هكذا ستستفيد "المثلية الجنسية" والظواهر الهجينة من "الجرائم الإلكترونية" ٠٠

خليل النظامي

كانت "المثلية الجنسية" في الماضي مجرد فكرة في أذهان المواطنين يتم مناقشتها في الجلسات الخاصة بين الشباب والفتيات من باب التسلية وإضاعة الوقت، ومع مرور الوقت وتطور العواصف المؤيده لها ببطء شديد بـ مساعدة الكثير من الدول والمنظمات الدولية على رأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان والإتفاقيات التي إنبثقت عنها باتت "المثلية الجنسية" حاليا واقع يمارس علنا وسرا في بعض مجتمعات الدول العربية والاسلامية. 

هذه النتيجة لم تسقط فجأة على مجتمعات الدول العربية والاسلامية، بل جاءت نتيجة عمل إستراتيجي وتخطيط على أعلى المستويات سواء الإدارية أو الاعلامية والاجتماعية من قبل الدول التي تؤيد وتعزز إنتشار هذه الفئة، فـ من إستخدام فلسفة الدعاية الاعلامية لـ ترسيخ مفاهيمها، مرورا بـ قوانين الحماية من التمييز بذريعة قبول الآخر، وصولا إلى إنتشار وتواجد إجتماعي مقبول ويمارس بكل حرية. 

وهذه النتيحة التي باتت حقيقة وبحسب القانون الدولي لـ حقوق الإنسان وفي الإعلان العالمي لـ حقوق الانسان وغيره من المعاهدات الدولية المتعلقة بـ حقوق الإنسان باتت محمية ومؤطرة بـ تشريعات وقوانين بـ طريقة مباشرة وبطريقة إلتفافية غير مباشرة هدفها حماية هذه الفئة من أي إنتهاك أو تمييز أو عنف أو خطاب كراهية، ومنحتهم الحماية أيضا بـ حقهم بـ التعبير المعلن وحماية حريتهم بـ الرأي.  

ومن على الضفة المقابلة، من المعروف أن المجتمعات العربية الأسلامية في الدول النامية لا تتقبل ولا بأي شكل من الأشكال تواجد هذه الفئة في الواقع الذي يعيشونه يوميا، نظرا لـ طبيعة الإمتدادات العقائدية الاسلامية والمسيحية التي تحرم هذا السلوك البشري تحريما قطعيا، ومواريث العادات والتقاليد المحافظة لدى المجتمعات العربية، إلاّ أن بعضها باتوا يتقبلون هذا التواجد حاليا أو يبتعدون عن الإحتكاك معه نظرا لـ الحماية القانونية الصارمة التي يتمتع بها "المثليون" بذريعة حقوق الإنسان. 

وبات ملجأ المواطنين الوحيد لـ التعبير عن اراءهم حول تواجد المثليين المفروض عليهم في المجتمعات المحافظة حواضن منصات التواصل الإجتماعي المختلفة نظرا لـ مساحة الحرية الكبيرة التي توفرها هذه المنصات، خاصة أن "المثليين" أصبح لهم إنتشار واسع عبر هذه المنصات ويمارسون كافة نشاطاتهم واراءهم في المجتمعات التي ترفض تواجدهم والعديد من القضايا وباتوا مكون رئيسي من مكونات منصات التواصل الاجتماعي. 

ومن الطبيعي أن تعبير المواطنين عن آراءهم وردود أفعالهم حول ظاهرة "المثلية الجنسية" عبر منصات التواصل الاجتماعي في هذه المجتمعات ستحمل صبغة الهجوم والتمييز وربما الاساءة والشتم نظرا لـ حساسية ما يحدثه إنتشارها على قلوبهم وأذهانهم لأنها تمثل مساس مباشر بـ عقائدهم وموروثاتهم وعاداتهم وتقاليدهم كـ مجتمعات اسلامية ومحافظة. 

حاليا وبعد نشر مسودة مشروع قانون الجرائم الإلكترونية يبد ان الحماية باتت متوفرة أكبر مما كانت عليه لـ الفئة التي تنتمي لـ ظاهرة "المثلية الجنسية" تحديدا عبر منصات التواصل الاجتماعي - ولا نرمي هنا إلى أن الحماية اساسها قصدي - ، نظرا لـ أن هذا القانون مختص فقط بـ سلوكيات المواطنين والمستخدمين لـ هذه المنصات، وباتت هذه الظاهرة تتمتع بـ مساحة أوسع مما كانت عليه من الحرية لـ طرح رؤاهم وتصوراتهم وأفكارهم وبرامجهم دون أن تجد مساسا أو مهاجمة من قبل الرافضين لتواجدها في مجتمعاتهم أو حتى رأي مخالف ومعارض لها، فكل رأي معارض ربما سيحمل ويتكيف على أنه خطاب كراهية أو تنمر أو تحريض ضدهم. 

وعلى مستوى الممارسة الصحفية، ومعالجة الصحفيين ووسائل الاعلام لـ مثل هذه القضايا والظواهر التي تعتبر بوجه نظر الدين والعلم والمنطق الإنساني شاذة عن المسار السليم لـ الطبيعة البشرية، بات الأمر أكثر تعقيدا على الصحفيين إجراء التحقيقات الاستقصائية والمتابعات الصحفية نظرا لـ الخطورة التي يمكن أن تشكلها المفاهيم القانونية غير الواضحة في قانون الجرائم الالكترونية الجديد، الأمر الذي سيحد من الحرية الصحفية في فتح التابوهات التي أسميت من الأصل بطريقة غير سلمية بـ التابوهات المغلقة أو المحرمة والمحظورة على الصحافة. 

الحماية التي توفرت بـ طريقة غير مقصودة وغير مباشرة لـ "المثلية الجنسية"، تنطبق على جميع الظواهر التي لا تتوافق وتنسجم مع الأسس والمعايير العقائدية والعادات والتقاليد الأصيلة التي نشأ عليها المجتمع الأردني، كـ ظاهرة الإلحاد واللادينيين وحرية ممارسة الطقوس الدينية لـ بعض المذاهب المرفوضة إجتماعيا من المجتمع الأردني، بـ ذريعة حقوق الإنسان وتقبل الآخر وممارساته، الأمر الذي يطرح تساؤل رئيسي على طاولة صناع القرار والمشرع الأردني من يحمي المجتمع الأردني من هذه الظواهر والممارسات إن كان القانون سيجرم كل من يحاول توجيه الإنتقاد لهم وبيان الضرر الذي يحدثونه وإيقاف تمددهم وإنتشارهم، وهل المجتمع الأردني أصلا بحاجة لـ حماية من هذه الظواهر .؟؟؟