بنك المناخ الاردني.. ثروة معلوماتية وتاريخ طويل من الرصد الجوي

 بشرى نيروخ- المتخصصون وحدهم يعلمون ما لا يعلمه كثير من عامة الناس أن الاردن يمتلك
بنكا للمناخ تابعا لإدارة الأرصاد يعتبر بحسب ما يؤكد مسؤولون إقليميون ثروة معلوماتية عن عناصر المُناخ مثل درجات الحرارة والرطوبة والضغط الجوي وسرعة واتجاه الرياح وكميات الأمطار يمتد تاريخها لحوالي مئة عام.

وبحسب متخصصين كان لهذا البنك دور كبير في دعم البحوث العلمية والتطبيقية وتطوير وتحسين عمل الأرصاد الجوية على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، وتبرز أهميته إذا بالاعتبار أن المناخ ظاهرة طبيعية عابرة للحدود ومن أجل يصبح التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال حيوي للغاية.



وبالتزامن مع الاحتفال باليوم العربي للأرصاد الجوية الذي يصادف بعد غد الجمعة تحت شعار: "الطَّقس والمناخ والأمن الغذائي" الذي فازت به إدارة الأرصاد الأردنية من بين خمس دول عربية وشاركت بتصميم (اللوغو) الخاص به، تتبعت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) سيرة الأرصاد الجوية الأردنية، ووقفت عن كثب على أهمية بنك المناخ التابع لها.

تشير سجلات إدارة الأرصاد الجوية الأردنية الى أنَّ مجموع أعداد النشرات الجوية لحالة الطقس المستقبلية والتي تصدر سنوياً من مديرية التنبؤات الجوية في الإدارة تصل إلى نحو 5800 نشرة جوية بنسبة دقة عالية تستقي تنبؤاتها من 51 محطة رصد جوي منتشرة في أنحاء المملكة منها 21 محطة رصد تقليدية تعتمد على العنصر البشري يعمل بها راصدون لرصد كافة عناصر الطقس على مدار الساعة في كافة محافظات المملكة، بالإضافة الى 30 محطة أوتوماتيكية.
مدير إدارة الأرصاد الجوية بوزارة النقل رائد آل خطاب قال، إن الأردن يمتلك بنكا مناخيا يعد من أقدم البنوك التي تحوي بيانات مناخية منذ عام 1921.
وبين أنَّ اليوم العربي للأرصاد الجوية أقرّته جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بمناسبة إنشاء اللجنة العربية الدائمة للأرصاد الجوية في 15 أيلول 1970؛ يهدف إلى توحيد الجهود والأهداف في هذا المجال العلمي والدور الحيوي الذي تلعبه الأرصاد الجوية في مختلف مجالات الحياة.
وأشار الى أن إدارة الأرصاد الجوية هي عضو باللجنة الفرعية للأرصاد الجوية التابعة للجنة الدائمة للمواصلات في الجامعة العربية منذ عام 1955 والتي سميت في العام 1972 باللجنة العربية الدائمة للأرصاد الجوية، وترأست الأرصاد الأردنية أعمال الاجتماع الأخير للجنة التوعية والإعلام والتابعة للجنة العربية الدائمة للأرصاد الجوية في جامعة الدول العربية.

