قصص جرشية: حرفة الخوص في "الاحساء" إرث يتجدد بين الصمود والإبداع


الأنباط-عمر الكعابنة

أثناء جولة في مهرجان جرش، تنبض اللوحات الفنية المصنوعة من الخوص بالجمال والأصالة، مهيئة في محيط ثقافي وجو ساحر يجمع بين الجمال الطبيعي والفن البلادي، زوار المهرجان يستمتعون بمشاهدة هذا الفن اليدوي الذي يظل حاضراً في جميع المجالس التراثية والخيام، وتعكس هذه اللوحات تاريخاً عريقاً يحاكي ماضيًا حافلًا بالتراث والتاريخ.

تتنفس مدينة الاحساء في المملكة العربية السعودية، في روحها الصناعية والثقافية، حكاية قديمة تجذب الأنظار إليها وتحكي قصة تراثية تمتد عبر آلاف السنين، إنها حرفة "الخوص"، التي تشتهر بألوانها الطبيعية وقوامها الفريد، والتي يعتبرها أهل المنطقة النخلة الأم التي تحمل معها أصالة وجمالاً.


حبيب فرحان ممتهن هذه الحرفة العريقة يروي لـ"الأنباط" تاريخ حرفة الخوص الذي يمتد لآلاف السنين، حيث اعتمدت المنطقة الشرقية على هذه الحرفة بشكل كلي، واشتهرت الأحساء باستخدام الخوص في صناعة مختلف المنتجات والسلع اليومية مثل السجاد والحصير والقفاف والمحافظ والقناني والمنسف "الغربال"، هذه المنتجات اليدوية تحمل بصمة ثقافية عريقة وتجسد تراثاً لا يزال حاضراً في مجتمع المنطقة.

وتعتبر حرفة الخوص شاهدة على قدرة الإنسان على الاستدامة والبقاء على مر العصور، رغم تطور الحضارة والتكنولوجيا، لا يزال هذا الفن اليدوي يُعمل ويُحافظ عليه من قبل نسل المحترفين الذين يتابعون تعلمه من أجيالٍ سابقة، ولم يقتصر دور الخوص على الحياة المحلية، بل استخدمت فنادق عالمية في لندن وكيو وجنيف والرياض هذه المنتجات في تصميمات عالية الجودة وتقديمها كلوحات فنية.

حرفة الخوص في المنطقة الشرقية تظل حيةً ونابضة بالحياة، وهي تحمل رمزيةً ثقافيةً عميقةً في نسيج المجتمع المحلي، بين الصمود والابتكار، تظل هذه الحرفة تشكل موروثًا يتجدد عبر الأجيال، مع بقاءها حاضرة في منازل الناس ومجالسهم وفي عروق المدينة. وعلى الرغم من التحديات التكنولوجية، يبقى الخوص شاهدًا على تمسك الإنسان بتراثه وثقافته وحبه للجمال والإبداع.