غسيل أموال عبر تطبيق "التيكتوك"

خليل النظامي 
ما زال الحراك السياسي والاعلامي والشعبي قائم وفي ذروته حول مشروع قانون الجرائم الالكترونية الذي طرحته الحكومة مؤخرا، واتخذ عدة اشكال عبر وسائل الاعلام المختلفة وتصريحات المتخصصين في الحريات والقانون، مرورا بـ تنظيم الندوات والجلسات وصولا إلى الاعتصامات التي كان اخرها اعتصام لـ نقابة الصحفيين. 
وبحسب التصريحات الحكومية فـ مشروع القانون الجديد وجد بهدف الحماية الاجتماعية، وتحصين الدولة والمجتمع من الجرائم الاقتصادية، وتجويد العمليات والسلوكيات الاتصالية بين المواطنين بعضهم ببعض، وبينهم وبين السلطة والنظام، ومعاقبة كل شخص أو جهة تحاول المساس بـ الدولة والمجتمع في مختلف النواحي عبر تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي. 
ويعتبر تطبيق "التيكتوك" أحد أبرز تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي في العالم بشكل عام وفي الاردن بشكل خاص، حيث بلغ عدد مشتركي هذا التطبيق حوالي الـ 4.43 مليون مواطن معظمهم من فئة الشباب بـ نسبة قدرت 35% إناث و 64% من الذكور بحسب البيانات التي كشفت عنها شركة (Byte Dance) الصينية. 
وبـ الرغم من أن التطبيق تم حظره من قبل حكومة الدكتور بشر الخصاونة على إثر أحداث محافظة معان نظرا لـ أسباب أمنية مختلفة وتضليل كان يمارس عبره، إلاّ أن المؤشرات توضح أن نسبة مستخدمي التطبيق المحليين قد ارتفعت بعد عملية الحظر، إضافة إلى أن الحظر تم كسره من قبل المستخدمين لهذا التطبيق من خلال استخدامهم لـ برامج تقنية يطلق عليها (VPN). 
الخطورة في هذا التطبيق ليست مرتبطة بـ الناحية الأخلاقية والأمنية فقط، بل هناك ثغرات لم تلتقطها أجهزة الاستشعار الخاصة بـ الأجهزة الرقابية والحكومية في الأردن، نظرا لـ قلة الخبرة أو لعدم الاكتراث بها، تتمحور حول شبهات كبيرة في عمليات "غسيل الأموال" بـ الاف الدولارات تجري بشكل يومي عبر هذا التطبيق دون حسيب ولا رقيب. 
العمليات التي تدور حولها الشبهات بـ "غسيل الأموال" تتمثل بـ قيام المستخدم أو ما يعرف بـ المشاهير عبر هذا التطبيق بـ فتح خاصية "المباشر، اللايف" والتفاعل مع المتابعين له بـ مضامين سخيفة وخادشه لـ الحياء العام، ثم يتم إرسال الهدايا له من قبل جماعة يطلق عليهم لقب "الداعمون"، ويدخل في سجال التحديات التي لا تتجاوز مدتها عدة دقائق لـ جمع ملايين النقاط والتي لها حسبة خاصة وملفته تتجاوز عشرات الالاف من الدولارات، والتي يتم تحويلها بحسب سياسية التطبيق إلى مبالغ مالية يقوم المستخدم بتحويلها لـ حسابة البنكي الخاص
هذه الحالة التي يتم من خلالها تحويل الاف الدولارات بشكل يومي لـ مستخدمي هذا التطبيق دليل مادي واضح لـ تقوم الأجهزة الرقابية الأردنية بدورها الرقابي، لـ التأكد من مصادر وشرعية هذه الأموال التي تدخل البنوك المحلية بشكل يومي، تحت فرضية أن "الداعمون" لديهم أموال من مصادر محرمة وغير شرعية ومرتبطين بعلاقات تجمعهم مع شبكات دولية واقليمية في دول نظامها الرقابي المالي ضعيف، يقومون بـ تحويل هذه الأموال لـ مشاهير ومستخدمي هذا التطبيق من خلال إرسال الهدايا لهم عبر خاصية البث المباشر "اللايف"، والاتفاق معهم على إعادة الأموال لهم مع الاحتفاظ بـ النسبة الخاصة لـ المستخدم أو المشهور، وبالتالي يصبح المال مشروعا، وهذه العملية يطلق عليها "غسيل الأموال". 
وبحسب الرصد هناك شبهات تدور حول اتفاق الكثير من المشاهير بين بعضهم البعض لعمل تحديات بينهم عبر "البث المباشر" لـ جمع أكبر عدد من الأرباح وتقسيمها فيما بينهم وبين شركة التطبيق، خاصة أن هناك اتفاقيات مبرمة بين هؤلاء المشاهير وبين شركة التيكتوك حول نسبة الأرباح ولغاية الآن غير واضحة وغير معلنة، بت معنى أن المشهد الذي يجري حاليا عبر هذا التطبيق أشبه بـ طاولة لـ لعب "القمار". 
علاوة على أن ظاهرة الحصول على أموال ضخمة بشكل يومي من خلال تطبيق عبر منصات التواصل الاجتماعي مثار شك كبير في كافة الأوساط الشعبية والقضائية والاقتصادية خاصة أن المشاهير أو المستخدمين يحصلون فقط على 30% من قيمة المبالغ التي يحصدونها، فيما تحول النسبة الأكبر من المبالغ كـ أرباح لـ التطبيق نفسه، الأمر الذي يمنح الشرعية القانونية لـ أجهزة ومؤسسات الدولة الأردنية لـ التحقيق في شرعية مصادر هذه الأموال. 
والسؤال الذي يجب أن يطرح على طاولة حكومة الدكتور بشر الخصاونة حاليا وفي ظل الحراك السياسي والقانوني والاعلامي حول مشروع قانون الجرائم الالكترونية الذي طرحته الحكومة مؤخرا، هل التشريعات والبنود القانونية التي يتضمنها قانون الجرائم الالكترونية الجديد كافية لـ التحقيق وكشف شبهات "غسيل الأموال" التي تمارس عبر تطبيق التيكتوك وبعض التطبيقات الأخرى مثل الـ "سناب شات" وغيره من التطبيقات، وهل هناك مواد قانونية تمنح الشرعية لـ الجهات التنفيذية لـ التحقق من المصادر المالية لـ الفئة التي تعرف عن نفسها بـ "الداعمون" خاصة أن معظمهم من خارج الأردن وغير معروفين بـ أسمائهم الحقيقية عبر التطبيق، أم أن مشرع القانون الجديد فاتته هذه النقطة