وانضمت الإدارة لعضوية منظمة الأرصاد الجوية العالمية عام 1955 وهي ممثلة بجميع اللجان التابعة لهذه المنظمة، وفي الفترة الأخيرة تمت إضافتها إلى أهم لجنتين في المنظمة هما، لجنة "SERCOM" الخاصة بالطقس والمناخ والمياه والخدمات البيئية ذات الصلة، ولجنة "INFCOM" المعنية بمراقبة نظم المعلومات للأرصاد الجوية.
ولمواكبة التكنولوجيا وإعطاء معلومات تفصيلية أكثر دقة عن الحالة الجوية، تمتلك إدارة الأرصاد الجوية الاردنية واحدا من أكثر رادارات الطقس حداثة ويعتبر من أنظمة الإنذار الآني، يقول آل خطاب، الذي يوضح أن الأرصاد الجوية تستقبل عبر القمر الصناعي الأوروبي (يومتسات) كل 15 دقيقة صورا وبعدة قنوات منها ما يخص حركة الغيوم وانواعها والجبهات الهوائية المصاحبة للمنخفضات الجوية والكتل الهوائية وحركتها، وقنوات خاصة بموجات الغبار والعواصف الرملية، إضافة الى نماذج عددية تعتمد على الذكاء الاصطناعي في محاكاة الغلاف الجوي للمستقبل والتي يتم دراستها من قبل المتنبئ الجوي يتم على أساسها توقع حالة الطقس.
وأكد آل خطاب أن إدارة الأرصاد الجوية تتمتع بكفاءات مهنية من ذوي الخبرة والحاصلين على دورات تدريبية عالية، موضحا أنه ليس بإمكان أحد الوصول إلى رتبة متنبئ جوي قبل اكتساب خبرة لا تقل عن خمس سنوات.
وقال، مع نهاية العام 2022 وبداية العام الحالي، أصبح الأردن جزءا من بروتوكول الإنذار الموحد العالمي (CAP)، وغدا من بين الدول التي تقوم بنشر هذا النظام وتم اعتماده من منظمة الأرصاد العالمية.
وأوضح أنَّ بروتوكول الإنذار الموحد يعني تنسيق البيانات وتبادل التحذيرات وحالات الطوارئ بين تقنيات التنبيه وبما يسمح بنشر رسالة تحذير بشكل متناسق في وقت واحد عبر العديد من أنظمة الإنذار إلى العديد من التطبيقات مثل (غوغل ببلك أليرت وسيل برودكاست) بشكل يتناسب مع مستويات المخاطر والفئات المستهدفة من التحذيرات.

ولفت الى ربط هذا التحذير بمديرية الدفاع المدني/ قسم العمليات لتسهيل عملية اتخاذ القرار في حالات الجو العنيفة مثل الفيضانات والغبار والأمطار الغزيرة والثلوج والمناطق الساخنة، كما أن هناك ضابط ارتباط مندوبا عن إدارة الأرصاد الجوية في المركز الوطني لإدارة الأزمات، إضافة إلى ضباط ارتباط في غرف العمليات في مؤسسات الدولة كافة، لتزويدهم بالنشرات الجوية والتحذيرات في الوقت المناسب، والتنسيق مع وسائل الإعلام المختلفة وشبكات مواقع التواصل الاجتماعي، لوضع المواطنين بصورة الحالة الجوية.

ويتبع لإدارة الأرصاد الجوية عدد من المديريات منها: مديرية التنبؤات الجوية، مركز التدريب للرصد والتنبؤات، ومديرية محطات الرصد الجوي، بالإضافة إلى مديرية المناخ، لافتا الى أن مركز التدريب يُعنى بتقديم خدمات التدريب على الرصد والتنبؤات الجوية للعاملين في الإدارة وغيرهم في مؤسسات الدولة والأفراد، وكذلك لدول المنطقة وفق معايير دولية عالية الجودة، ويطبق المركز نظام إدارة الجودة (ISO 9001 ) في جميع عملياته وبرامجه التدريبية.

وأشار آل خطاب الى أن مركز التدريب عقد منذ تأسيسه أكثر من (108) دورات تدريبية متخصصة في مجال الرصد الجوي والتنبؤات الجوية لتلبية احتياجات القطاعات المختلفة كقطاع الطيران الزراعة والبيئة وغيرها من القطاعات
ويطبق تعليمات وشروط وتوجيهات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية والمنظمة الدولية للطيران المدني، وتخرج من
هذه الدورات أكثر من (828) متدربا من الأردن والبلدان العربية الشقيقة كالعراق وفلسطين، والكويت، واليمن، وقطر، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة.

