"النواب" يصدر قرار حكم الإعدام على الصحف الورقية

الطراونة: هناك فهم ناقص لدى بعض "النواب" في معرفة منظومة الإعلام المهني ودورها

السعايدة: القانون سيفاقم من ازمة الصحف ولن تستمر طويلاً

مخامرة: لا يوجد مبرر لـ "النواب" بإصدار هذا القرار

الجغبير: "الصحف" لديها متابعات بـ الملايين على منصات "التواصل الاجتماعي"

القضاة: هناك بيئة معادية لـ "الإعلام" من قبل "المجلس"

أبو بيدر: إلغاء "الصحف" هو إلغاء لـ الحياة السياسية في مجلس "النواب"

الداوود: إنقاذ "الصحف" لا يحتاج لأكثر من جلسة (جادّة) بين كل الجهات المعنية

الأنباط-عمرالكعابنة

أقر مجلس النواب، في أولى جلسات دورته الاستثنائية الأحد الماضي ، مشروع قانون معدل لقانون الشركات لسنة 2022، كما ورد من مجلس الأعيان، وكان التعديل الوارد من الأعيان تعديل النواب على المادة 6 التي تلزم مراقب عام الشركات الإعلان عن تسجيل أي شركة وأي تعديل يطرأ على بياناتها عبر الوسائل الإلكترونية المعتمدة، فيما وافق المجلس على قرار الحكومة الذي ينص على نشر هذه البيانات فقط على الموقع الإلكتروني لدائرة مراقبة الشركات.

من جهته اقترح النائب زيد العتوم، في بداية الجلسة، تحويل مشروع القانون إلى لجنة الاقتصاد والاستثمار ليتم دراسته بتروي، موضحا أن مشروع القانون "فيه مخالفات ويحتاج إلى مداولات ونقاشات، ويجب أن نعي أن سرعة الإنجاز يجب أن لا تطغى على حس العدالة".

فيما قال النائب خير أبو صعليك، إن اللجنة جاهزة لمناقشة القانون في هذه الجلسة، و"أدفع باتجاه أن يتم المناقشة لا سيما أن معظم هذه المواد جرى بحثها سابقا ولدى النواب والمجلس اطلاع كاف عليه"، لكن صوت المجلس بالأغلبية على البدء بمناقشة مشروع القانون تحت القبة والتصويت على مواده.


وأشار العودات إلى أن السبب الموجب الذي كان موجودا في النص القديم في قانون الشركات أن النشر من خلال الصحف المحلية لأنه "لا يوجد مكان للغير لمعرفة أي تغيرات طرأت على هذه الشركات إلا من خلال الصحافة الورقية أو الذهاب إلى وزارة الصناعة والتجارة".

وأضاف "اليوم تغيرت الأسباب الموجبة التي أدت إلى وضع النص لأن يكون النشر من خلال الصحف المحلية والتغيير من خلال الوسائل الإلكترونية، وما ذهب إليه مجلس الأعيان وما جاء في مشروع القانون هو عين الصواب".
وأشار النائب سليمان أبو يحيى أن المادة المتعلقة بنشر إعلانات الشركات في الصحف اعترضنا عليها مسبقاً، ونحن مع قرار ‏الحكومة، مبينا في نص حرفي صريح يطالب فيه بالفم المملوء بقتل الصحافة الورقية "تماشيا مع التطور الكبير الذي ‏تشهده الدنيا ويشهده العالم يعني (واجب علينا) أن نتماشى مع هذا العالم ‏والذي يسير باتجاه إلغاء الصحف الورقية” معطياً مثالاً بعيد كل البعد عن العقل والمنطق بأن مجلس النواب الذي يتقاضى فيه النائب راتب يصل لـ 3900 دينار، استبدل الأوراق فيه ‏بالأيباد مضيفاً "كان في بداية الأمر صعب ولكن بعد ذلك اكتشفنا أن هذا أسهل إضافة لـ إلغاء الصحف الورقية في المجلس.

من ناحيته قال النائب عطا إبداح إن الصحف الورقية متعثرة وأصبح روادها قليلون ، لكن علينا أن لا نقبل أن يسجل التاريخ أن المؤسسات التشريعية هي من أطلقت ‏رصاصة الرحمة على هذه المؤسسات الصحفية، التي لها تاريخ مهم، لافتاً أنه مع قرار ‏مجلس النواب بنشر إعلانات الشركات على الصحف الورقية حفاظاً على تاريخ هذه المؤسسة وحفاظاً على الشخصيات ‏العلمية التي زودتنا بالثقافة الفكرية و الاقتصادية .

