الدكتور رافع شفيق البطاينة يكتب:مكافحة الفساد ومنظومات التحديث ،،،
مكافحة الفساد ومنظومات التحديث ،،،
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة ،،
الجميع في الأردن حكومة وشعبا يتحدث اليوم عن منظومات التحديث الثلاث التي بدأتها الدولة الأردنية ، ولكن قلة من هم يتحدثون عن أهمية مكافحة الفساد وجهودها كركيزة أساسية تواكب عملية التحديث بالتوازي وداعمة لها لإنجاحها ، فلا يمكن الحديث عن التحديث والتطوير والإصلاح بشموليته بمنأى عن مكافحة الفساد ، لأن العملية تكاملية، فكيف يمكن أن تنجح عمليات التحديث وتحقق أهدافها وتؤتي ثمارها والفساد ينخر في مؤسسات الدولة المختلفة مثلاً ، إذا كان هناك تراخي في هذا المجال، ولذلك فإن الدولة الأردنية كما دخلت المئوية الثانية بنهج حازم وجاد لتحقيق التحديث الشامل بقطاعاته السياسية والاقتصادية والإدارية ، فإنها كذلك بدأت عملية تطهير وتنظيف مؤسسات الدولة من براثن الفساد، وظهر ذلك جليا بجهود مكثفة من هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ، عبر الحملات المتلاحقة التي قامت وتقوم بها دوريا ، سواء كانت هذه الحملات إعلامية توعوية وتثقيفية ، أو علاجية ، أو وقائية، ولذلك لاحظنا مؤخرا قيام الهيئة بتحديثات على أدائها وإجراءاتها شملت تعديلات تشريعية تحديثية، وتعديلات إدارية شملت الهيكل التنظيمي لإدارتها ، علاوة على قيامها بعمل استطلاعات لقياس مؤشرات الأداء بالتعاون والتشارك مع بعض مؤسسات المجتمع المدني ، والعديد من الإنجازات التي لا مجال لذكرها، ولذلك فإننا نطالع يوميا في الأخبار قضايا ضبط واكتشاف مخالفات فساد بأساليبه المتعددة والمختلفة ، فإنجاز التحديثات يتطلب أن يكون خالي من العيوب ، نقيا من بقع الفساد حتى يقتنع المواطن الأردني بجدية التحديثات ومبتغاها ، فالتحديث يعني التجديد ، والتجديد حتما يجب أن يكون نظيفا من الفساد وكل ما يعكر صفو النزاهة والشفافية ، فمن يريد أن يحدث ويجدد أثاث منزله، عليه أولا أن ينظف البيت وغرف الأثاث ، حتى يضع الأثاث على أرضية نظيفة، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد عملت طوال السنوات الماضية على تجفيف منابع وبؤر الفساد والحد منه قدر الإمكان ، بهدف توفير بيئة وأرضية جاهزة وخصبة مهيئة لتقبل التحديثات والإقتناع بها من قبل عامة الشعب ، وعليه فإن التحديثات ومكافحة الفساد يسيران جنبا إلى جنب بتلازم ، ويكملان بعضها البعض ، لأن التحديث يجب أن ينطلق من أرض نظيفة ييضاء، ولأن كل ما يبنى أو بني على باطل فهو باطل ، فمكافحة الفساد هي نقطة الإنطلاق الرئيسة للتحديث وبالأخص التحديث الإقتصادي والإداري اللواتي هن المغريات الجاذبة للفساد ، لأن قضايا الفساد هي إما فساد مالي ، أو فساد إداري ، وللحديث بقية.