حمى بريكس تنتشر في الشرق الأوسط


في السنوات الأخيرة، تتطور آلية التعاون بين دول بريكس بشكل كبير، وتتزايد جاذبيتها حتى تنتشر الشرق الأوسط" حمى بريكس"، حيث أعربت السعودية وإيران ومصر والإمارات والبحرين وغيرها من دول الشرق الأوسط عن رغبتها في الانضمام إليها على التوالي، كما قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال زيارته الأخيرة إلى الصين إن الجزائر تتطلع إلى الانضمام إلى آلية بريكس في يوم مبكر.
لماذا تجذب آلية بريكس أنظار دول الشرق الأوسط إلى هذا الحد؟
أولا، تشكل آلية بريكس نموذجا للتعاون بين الجنوب والجنوب. منذ إنشاء الآلية قبل 17 عاما، ظلت الدول الأعضاء تلتزم بروح بريكس المتمثلة في الانفتاح والشمول والتعاون والكسب المشترك، وتعمل على توسيع مجالات التعاون وإثراء مقوماته، وحققت نتائج مثمرة. في وجه الإقصائية والحمائية وغيرهما من الاتجاهات الرجعية، تعمل دول بريكس على بناء "عائلة كبيرة"  لتحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، بعيدة عن "الدوائر الضيقة" المنغلقة والإقصائية، الأمر الذي جعلها نموذجا للتعاون بين دول الأسواق الناشئة والدول النامية، وقوة بناءة لاستكمال الحوكمة الاقتصادية العالمية، كما وفّر منصة واسعة لدول الشرق الأوسط وغيرها من الاقتصادات الناشئة للمشاركة في التعاون بين الجنوب والجنوب. في هذا السياق، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن آلية بريكس قدمت فرصا جديدة للتعاون المتعدد الأطراف بين إيران وأعضاء الآلية في مجالات كثيرة، مثل الاقتصاد والتجارة.
ثانيا، تشكل آلية بريكس مثالا للتضامن والتقوية الذاتية. قد أصبحت آلية بريكس منصة مهمة للتضامن والتقوية الذاتية بين دول الأسواق الناشئة والدول النامية بعد سنوات من التطور. إذ تتمسك أعضاء بريكس بثبات بطريقها الخاص، وتتبادل الدعم في القضايا المتعلقة بمصالحها الجوهرية وانشغالاتها الكبرى، وترفض سويا الهيمنة وسياسة القوة، وترشد "الجنوب العالمي" للتضامن والتقوية الذاتية. منذ فترة طويلة، عانت دول الشرق الأوسط كثيرا من ويلات الحروب والاضطرابات، فأصبحت التخلص من التدخلات الخارجية وتحقيق الاستقلالية وتعزيز التضامن والتنسيق التطلعات المشتركة لشعوب الشرق الأوسط. في الآونة الأخيرة، مع المصالحة بين السعودية وإيران وعودة سورية إلى حضن جامعة الدول العربية، يتعزز زخم التضامن والتعاون بين دول الشرق الأوسط، وتتسارع خطواتها نحو الاستقلالية والتقوية الذاتية، وتزداد"القواسم المشتركة" مع آلية بريكس.
ثالثا، تساير آلية بريكس النهضة الجماعية للدول النامية باعتبارها التيار العام للتاريخ. تعد الدول الأعضاء لآلية بريكس ودول الشرق الأوسط من الأعضاء المهمة في العالم النامي، وجميعها يمتلك العقلية السياسية الداعية إلى الاستقلالية، ويضطلع بمهام التنمية والنهضة التاريخية، ويدعو إلى تحقيق العدالة والإنصاف، ويتقدم بخطوات حثيثة في طريق النهضة الجماعية. في هذا السياق، يدرك عدد متزايد من دول الشرق الأوسط أن دول بريكس تسعى إلى إصلاح نظام الحوكمة العالمية ورفع الصوت والتمثيل لدول الأسواق الناشئة والدول النامية، وقد أصبحت قوة إيجابية ومستقرة وبناءة في الشؤون الدولية. كما يدرك عدد متزايد من دول الشرق الأوسط ضرورة مواكبة تيار التاريخ وحشد قوة دول الأسواق الناشئة والدول النامية، حتى إقامة النظام الدولي الأكثر عدلا وإنصافا وحماية المصالح المشتركة لهذه الدول بشكل أفضل.
ظلت الصين تدعم آلية بريكس بثبات وتشارك فيها بنشاط، وتدعو دائما إلى تعزيز التعاون بين دول بريكس ودول الأسواق الناشئة والدول النامية، من أجل رفع الصوت والتمثيل لهذه الآلية. قبل أيام، طرح وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية التابعة للجنة المركزية، مبادرة ذات أربع نقاط حول سبل تعزيز التعاون بين دول "الجنوب العالمي" على هامش اجتماع الممثلين السامين للأمن القومي لدول بريكس، مؤكدا على ضرورة تعزيز التضامن بين دول "الجنوب العالمي" لتحمل مسؤولية السلام العالمي والتنمية المشتركة وتطبيق مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

نتطلع إلى انضمام المزيد من شركاء الشرق الأوسط ذات الرؤية المشتركة إلى "أسرة بريكس الكبيرة" في يوم مبكر، وتحويل "موجة شغف بريكس" إلى المزيد من الخطوات الملموسة وإنجازات التعاون، بما يرفع جودة آلية بريكس، ويضخ المزيد من الطاقة الإيجابية إلى العالم المتغير والمضطرب.

المصدر باحث صيني