تساؤلات حول أسباب استبدال ديوان الخدمة المدنية بهيئة مستقلة


الأنباط – مريم القاسم

طرح ملتقى (النخبة-elite) جُملةً من التساؤلات حول ملف إلغاء ديوان الخدمة المدنية، ومدى الفائدة المرجوّة من إلغائه، وهل سيبقى محط أنظار المواطنين نحو الطريق الآمن والأوحد إلى الوظيفة؟ وكيف سيكون الرضا الشعبي اتجاه هذا التجديد؟ وهل تستطيع الهيئة المُستحدثة القيام بدوره، واستكمال عمله بعدالة وشفافية ومهنية؟
وبيّن الدكتور أحمد الرشود أن المؤسسات الوطنية لم تواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية، حيث بقي دورها تقليدي، وبالتالي لم يتصدّ للتحديات عبر تحديث وتطوير منظومته الإدارية والمؤسسية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الترهل الإداري ، وموضحًا أن من أهم مظاهر الترهل الإداري هو عدم مرور أكثر من 95% من وظائف الهيئات المستقلة بمخزون الديوان، في حين يتم الاختيار بشكل رئيسي لوظائف المركز بالعاصمة لان التوسع يتم فيها، بالإضافة إلى أن الديوان لم يستطع تحقيق العدالة بسبب تطبيق أحد بنود مواد قانون الخدمة المدنية والتي تتيح للوزير التعيين بقرار من مجلس الوزراء ، ناهيك عن التعيينات في بعض المؤسسات ذات الرواتب العالية، أو النفوذ.
وأشار محمود ملكاوي أن ترك ملف التعيينات للوزرات والمؤسسات سيعيدنا في الإدارة الحكومية إلى المربع صفر ، حيث الواسطات والمحسوبيات ، مُذكّرًا أن التعيين على الفئة الثالثة كان متروكًا، منذ فترة قصيرة، للوزارات والدوائر الحكومية ، لنجد أن ثلثي موظفي الوزارة أو الدائرة هم من الفئة الثالثة، ومضيفا أنه لا يلوم أي مواطن إذا شكّك في جدوى استبدال الديوان بالهيئة ، والسبب هو غياب الفكرة والحكمة من هذا التعديل والتغيير.
وقال إبراهيم أبو حويلة إن ديوان الخدمة لديه معهد الإدارة ووحده للتفتيش والرقابة ، ويملك أرشيفا ضخما لكل الموظفين الممتد منذ عهد الإمارة ، ويملك مراسلات وخطابات، ويسعى بكامل طاقته لتطوير دوائره الخدمية والتقنية من خلال رفده بكوادر تمتاز بالكفاءة للوصول إلى هذا الهدف، حيث بلغ بعض هذه المجالات ، متسائلا عن الجهة التي تقع عليها أعباء القيام بنقل الوطن من حالة إلى حالة.
بدوره، ذكر المهندس رائد حتر، أن ديوان الخدمة المدنية أدّى أدوار قيّمة مُذ إنشائه، وساهم بالتقليل من الانتقائية بالتعيين ، في الوقت الذي شهد دوره تقلبات عديدة تبعًا لإداراته المتعاقبة ،وشهد آدائه هبوطًا وصعودًا حسب ،الإدارات المتعاقبة ذاتها، ومدى صلابتها وصمودها أمام الضغوطات ، وموضحا أن هنالك اتجاها لتطويرعمل الديوان، واقتصاره على الرقابة، ورسم السياسات والتطوير والتحديث والتدريب .
ويعتقد المهندس عبد الله عبيدات أن الأساس في أي منهجية للتعيين يعتمد على مجموعة من القيم والمعايير المبنية على العدالة والكفاءة ومحاربة الواسطة والمناطقية ، فإذا توفرت جميعها،حيث تبقى الجهة المسؤولة عن التعيين،بالنسبة للباحث عن فرصة عمل سواء، إن كانت من خلال ديوان الخدمة المدنية، أو الوزارة ذات العلاقة، ومبينا أنه ليس متفائلا بأي خطة أو إجراء تستحدثه الحكومات ، حيث أن التجارب تشير أن كل ما نراه كان تغولّا على المواطن،وحريته، وزيادة القبضة الحكومية على مفاصل الحياة الأردنية .
ويرى هاشم المجالي أن ديوان الخدمة المدنية ضرورة وطنية، ولهذا يجب الإبقاء عليه حتى ولو كانت شهد خروقات أو تجاوزات، أو حتى تقصير منه ، فهو إنجاز وطني يجب الحفاظ عليه، وتطويره وتعزيزه بالإستقلالية، دون التبعية أو الإرتباط بالحكومة من حيث تعيين رئيسه أو موظفيه.
ولفت الدكتور عبد الكريم الشطناوي أن دور ديوان الخدمة هو التنسيق مع جميع الوزارات والمؤسسات لتلبية حاجات كل واحدة منها حسب التخصصات التي تخدمها، وسار على نهجه بصورة لاقت احترام وتقدير الجميع ، موضحا أنه كان يُقيّم عمله بين فترة وأخرى ليرى مواطن الخلل ، لكنه،وللأسف، قد طاله ما طال كل مؤسسة ناجحة.
بدوره، تساءل موسى مشاعره عن سبب إلغاء ديوان الخدمة المدنية إن كان يقوم بدوره ويؤدي واجباته،وأين الرقابة والتفتيش وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، في حال كان هنالك خلل أو تقصير من قبله.
وأكد مشاعره على أن مخرجات التعليم تفوق أضعاف احتياج السوق المحلي ، وسط تأخير في التعيينات لمُددٍ طويلة، مؤيدا استثمار الشباب في مجالات مختلفة داخليا وخارجيا وفي مختلف القطاعات ، بدلا من إلقاء اللوم على ديوان الخدمة،واستبداله بهيئة.
وبيّن هاني الصليبي الفاعوري أن أي هيئة تنظيمية أو استشارية او بحثية تابعة للقطاع العام يجب أن تنطوي تحت إحدى السلطات الثلاث، وتلتزم بنظامها الإداري والمالي وسُلّم الرواتب والحوافز والمكافآت الخاص بها ، لا أن تكون منافسًا لها ، وأن يكون موظفيها تابعين لنفس ديوان التوظيف التابع لها بكل عدالة وشفافية.
وقال المهندس محمود الدباس إنه آن الآوان ليكون موظف القطاع العام جزءًا من منظومة وطنية تُحقّق رؤية الأردن للمئوية القادمة ، موضحا أنه لا بد للموظف الخروج من دائرة الروتين، والقيام بدور المتفرّج إلى دور المتفاعل، مبيّنًا أننا بحاجة إلى ثورة إدارية حقيقية بمؤسسات وطنية قادرة على تحقيق رؤية الأردن الريادي ، وثورة إدارية تعتمد على المخلصين من المؤهلين والأكفاء.