البطوش: الإدمان أسبابه متعددة وعلاجه يبدأ بالذات

إدمان وسائل التواصل الاجتماعي .. الأسباب والحلول
‏ ‏
الانباط – شذى حتاملة‎ ‎

مع التطور التكنولوجي الهائل وانتشار مواقع التواصل ‏الاجتماعي التي ألغت الحدود المكانية والزمانية ‏وأصبحت عاملًا مهمًا لا غنى عنه في حياة الإنسان، مما ‏تسبب لـ إدمان هذه التطبيقات من قبل الكثيرين، ‏والاستخدام المفرط والمتكرر والحاجة القهرية ‏لاستخدامها ، دون وجود ضرورات، الأمر الذي بات ‏يشكل خطر كبيرا على حياتهم اليومية‎ . ‎
وبدورها أوضحت الأخصائية النفسية والتربوية ، حنين ‏البطوش ، ان مواقع التواصل الاجتماعي هي وسيلة ‏الكترونية‎ ‎يقوم المستخدمون من خلالها بإنشاء مجتمع ‏افتراضي غير حقيقي، يتبادلون فيه المعلومات والأفكار ‏والرسائل الشخصية وبعض الصور والفيديوهات ‏ومحتويات أخرى ، لافتةً أن إدمان مواقع التواصل ‏الاجتماعي هو إدمان سلوكي والاستخدام القهري ‏والمتكرر لها ينتج عنه ضرر كبير في أداء الأفراد في ‏جميع مجالات الحياة لمدة طويلة، و لها عدة مخاطر ‏نفسية وتربوية واجتماعية وصحية تم انتشارها بشكل ‏ملحوظ وكبير في الآونة الأخيرة ، حيث أن 73% ممن ‏يستخدمون الإنترنت يدخلون على مواقع التواصل ‏الإجتماعي. ‏

وأضافت، أن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي ‏تعود إلى الدوافع النفسية التي تجعل الأشخاص ينشرون ‏ويشاركون متطلباتهم ، ووفقاً لهرم ماسلو، فإن هناك ‏حاجة فسيولوجية وهي كل الاحتياجات الأساسية للبشرية ‏من الطعام واللباس والمأوى والنوم، وهذه تدخل في فئة ‏‏"الفسيولوجية" في أسفل هرم ماسلو فبتالي من المحتمل ‏أن تتم مشاركة المنتج أو الخدمة التي تفي بهذه ‏الاحتياجات الأساسية عبر الإنترنت ، موضحة ذلك مثلا ‏إذا رأيت متجر يروج للباس جميل، فمن المحتمل أن يتم ‏تحفيز حواسك، ما يدفعك إلى مشاركة الرابط مع زملائك ‏من عشاق اللباس ، إضافة إلى السلامة والشعور بالأمان ‏وهي إحدى الاحتياجات الإنسانية الأساسية في هرم ‏ماسلو التي يسعى الإنسان للوصول إليها والحفاظ عليها ‏طوال حياته.‏
وزادت، أن من المثير للاهتمام أن المحتوى المتعلق ‏بالصحة والتوظيف والسلامة الجسدية والزواج وما ‏شابه يتم مشاركته بانتظام على المواقع التواصل ‏الاجتماعي ،فبتالي يستفيد فيسبوك من ذلك بشكلٍ فعال ‏من خلال ميزته، "التحقق من الأمان"، والتي يستخدمها ‏الأشخاص لتمييز أنفسهم بأمان خلال فترات الكوارث ‏الطبيعية، التي من صنع الإنسان ، ثم تتم مشاركة هذا ‏التحديث على الجداول الزمنية الخاصة بهم حتى يراها ‏الأصدقاء والتعليق عليها والإعجاب عليها‎.‎


وبينت البطوش، أنه وبحسب هرم ماسلو ، هناك أسباب ‏أخرى للإدمان على مواقع التواصل وهي الحاجة للتقدير ‏، لأن الرغبة في الاعتراف والمكافأة على الإنجازات هي ‏غريزة أساسية للإنسان ، ويميل المسوِّقون إلى الاستفادة ‏من هذه المشاعر من خلال حملات مشاركة الوسائط ‏الاجتماعية ، حيث يقال يتم تنشيط الجزء الساعي للمكافأة ‏في دماغنا عندما نشارك مشاعرنا وخبراتنا على وسائل ‏التواصل الاجتماعي ، وبالتالي هذا يفسر سبب رؤيتنا ‏أيضًا للكثير من صور الإجازات على منصات مختلفة ‏والوصف التفصيلي للزواج والعلاقات .‏
‏ وأشارة إلى أن هناك أسباب أخرى تتعلق بالحاجة إلى ‏إدراك الذات ترتيبه في القمة من هرم ماسلو تأتي رغبة ‏البشر في الوصول إلى إمكاناتهم القصوى ، قد يعني هذا ‏التفوق في رياضة معينة أو إتقان حرفة صعبة ، أو قد ‏يعني أيضاً النجاح في اختبار معين، غالباً ما نشارك ‏نجاح اختباراتنا التي قمنا بها أو اجتيازها مرحلة صعبة ‏في حياتنا بنجاح أو تفوقنا بإنجاز ما عبر الإنترنت ‏لتعزيز غرورنا بأنفسنا كما يعتقد البعض‎.‎