من جانبه بين النائب خالد ابو حسان أن قرار وقف إعلانات الشركات في الصحف الورقية يتعارض مع ما قرره المجلس أن كل القوانين التي تنص أنه يجب أن نعلن بالصحافة الورقية ، مؤكداً أن الصحافة الورقية هي ما تبقى لنا ‏من الإعلام الحر الوطني قادر يقدم لنا مادة حقيقية على أرض ‏الواقع ، متمنيا أن لا يكون مجلس النواب هو الذي ينعى الصحف ‏الورقية لأنها لم يبقى لها مورد إلا هذه ‏الإعلانات وهي ليست من جيب المواطن.


ورأى الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة أنه لا يوجد مبرر للمجلس بإصدار هذا القرار، خصوصاً أن الصحف تعتمد في دخلها على الإعلانات التي تعتبر مصدر دخل لموظفيها، و أي تراجع في أرباح هذه الصحف التي تحقق خسائر بالأصل، مبينا أن قرار المجلس بوقف إعلانات الشركات على الصحف سيؤثر على الموظفين وفي مرحلة لاحقة يمكن أن يتم الاستغناء عنهم.

وبين، أن مجلس النواب مبتعد عن مشاكل المجتمع، ولا يملك مصداقية أو توجه لمساعدة كل القطاعات الموجودة، وكان لا بد منه قبل أن يأخذ هذا القرار مناقشة الصحف التي إعلام مهني قد يتم إنهاؤه للخروج بحل مناسب، خصوصاً أن الشركات قادرة أن تنشر إعلاناتها في الصحف الورقية.

ورد الأستاذ حسين الجغبير المدير العام لصحيفة الأنباط على قرار مجلس النواب الأخير ، على الرغم من أنه قرار مجحف إلا أن الصحف الورقية مستمرة ولطالما قاتلت في ظروف أحنك من هذه الظروف، مؤكداً أن الصحف الورقية مستمرة وستعمل على تطوير أدواتها لمواكبة العصر وليس عبر إلغاءها كما أشار أحد النواب.

وتابع، أن الصحف الورقية على الرغم من مهنيتها التي تفخر بها ، وعدم استغلال العناوين الوهمية واساليب التشويق والابتزاز، لديها حضور قوي على منصات التواصل الإجتماعي ومنصة نبض يقدر بـ "الملايين" وتحمل الآلاف من المتابعات، وتملك موقعاً إلكترونياً خاصة بها، وتسعى لـ التنوع في طرح المواد الإعلامية عبر المرئي والمسموع من خلال مهنيتها المعهودة على الصحف الورقية.

في المقابل اقترح رئيس تحرير صحيفة الأستاذ مكرم الطراونة في مقال نشره بـ صحيفة الغد بعدد يوم أمس على بعض النواب زيارة إحدى المؤسسات الإعلامية التي ما يزالون يصنفونها على أنها "صحف ورقية" فقط، متعهداً بتأمين دورة تدريبية لهم في طبيعة عمل هذه المؤسسات، ومهنيتها، ودورها، وتقديم شرح واف لهم عن أنها اليوم لم تعد كما يفهمون، وأن فهمهم ما يزال قاصرا، وغير قادر على تصور وفهم الدور الذي تقوم به هذه المؤسسات.


وزاد، أن الدعوة مفتوحة لأولئك الذين لا يريدون أن يفهموا أنه - وفي أثناء غفوتهم الطويلة- وعدم قدرتهم على متابعة ما يجري حولهم، تطورت أمور كثيرة، وتبدلت أحوال، فتلك "الصحف" أصبحت مؤسسات إعلامية شاملة تصدر عنها صحف ورقية، غير أنها لا تتوقف عند هذا الجانب، فهي تمتلك محتوى إعلاميا إلكترونيا ينشر في مواقع تفاعلية، وعلى منصات خاصة عديدة في الفضاء الإلكتروني.

