحال والخلل وبغض النظر عن الاسباب فما الفائدة من هذه الادارات ، مبينا ان الحل يتطلب نية صادقة وارادة حقيقية وادارة حصيفة لاصلاح ما يمكن اصلاحه ، وادخال جهة رقابية مالية تدقق الايرادات والنفقات والقرارات ، مع اعادة هيكلة كاملة للنقابة لكافة المناحي.
وأشار المهندس رائد حتر الى أن الاسباب الرئيسية لتعثر الصناديق ، سوء الإدارة والخلط بين العمل النقابي والحزبي وإدارة الصناديق من قبل أشخاص فنيين وحزبيين غير مختصين بالاستثمار ، وغير متابعين للموضوع يوما بيوم واختصار الاستثمارات على العقار والاسهم والاراضي بدلا من الاستثمار في مشروعات تنموية تتعلق بمجال عمل كل نقابة من النقابة ، طارحا حل لمشكلة الصناديق اما الغائها ، أوايجاد صيغة عادلة لاعادة الحقوق لاصحابها.