الممثل الإقليمي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية للمنطقة العربية الدكتور هشام عبد الغني، أشار إلى ان إدارة الأرصاد الأردنية تتميز بكفاءة العامل البشري، مشيرا الى أن الخبراء العاملين بالأرصاد الأردنية يتميزون بخبرات عالية وتأهيل علمي عالي الجودة بدليل استعانة العديد من مرافق الأرصاد بالدول العربية بكوادر الأرصاد الاردنية للعمل لديها.
وقال، إن إدارة الأرصاد الجوية حرصت منذ انضمامها للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية على أن تكون عضواً فاعلاً ومؤثراً في أنشطة المنظمة المختلفة، والحرص على المشاركة في اجتماعات "الكونجرس المناخي" الذي يتخذ قرارات على المستوى الاستراتيجي.
وأشار عبد الغني الى أهمية عضوية الأرصاد الاردنية باللجنتين الفنيتين الخاصتين بالبنية التحتية، وكل ما يتعلق بها من محطات الرصد ونظم تبادل البيانات الدولية والتنبؤات العددية، والتي تتعلق بالمجالات التطبيقية لعلوم الأرصاد الجوية، ومنها أرصاد الطيران والأرصاد البحرية والأرصاد الزراعية ودور الأرصاد في الحد من مخاطر الكوارث.

وأكد أن الأردن من الدول المبادرة في الاستفادة من أنشطة المنظمة العالمية للأرصاد الجوي في مجال بناء وتنمية القدرات من دورات تدريبية وورش عمل وندوات علمية وتطبيقية، وكذلك الإصدارات العلمية والتطبيقية التي تصدرها المنظمة والمبنية على أحدث التطورات العلمية والخبرات العالمية، ودوره في المبادرات الدولية للمنظمة مثل مبادرة نظم الإنذار المبكر، وبروتوكول التحذير الموحد.
واعتبر عبد الغني أن البنك المناخي بإدارة الأرصاد الأردنية ثروة كبيرة للمملكة وللعالم قد لا يعلمها الكثير من العامة، ولكن المتخصصين يدركون قيمتها، مشيرا الى أن هذا البنك يمتلك تاريخا طويلا من رصد العديد من عناصر المناخ منذ أكثر من مئة عام مثل درجات الحرارة والرطوبة والضغط الجوي وسرعة واتجاه الرياح وكميات الأمطار التي تتسم بدقة عالية من التنبؤ.
وأشار الى دور هذا التاريخ المعلوماتي عن المناخ والتنبؤ الجوي في دعم البحوث العلمية والتطبيقية وتطوير وتحسين عمل الأرصاد الجوية على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، موضحا أن المناخ هو ظاهرة طبيعية عابرة للحدود وهذا يؤكد أن التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال حيوي للغاية.

مدير عام الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين المهندس محمود العوران أشار إلى أن أهمية نشرات إدارة الأرصاد الجوية لا تقتصر فقط على فصل الشتاء بل تشمل أيضا حالة الطقس في فصل الصيف حيث يتم الأخذ بها على محمل الجد، وتعميمها على مزارعي المملكة كافة من خلال موقعنا، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار العوران الى أهمية نشرات حالة الطقس في تحديد بداية الموسم والوقت الأمثل لزراعة المحاصيل الحقلية التي تعتمد على مياه الأمطار كالزراعات البعلية مثل القمح والشعير.
وفيما يتعلق بالارتفاع الحاد على درجات الحرارة، أكد العوران أن النشرات الجوية لإدارة الأرصاد الجوية هي صمام أمان للمزارعين لحماية مزروعاتهم ما أمكن، وكذلك لاتخاذ ما يلزم من احتياطات للحفاظ على الإنتاج الحيواني من تقلبات الجو والتغيرات المناخية من خلال توفير المياه صيفا والتدفئة شتاء والعناية بصغار مواليد الحيوانات وحمايتها من السيول والفيضانات، ودورها في تحقيق التنمية المستدامة خاصة في مجال الأمن الغذائي.

وأكد العوران الفضائل العظيمة للنشرة الجوية على القطاع الزراعي وتلافي الأضرار التي يصعب تقدير حجمها، مشيرا على سبيل المثال الى تحذيرات إدارة الأرصاد الجوية من حدوث الصقيع أو في حالتي الارتفاع الحاد والانخفاض الحاد بدرجات الحرارة لتلافي عدم أو تأخير الإزهار أو عقد الثمار، وكذلك تأثير الرياح العاتية على الزراعات المحمية واحتمال مداهمة السيول للثروة الحيوانية.

--(بترا)