وأكد، أنهم إن قبلوا الدعوة سيفوزون بفرصة جيدة لفهم الدور الجديد الذي تقوم به، وإدراك أن هذه المؤسسات التي انتقصوا من حجمها وجهدها ورسالتها، لم تعد حبرا على ورق، فقط، يوزع داخل صناديق توضع أمام المنازل، أو أعداد تباع في الأسواق، أو حتى على الإشارات الضوئية، وأن التطور أصابها، فيما هم نائمون بلا حول ولا قوة، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث قبل أن يتشدقوا بكلام لا ينم إلا عن جهل وعدم إدراك لما يجري حولهم، بعد أن ارتضوا بقصورهم الذاتي في فهم منظومة الإعلام المهني ودورها، وقصور- أيضا- بفهم دورهم التشريعي، ليظلوا مصرين على لعب "تجار خدمات عامة".

وشدد، أن هذه المؤسسات الصحفية ، قادرة على أن ترفد هذه العينة من النواب بدورات في العمل التشريعي من أجل تحسين الأداء تحت القبة، وهو الأداء الذي لا يختلف اثنان على أنه هزيل، ويحتكم في كثير منه إلى العنتريات والشخصنة، وتغييب المصلحة العامة لصالح مكاسب شخصية آنية.

وزاد، يستطيع الصحفيين تدريب النواب على أساسيات عمل النائب في الرقابة والتشريع، خصوصا أننا نملك من الصحفيين الخبراء في هذا المجال ما يفوق قدراتهم، ولدينا صحفيون أمضوا سنوات طويلة في تغطية العمل النيابي، وهم يفهمون دوره الحقيقي، وما هو مطلوب من النائب لخدمة الوطن والمواطن، لا لخدمة النفس والشعبوية.

ولفت، أن الدعوة هذه موجهة لبعض النواب، وليس للجميع، فهناك من يدركون بوعي الدور الوطني لوسائل الإعلام قاطبة؛ مرئية ومسموعة ومقروءة، وأهمية تطورها وتحولها لـ أدوات ذات تأثير إيجابي كبير لحمل رسالة الدولة، لا رسالة حكومات ومسؤولين ونواب.

وختم حديثه أن الصحف اليومية يتابعها مجتمعة أكثر من 7 ملايين شخص على "فيسبوك"، ومثلهم على تطبيق نبض، وملايين من المتابعين على "تويتر"، وانستغرام، وغيرها من التطبيقات، إلى جانب إنتاجها برامج تبث على مواقع التواصل الاجتماعي.
بدوره قال نقيب الصحفيين الأستاذ راكان السعايدة إن قرار مجلس النواب بالمصادقة على مشروع معدل الشركات كما ورد من مجلس الأعيان، دون إحالة التعديلات للجنة المعنية لدراستها كان صادمًا، مبينا أن القرار لم يمنح نقابة الصحفيين او المؤسسات فرصة لشرح تداعياته المالية، خصوصا على المؤسسات التي تنشر فيها بموجب قانون الشركات.

ولفت إلى أنه كان يفترض عقد اجتماعات مع نقابة الصحفيين واللجان المعنية لمناقشة القانون، مؤكداً أن القانون سيساهم في توقف تدفق نقدي مهم لا تستطيع تحمله الحكومة والشركات، مشددًا على أن القانون سيفاقم من ازمة الصحف ولن تتمكن من الاستمرار طويلا في ظل التراجع المستمر في القوانين التي تمنع النشر في هذه القضايا

وأشار إلى أن هناك إشكاليات فيما يتعلق ببعض التبليغات القضائية التي أصبحت تبلغ الكترونيًا وليس عبر الصحف الورقية، مبيناً أن الحكومات في السنوات الأخيرة لم تكن جادة في دعم الصحف في مواجهة الظروف المالية الصعبة التي تواجهها

وتمنى السعايدة في حديثه لـ"الأنباط" أن لا يصادق جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على القانون ، الذي أكد ضرورة إيجاد طريقة قانونية لإعادة الأمور لمجلس الأمة للنظر بخطورة التعديلات على الصحف، مشيراً إلى أنه وفي حال صدرت الإرادة ستعمل نقابة الصحفيين على أن يعاد تعديل القانون من خلال الحكومة إن تعاونت الحكومة

وتابع، أن هناك عدة بدائل منها إنشاء صندوق وطني لدعم الصحافة، بحيث تطور من أدواتها على مواقع التواصل الاجتماعي وفق أسس، بما يساهم في دعم الصحف، إضافة إلى التوقف عن التعديلات التي من شأنها أن تحرم الصحف من تدفقات مالية تساعد على على البقاء والاستمرار

وزاد، نحن في مواجهة ازمة واليوم يجب ان تجيب الدولة على سؤال مركزي. هل تريد اعلام؟ وإن كانت تريد ليست هذه الطريقة وإن كانت لا تريد فلتحسم ذلك ، وفق السعايدة الذي أكد أنه لا يوجد دولة في العالم تبيح اعدامها، مؤكداً ان الاعلام اليوم أداة قوية في يد الدولة للاشتباك مع قضاياها الداخلية والخارجية.

