الإعدام لمرتكبي جرائم القتل من احد الفروع على الأصول

– شذى حتاملة
أصبحنا في الآونة الأخيرة نسمع عن العديد من قضايا جرائم القتل الأسرية التي تقع من قبل الأب أو الأخ تحت مسمى "الشرف"، وباتت في ازدياد مستمر لأسباب تتعلق بضعف الوازع الديني أو لأسباب نفسية واقتصادية، ومثل هذه الجرائم تتسبب بتفشي الفساد في المجتمع وانعدام الأمن والامان وانهيار المجتمع. 
وكانت قد رصدت جمعية معهد تضامن النساء الأردني في تقرير لها عن تنامي عدد جرائم القتل الأسرية التي وقعت خلال النصف الأول من عام 2023 والتي تم توثيقها بناء على تصريحات الأمن العام ووسائل الإعلام ومرصد "تضامن " الدوري، حيث بيّن التقرير أن الجرائم التي وقعت داخل الأسرة لغاية النصف الأول من عام 2023 أعلى من تلك التي وقعت خلال النصف الأول عام 2022 .
وأضاف التقرير أن هناك 6 جرائم أسرية وقعت خلال النصف الأول من عام 2022 ، حيث تشير الأرقام إلى ارتفاع كبير في عدد الجرائم التي وقعت خلال عام 2023 ، إذ كشف التقرير عن ارتكاب 15 جريمة قتل جمعيها داخل الأسرة، ونتج عنها وفاة 11 أنثى و4 من الذكور. 
وبدورها، أكدت الإخصائية النفسية والتربوية، حنين البطوش، أن الجرائم الأسرية هي نوع من أنواع الجرائم المنتشرة في السنوات الأخيرة، موضحة أن مثل هذه الجرائم تذهب تحت مسمى الجرائم الأسرية، لأن الجاني يكون من أحد أفراد الأسرة، وبالتالي هناك آثار سلبية على المجتمع والأسرة من الناحية الدينية والاجتماعية والاقتصادية.
وبينت البطوش أن هناك أسباب عديدة لوقوع مثل هذه الجرائم، منها الأسباب الاقتصادية، فالعامل المادي من أحد الأسباب وذلك لارتباطه بارتفاع متطلبات الحياة وغلاء المعيشة، إضافة إلى العامل الأساسي وهو التنشئة الأسرية والاجتماعية؛ لأن التنشئة لها دور في زيادة العنف سواء اللفظي أو الجسدي ، لذا يجب محاربة العنف بجميع أشكاله سواء الأسري أو المجتمعي أو اللفظي. 
وتابعت، أن لدى المعنّف أمراض واضطرابات نفسية، سواء اضطرابات في النوم أو اضطراب ما بعد الصدمة، وغيرها من الصدمات التي تسبب إلحاق الضرر بالآخرين، مضيفة أن هناك أسباب أخرى لها علاقة بالفراغ لدى العديد من الأسر والذي يسبب في انتشار الجرائم الأسرية ، حيث أن هناك العديد من الجرائم التي حصلت نتيجة البطالة والضغوطات والمؤثرات الخارجية التي يعاني منها الأشخاص التي تسبب لهم العصبية، حيث أن ترك هذه الأمور بدون علاج يسبب عصبية مرتفعة، وبالتالي عدم السيطرة على النفس ومن ثم ارتكاب الجرائم الأسرية. 
وأوضحت البطوش أن أحد أسباب ارتكاب الجرائم الأسرية هو لتعاطي أحد أفراد الأسرة للكحول والمخدرات، حيث أن هناك العديد من النِسب تؤكد أن النساء والاطفال هم الأكثر عرضة للجرائم الأسرية مقارنة مع الرجال ، لذا يجب معالجة العنف بشكل عام من ثم معالجة العنف الأسري ، مضيفة أن مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على الجرائم الأسرية حيث تتعرض العديد من النساء للتنمر الالكتروني، وبالتالي تتعرض مثل هذه النساء لجرائم القتل من قبل أسرهم، إضافة إلى قلة الوازع الديني التي تتسبب في ممارسة العنف والسلوكيات السلبية،  مشددة على ضرورة أن يتعلم الوالدين العلوم الدينية لكي يكون لديهم المقدرة على التربية والتنشئة الصالحة. 
