الميثاق ...

الميثاق ...

الحياة ميثاق بدءا من الأسرة أب وأم وأبناء وصولا إلى علاقة المواطن بالمواطن والوطن ، والمسؤول بالمسؤول، والمسؤول بالمواطن ،  والحاكم بالمحكوم ، والموظف بالعامة ، والإستاذ بالطالب ، والطالب بالاستاذ ، وحتى بين الزوج والزوجة هي ميثاق ، وهذا الميثاق وصفه الله عز وجل بميثاق غليظ ...

يقول سيد رحمه الله عن معنى افضى ويبدو ان مبالغات سيد آتت أكلها هنا  ( اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة إناء الليل وأطراف النهار ، وعشرات الذكريات لتلك المؤسسة التي ضمتهما فترة من الزمان . . وفي كل اختلاجة حب إفضاء . وفي كل نظرة ود إفضاء . وفي كل لمسة جسم إفضاء ، وفي كل اشتراك في ألم أو أمل إفضاء . وفي كل تفكر في حاضر أو مستقبل إفضاء . وفي كل شوق إلى خلف إفضاء . وفي كل التقاء في وليد إفضاء . .) ...

وقفت مع هذا الوصف فوجدته يحمل معنى عظيما،  فمن جهة هو يُحمل المسؤولية للطرفين ومن جهة فقد أفضى بعضهم إلى بعض ، ومن جهة أخرى هو يسن قانونا عمليا للبشر بأن الميثاق هو الميثاق ، وتذكرت هنا الغزالي القديم رحمه الله كان يعشق أن يضع القوانين والحدود ، ولكن ألم يضع الله بني أسرائيل تحت الجبل وهو فوقهم حتى يأخذ منهم هذا الميثاق بأن يقيموا التوراة ولا ينحرفوا عنها ، وألزم الأنبياء جميعا بهذا الميثاق  في سورة الأحزاب ﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مِیثَـٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحࣲ وَإِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّیثَـٰقًا غَلِیظࣰا ) .
 
الميثاق هو تفسير وتفصيل ورسم لحدود الحياة ببن البشر وبين البشر وخالقهم ، فهل لو كان هذا المعنى واضحا في عقل إبن آدم الأول هل أقدم على قتل أخيه ؟

 وهل لو كان هذا المعنى واضحا في عقل الزوج نظر إلى المرأة نظرة دونية وحرمها حقوقها ؟ أو العكس حتى لا يغضب الرجال ، والآية هنا تتكلم عن حقوق الميراث ، ولكن وكما هي عادة القرآن معانيه شاملة مستوعبة متعدية لا تقف عند حد الميراث ، بل تتعداه إلى الحقوق بين البشر ...

مصطلح الحقوق والواجبات مصطلح يعيه تماما أولئك الذين ديدنهم الحياة العامة وإصلاحها ، ولكن لا تبحث في أمر إلا وجدت القرآن سابقا إليه وقد وضحه ونظمه وقعده ووضع له الطرق والوسائل التي تضمن وجوده وإستمراره ...
 
سأل إبن الرومي نراك تقرأ وتكتب كثيرا فماذا عرفت ؟  فقال عرفت حدودي ...

 نعم الحدود بين ما هو لك وما هو ليس لك ، بينك وبين الأخر هي هذه الحدود ، في الشارع ، في المدرسة ، في الوظيفة ، في العلاقة الزوجية ، في العلاقة بين الوالد والأبناء والبنات تحديدا ...

 ألم يرفض الرسول صلوات ربي عليه الشهادة على ما قام به البشير من نحل ولده النعمان قطعة أرض دون باقي أخوته ، وسمى ذلك جورا وهو لا يشهد على جور ، اذا الرسول كان يعرف تماما حدود العلاقة بين الأب والإبن وباقي الأبناء وفق ذلك الميثاق الذي أخذه منهم الله بإقامة العدل في الأرض...

 ولذلك رفض رفضا قاطعا الشهادة على ذلك ، مع أن الموضوع إذا أردنا أن نجد له قاعدة عقلية ، المال للوالد وهو صاحب الحق في التصرف به ، ولكن الشريعة لا تنضبط للعقل بل تنضبط للعدل ...

الموضوع ذو شجون عميقة وأكتفي بهذا القدر ...

أبراهيم أبو حويله...