وأكد الصحفي خالد القضاة لـ"الأنباط" أن مجلس النواب يثبت مجدداً أنه ينحاز لمصالحه الضيقة لأن أغلب النواب تجار، مشيراً إلى أننا دائما نلمس دائما بيئة معادية لـ "الإعلام" من قبل المجلس، وهذه البيئة المعادية تأتي من خلال تغليظ العقوبات والتضييق على الصحفيين ومحاصرة المؤسسات الإعلامية.

ولفت، أنه بدلاً من أن يكون المجلس يدعو إلى تعدد وسائل الإعلام والصحف ودعمها وضمان ‏استمرار قوتها وتعظيم مخرجاتها ودعمها حتى بالمعلومات وإقرار القوانين التي ‏تدعمها، يقوم بالموافقة على هذا القانون، والامتناع عن أي قانون يدعم الصحف الورقية.
ورد القضاة على ما تحدث به أحد النواب على أن الصحافة الورقية ماتت؛ أن الصحف تمرض ولا تموت ومرت بتجارب أقوى وتجاوزتها إلا أنه تم إضعافها بعلم ومباركة المجلس النواب، لافتاً أن "النقابة” دائما ما دعت المجلس النواب أن يساعد الصحف المحلية خلال منظومة تشريعات، عبر تحويلها إلى مؤسسات اعلامية شاملة .

وزاد، أن النائب بعلمه وفكره لا يستوعب من هم الصحفيين وماذا يقولون وما هي أهمية المؤسسات الإعلامية المتعددة وما هي أهمية التعدد والتنوع لأنه هذا أفقه، متأسفا في ذات الوقت أن القانون أوصل نواب يهاجمون مؤسسات إعلامية عريقة إلى مجلس النواب.


بدوره بين الصحفي جهاد ابو بيدر أن حكم الإعدام على الصحف الورقية صدر من تحت قبة البرلمان، القبة التي يجب أن يكون دورها حماية الناس ومصالحهم، أصبحت سيفاً مسلطاً عليهم، لافتاً أن أعضاء مجلس النواب والحكومة يتعاملون مع الصحافة وكأنها عدو لدود لهم وليست جزء مكمل من أجزاء الرقابة على جميع الأصعدة.

وتابع، في تصريح خاص لـ"الأنباط" أنه في دول العالم المتحضر يتم الحفاظ على هذه الصحف الورقية لتبقى كإرث واضح وموجود، ولها دورها الحيوي في الدفاع عن الوطن في كل المحافل والأوقات، مشيرا إلى أنه عندما يقوم المجلس بمحاولة إلغاء الصحف اليومية عبر سن القوانين التي تؤدي لذلك وكأنه يقول الغوا مجلس النواب من الحياة السياسية الاردنية.
بدوره بين الصحفي عوني الداوود أن إقرار «المعدل لقانون الشركات 2022 » حرم الصحف الورقية ونقابة الصحفيين من إيراد مهمّ كان يتأتى من «الاعلانات الصادرة عن مراقبة الشركات»، وقبلها بأسابيع أعيد طرح قانون أثار ضجّة حين صدوره في العام 2018 يتعلق بالإعلانات «القضائية الإلكترونية «، لم يتم تفعيله في ذلك الحين بعد تحرك إدارات الصحف ونقابة الصحفيين وتجاوب الحكومة السريع آنذاك دعماً للصحف.
وتابع، رغم كل التصريحات الحكومية والنيابية التي تتحدث عن أهمية ودور الإعلام المسؤول والرزين في مواجهة الفضاء الإلكتروني والفوضى الخلاّقة والذباب الالكتروني وتزايد الجرائم الالكترونية لا يلمس القطاع الإعلامي على أرض الواقع، ما يؤكد أو يترجم تلك الأقوال إلى دعم بالأفعال، بل إن الواقع يؤكد عكس ذلك.
وختم، أن إنقاذ الصحف الورقية لا يحتاج لأكثر من جلسة (جادّة) بين كل الجهات المعنية لتقرّر وتنفّذ، وإن لم يتحقق (الدعم) فعلى الأقل لا داعي لـ( هدم) ما تحاول الصحف بناءه وسط أعاصير من التحديات.