وأشارت البطوش إلى أن حماية النساء من جرائم القتل يكون عن طريق التوعية سواء عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام أو المدارس أو الجامعات وعمل جلسات رفع توعية ، مضيفة إلى أهمية تطبيق الإجراءات الوقائية التي تمنع حدوث مثل هذا النوع من الجرائم، وذلك من خلال تثقيف الأفراد وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول المرأة ، إضافة إلى عمل برامج إرشاد نفسي ومساعدة اجتماعية وقانونية وصحية ، ونشر التوعية في الشوارع العامة والمدارس ، ووضع قوانين صارمة للحد من العنف والجرائم الأسرية ومعاقبة الجاني من خلال القانون . 
وتابعت، أنه من الضروري توعية النساء بأهمية الدفاع عن النفس عن طريق تعريفهم بمؤسسات المجتمع المدني التي تحمي المرأة في حالة تعرضت لعنف جسدي ولفظي واتخاذ الإجراءات الأساسية لحمايتهن من العنف الأسري، مشيرة إلى ضرورة تحسين الأحوال المعيشة والحياتية والتقليل من نسب البطالة وتوفير فرص عمل للشباب والحد من التنمر على النساء عن طريق مشاريع استثمارية ضخمة، وتوفير فرص عمل للنساء والرجال ، إضافة إلى ضرورة إدخال مفاهيم تتعلق باحترام وتقدير المرأة في المناهج المدرسية، إضافة إلى تقوية الوازع الديني والمبادئ الأخلاقية . 
وفي السياق ذاته قال المرشد النفسي والتربوي محمد عيد الدهون ، إن من المحزن أن نسمع ارتفاع حالات القتل الأسري، مشيرًا أن هناك أسباب يمكن أن تكون سببا لهذا الأمر، أولها ضعف الوازع الديني ومن ثم الضغوط النفسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تؤدي إلى التوتر والعنف داخل الأسرة، ولكن من المهم البحث عن حلول لهذه المشكلة و تقديم الدعم اللازم للحد من هذا الأمر. 
وأضاف أن من الأسباب التي تسبق القتل الأسري هو غسل العار، أو ما يُعرف بقضايا الشرف وهذا الأمر لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية، مضيفا أن هناك أسباب أخرى وهو الثأر وهذا أيضا مخالف للشرع فقد قال تعالى" ولا تزر وازرة وزر أخرى"، ويقول" ما ذنبي أنا بفعل أخي او ابن عمي؟". 
واكد أن حالات القتل الأسري في الأغلب يسبقها عنف أسري، فعندما نعمل على إيقاف العنف الأسري نكون قد قطعنا طريق القتل الأسري، مبينا أنه يجب أن يتخذ المجتمع قبل الحكومات خطوات لحماية المرأة من العنف الأسري، وأيضًا على المرأة التي تشعر بالخطر أن تتواصل مع الأهل أو الاقارب في البداية. 
وتابع، أن في حال غياب الدعم من الأقارب فإن عليها التوجه للجهات المختصة مثل إدارة حماية الأسرة وذلك للحصول على الدعم والمساعدة، موصيّا أنه يجب توفير مراكز إيواء ومراكز للنساء التي يتعرضن للعنف ولا يوجد من يرعاهن من أجل حمايتهن مستقبلا من الوصول لمرحلة القتل الأسري، مشيرًا إلى أهمية توعية المجتمع بأن العنف الأسري غير مقبول شرعا وأخلاقا وقيمًا، وأنه يجب على الجميع العمل معًا لوضع حد لهذه المشكلة. 
ومن الناحية القانونية، أكد الخبير القانوني الدكتور المحامي صخر خصاونة، أنه فيما يتعلّق بجرائم القتل الأسرية فإن المُشرّع يعتبر جريمة القتل يُعاقب عليها وفق أحكام العقوبات، مبينًا أن جرائم القتل التي كانت من قبل أحد الفروع على الأصول فإنه يُعاقب بالإعدام، أما الجرائم التي تقع من قبل الأصل على الفروع فهي تُعتبر من جرائم القتل عن قصد، وتكون عقوبتها عشرين عاما.
وأضاف الخصاونة أن هناك حالات يتم فيها إسقاط الحق الشخصي، وبالتالي تقوم المحكمة بالأخذ بالأسباب المُخفّفة التقديرية، وتُخفّض العقوبة إلى النصف