هل سيبقى المواطن الأردني حكيم نفسه حتى يخسرها ؟؟

زينة البربور
قد لا يُصلح دائماً تطبيق المثل الشعبي" الإنسان طبيب نفسه"، فقد ينقلب العلاج سقمًا على صاحبه إن لم يُحدّد الطريقة المناسبة للتعامل مع علاجه، فهذا حال غالبية المواطنين في الأردن، فعند أول محطة ألم يشعرون بها، تجدهم سرعان ما يتجهون إلى أقرب صيدلية لشراء دواء سريع  المفعول دون استشارة طبية، مما يجعلنا أمام سلوكيات قد تكون ثقافة لدى البعض، في الوقت الذي يغفل فيه سالكوه الأثر السلبي لهذا السلوك على صحتهم.
وأشار الطبيب العام منير أبو السمن في حديث لـ" الأنباط " إلى وجود فوضى عارمة في الأردن بهذا الشأن، حيث يتّجه المريض إلى أعلى الاختصاصات من تلقاء نفسه وتسمى هذه العملية بـ" التحويل الذاتي"، مشيرًا إلى ضرورة توجّه المريض إلى طبيب عام لتقييم وضعه الصحي، ويحدّد مدى الحاجة لتحويله إلى طبيب اختصاص أو الاكتفاء بزيارة طبيب الأسرة والعام والباطنية. 
وأكد أبو السمن وجود حالات كثيرة يكون العارض الصحي فيها سطحيًا كالصداع، ليتبين بعد الفحص الدقيق وجود ورم في الدماغ، أو في الغدة النخامية أو زيادة في هرمون الحليب، مؤكدا أنه كلما كان التدخل الطبي مبكرًا زادت نسبة الشفاء.
وذكر إحدى الحالات المرضية التي وردت إليه، ممن كانت تعاني من نزيف خلال عملية الإخراج، وقصد المريض الصيدلية لعدة مرات، وتناول أدوية مضادة للالتهاب حتى تبيّن بعد الفحص الدقيق وجود سرطان قولون منتشرًا في عدة مناطق في جسمه، لافتًا أنه لو تم تشخيص حالته مبكرًا لكانت نسبة الشفاء أكبر، مستشهداً بالحديث النبوي الشريف" ولا تداوي أحداً حتى تعرف داءه"، أي أنه لا يجوز علاج الأعراض قبل البحث بالأسباب وعلاج المرض نفسه.
ولفت أن ألم المعدة قد يكون نتيجة جلطة حادة في القلب مشيرًا إلى أن الكثير من المرضى فارقوا الحياة بسبب توجههم للمكان الخطأ وعدم تشخيصهم المرض من قبل الطبيب المختص، واكتفائهم بتناول علاج للقرحة فقط، ذاكراً وفاة أحد أهم أطباء علم الأنسجة في أحد المستشفيات الأردنية بالطريقة ذاتها.
وأكد على ضرورة وجود نظام صحي للمريض كتلك الأنظمة الصحية المتوفّرة في الدول المتقدمة كبريطانيا وأمريكا، لافتًا وجود قانون في بريطانيا يمنع وصول المريض إلى الطبيب الإخصائي دون مروره على الطبيب العام في البداية.
 وأشار إلى وجود مشروع في الأردن وبالتعاون مع وزارة الصحة لاختبار قادمية تطبيق نظام كهذا في البلد وتحديد أهم ميزاته.
وشدّد على خطورة هذه الظاهرة، فقد يكون العارض بسيطًا لكنّه يخفي مرضّا خطيرًا، مؤكدًا أن الأشخاص المؤهلون والمدربون لتشخيص الأمراض هم الأطباء فقط.
وأوضح أن ليتم تحقيق توازن بيئي صحي فإنه يجب إشراك كل من الطبيب والصيدلاني والمختبر والممرض دون الاستهانة بدور أحد منهم، لافتًا أن الصيادلة يعتبرون جزءا ضروريا لكن يجب الإلتزام بدوره ضمن الحدود المعروفة كوصف الأدوية لأعراض بسيطة كالحموضة أو صداع لأول مرة غير مرافق بأعراض أخرى، لكن في حال تكرر الألم أو كان مرافقا بأعراض أخرى فإنه يجب على الصيدلاني تحويله إلى الطبيب المختص. 
وختم أن الأوضاع المعيشية التي يعانيها المواطنون قد تكون أحد الأسباب التي تدفع المريض للاكتفاء بعلاج الصيدلاني وعدم التوجه للطبيب.