الحكومة مسؤولة ولكن


عمر الكعابنة ‏

عندما نلقي نظرة على الوضع الاقتصادي في الأردن، نجد أن هناك سلسلة من ‏الأخطاء من قبل الحكومات المتعاقبة أدت إلى تفاقم مشكلات عدة في الاقتصاد ‏الوطني، تشمل هذه الأخطاء زيادة معدلات البطالة والفقر، وتراكم الديون الخارجية ‏والداخلية بأرقام مرعبة، هذا الوضع الاقتصادي الصعب قد أثر بشدة على معيشة ‏المواطنين، الذين لا يمكن أن لومهم على التذمر تجاه حالتهم الاقتصادية‎.‎

ولكن ، يجب علينا أيضًا أن ندرك أن هناك أخطاء وسلوكيات على مستوى الأفراد ‏تسهم بشكل كبير في هذا التراجع الاقتصادي، على سبيل المثال، يمكن أن يؤثر ‏سلوك سائقي العمومي الوجهة الأولى للبلاد ‏
الذين يستقبلون الزوار الأجانب بشكل سلبي على صورة الأردن، حيث يقوم بعضهم ‏بإستخدام لغة نابية وسلوك غير حضاري وإستغلال الزوار مادياً، مما ينقل صورة ‏سلبية عن البلد إلى السياح‎.‎

ومن بين السلوكيات الفردية التي تؤثر على الصورة العامة للأردن هي تعامل ‏الموظفين الحكوميين مع بعض المستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب، حيث ‏يواجهون معاملة فوقية من قبل الموظفين الحكوميين أو تأخير في إجراء المعاملات ‏بسبب البيروقراطية المعمول بها في الدوائر الحكومية ، بالإضافة لعدم فهمهم ‏لواجباتهم، أحد الأصدقاء يروي لي أنه يعمل على تخليص المعاملات الحكومية للمستثمرين ‏المحليين والأجانب،وعند ذهابه لتخليص معاملة ما يسرد للموظف القانون المتبع ويخبره على ‏سبيل المثال أن المعاملة التي أمامه هو المسؤول عن توقيعها، وهذا الأمر لا يقتصر على ‏الموظف البسيط بل يصل إلى الموظفين في الإدارات العليا!‏


في مواقع التواصل الاجتماعي، عندما يسأل مغترب ما على أحد القروبات العامة ‏عن استثمارات ناجحة ممكن تنفيذها في الأردن، ترد إليه إجابات سلبية وطاردة ‏للإستثمار ، وعند البحث في صفحات المعلقين تجدهم أصحاب إستثمارات ومحال ‏تجارية، يظهر تناقض بين الواقع والعالم الافتراضي الذي يعيشه بعض المواطنين.‏

في المناطق السياحية، يمكن أن يؤثر سلوك بعض الأفراد بشكل سلبي على تجربة ‏السائحين، فهناك البعض ممن يستغلون تواجد السياح يقومون بـ التسول والبيع ‏بطرق إجبارية وقد تصل أحياناً تصرفاتهم لحد التحرش اللفظي وفي بعض المواقف ‏للتحرش الجسدي، مما يثيراستياء الزوار الأمر الذي يضر بسمعة البلد‎.‎

على المستوى الرسمي، يصدر بعض المسؤولين قرارات خاطئة وكارثية بدون ‏تخطيط الاستراتيجي أو التشاور ، وتتم تلك القرارات في بعض الأحيان بناء على ‏الأهواء الشخصية،سواء كان ذلك بتعيين موظفين غير مؤهلين أو قرارات مصيرية ‏تمس المواطنين بشكل مباشر، تلك القرارات الغير مدروسة تؤثر سلباً على ‏الاقتصاد الوطني والمواطنين ، ‏

لحل هذه المعضلة، يجب أن نتعامل مع الأخطاء على المستوى الفردي والحكومي، ‏ويتعين على الحكومة تثقيف الموظفين العامين بدورهم وأهمية تقديم خدمة جيدة ‏للمستثمرين والمواطنين، كما يجب مكافحة البيروقراطية وتبسيط الإجراءات ‏الحكومية، وعلى الأفراد أن يعكسوا صورة إيجابية للأردن من خلال سلوكهم ‏وتصرفاتهم‎.‎

في النهاية، يجب على الجميع حكومة وأفراد أن يعملوا معًا لحب الوطن وتطويره، ‏وعلى المسؤولين أن يتخذوا قرارات مدروسة تعكس مصلحة البلد، ويجب توجيه ‏الجهود نحو تحسين السلوكيات ومعالجة الأخطاء على المستوى الفردي والحكومي، ‏بهذا الحب الوطني يمكننا تحسين الصورة الاقتصادية للأردن والعمل نحو مستقبل ‏أفضل‎.‎