وأكدت، أن الدوافع التي تدفع الأفراد لاستخدام مواقع ‏التواصل الاجتماعي كثيرة ومنها الخلافات الأسرية، ‏حيث يلجأ الكثير من الأفراد إلى استخدام مواقع التواصل ‏للبحث عن أصدقاء جدد للهروب من الخلافات الاسرية ‏،إضافة إلى بعد المسافات بين الأهل والأقارب مما أدى ‏الى للبحث عن طريقة للتواصل الاجتماعي مع هؤلاء ‏الأشخاص ، مشيرة إلى أن ارتفاع نسبة البطالة تؤدي إلى ‏لجوء الشباب إلى مواقع التواصل الاجتماعي للهروب ‏من الواقع الصعب ، وكثرة أوقات الفراغ حيث يقوم ‏البعض
‎ ‎بملء وقت الفراغ عن طريقها مع بعض الأصدقاء، ‏وتكوين صداقات جديدة في محاولة منهم للقضاء علي ‏الشعور بالملل والرغبة والفراغ من أجل الحصول جو ‏اجتماعي جديد من وراء شاشات الكمبيوتر والهواتف ‏النقالة ، واسباب اخرى تتعلق في التكيف بما في ذلك ‏الأذى والدمار الناتج عن الظروف القاسية وعدم القدرة ‏على استعادة الذات‎.‎

وتابعت، أن هناك دوافع اخرى تتعلق بمهارات حل ‏المشكلات و الضعف في التحليل واتخاذ القرار وعدم ‏التخطيط بشكل منظم ، وعدم إشباع الاحتياجات العاطفية ‏أو النفسية غير المشبعة ، وتدني مستوى هرمون ‏الدوبامين وهو هرمون التحفيز هو ناقل عصبي كيميائي ‏ينتجه دماغنا بشكل طبيعي، نفقدها بمرور الوقت بسبب ‏نمط الحياة السيء أو الأدوية عندما تفكر في الدافع او ‏إلغاء النشاط أو السرور أو التركيز أو النية أو عوامل ‏الشعور بالرضا أو عدمه ،حيث إدمان تصفح مواقع ‏التواصل الاجتماعي ، والانتقال من موقع إلى أخر ‏صورة إلى صورة ، والتحقق من الإشعارات كل 15 ‏دقيقة، كلها أعراض انخفاض هرمون الدوبامين حيث كل ‏منها يحفز إنتاج الدوبامين ويثير الإثارة والتشويق ، ‏ويشعر بالتالي بالسعادة والرضا بالنفس‎ .‎
ولفتت البطوش إلى ان الادمان على مواقع التواصل لها ‏تأثيرات عديدة منها انخفاض معدلات الحركة والنشاط ‏البدني وخاصة عند الأطفال وانخفاض في مستويات ‏الأداء في العمل أو الدراسة ، وعدم الإحساس بالتعاطف ‏مع الآخرين ، وانخفاض الثقة بالذات بسبب التعرض ‏المفرط للمقارنة مع حياة الآخرين مما يؤدي الى الانعزال ‏عن المجتمع والوحدة ، وظهور اضطرابات النوم خاصةً ‏عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم يؤدي ‏لا شعور الشخص بشكلٍ خدّاع بأنه في مشهدٍ مضاء ‏بإضاءة ساطعة، ما يؤخر إنتاج هرمون الميلاتونين ‏المسؤول عن النوم ، وتعرض الكثير من الناس وخاصةً ‏المراهقين إلى التنمر الإلكتروني، والتحرش‎ ‎الجنسي،وتلقي تعليقات سلبية ومسيئة على مواقع ‏التواصل الاجتماعي ، وارتفاع نسبة خطر الإصابة ‏بالسمنة؛ جرّاء الجلوس لساعات طويلة على مواقع ‏التواصل الاجتماعي‎ . ‎
وأشارت إلى أن طرق الوقاية من إدمان استخدام مواقع ‏التواصل الاجتماعي أو الحد من فرص حدوثه، تبدأ أولأ ‏بالمساعدة الذاتية عندما يتم الاعتراف بالمشكلة وتحديدها ‏والإصرار على التخلص منها ، على سبيل المثال إذا ‏كنت تقضي 6 أو 7 ساعات أو أكثر يومياً أمام مواقع ‏التواصل الاجتماعي فقد وصلت إلى مرحلة الإدمان ، ‏مضيفة إلى ضرورة حذف وسائل التواصل الاجتماعي ‏من الهاتف الشخصي واستخدامها من جهاز الحاسوب ‏فهذا يساعدك على تقليل الوقت المستخدم، وإيقاف تشغيل ‏الهاتف الشخصي أثناء الدراسة والعمل وممارسة ‏الأنشطة الترفيهية وأثناء الجلسات العائلية ، وتحديد‎ ‎أوقات معينة لمواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ‏التخلّص من الأشخاص الموجودين في قائمة الأصدقاء ‏لديك والذين لا تعرفهم في الحياة الحقيقية.‏

‏ وعززت البطوش سبل الوقاية بـ عدم استخدام الهاتف ‏وإغلاقه خاصة في غرفة النوم وأثناء العمل والدراسة ‏،وممارسة بعض الهوايات مثل الرياضة والفنون والطبخ ‏، وجعل رؤية العائلة والأصدقاء من الأولويات الخاصة ‏بك ومشاركة بالأنشطة العائلية مثل زيارات والمشاركة ‏بالأعمال التطوعية وحفظ القرآن والأحاديث خاصة ‏للأطفال لتجنب حصول الفراغ لديهم ، لافتة إلى أنه قد ‏نلجأ للطرق علاج أخرى منها :العلاج المعرفي السلوكي ‏والعلاج الجدلي السلوكي وبعض المقابلات التحفيزية ‏والجلسات الاستشارية الجماعية التي تعمل على التوعية ‏سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على نفسية ‏والمجتمع والأفراد‎.‎