المراهقون بين مطرقة الإنترنت وسندان الرقابة الأسرية

 شذى حتاملة

في ظل التطور التكنولوجي، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي ألغت الحدود المكانية والزمانية بين المستخدمين ، وانتشار استخدامها وبالاخص من قبل المراهقين، دون وجود رقابة اسرية عليهم ،وتوجيه وارشاد، يمكن أن تترك عندهم آثارًا نفسية وسلوكية على المدى البعيد، وتفتح المجال أمامهم للانحراف والانخراط في سلوكيات سلبية لا يستطيع بعدها النجاة منها، مما يستوجب تفعيل الرقابة الأسرية،ومتابعة الوالدين لاستخدام المراهقين مواقع التواصل الاجتماعي.
 
وكشف تقرير صادر عن "ديجتال بورتال" للعام 2023، أن هنالك 9،95 مليون مستخدم للانترنت في الأردن في بداية عام 2023 ، فيما بلغ معدل انتشار الانترنت 88،0 % ، والذي أكدت نتائجه الارتفاع الشامل في نسبة مستخدمي الانترنت، وتوسع رقعة السلوكيات الرقمية عالميا ، حيث يعيش الان ما يزيد عن 57 % من سكان العالم في المناطق الحضرية.

وبحسب التقرير الذي حمل اسم نظرة عامة على العالم الرقمي لعام 2023، يستخدم ما مجموعه 5.44 مليار شخص الهواتف المحمولة في أوائل عام 2023، أي ما يعادل 68 % من إجمالي سكان العالم ، حيث كان الأردن موطنًا لـ 6.61 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في يناير 2023، أي ما يعادل 58.4٪ من إجمالي عدد السكان.
 
وأظهر التقرير أن هناك ما مجموعه 8.61 مليون اتصال خلوي متنقل نشط في الأردن في أوائل عام 2023، وهذا الرقم يعادل 76.1 في المائة من إجمالي السكان. وتقدّم هذه الإحصائيات الرئيسية نظرة عامة جيدة عن "الوضع الرقمي" في الأردن، ولكن من أجل فهم كيفية تطور الاتجاهات والسلوكيات الرقمية ، فإنّنا نحتاج إلى التعمق في البيانات.

وفضّل استاذ علم الاجتماع ،الدكتور حسين خزاعي ، أن لا يكون هناك رقابة، بل متابعة وتوجيه وارشاد من قبل الأسر على كيفية استخدام أبنائهم المراهقين مواقع التواصل الاجتماعي بجميع التطبيقات ،مبيّنا أن الرقابة يمكن أن تُسبب ازعاج وتوتر وانفعال وعنف داخل الأسرة، لذا يُفضل أن يكون هناك توجيه للابناء وتوعيتهم بضرورة الاهتمام بالتحصيل العلمي ومستقبلهم افضل من اضاعة الوقت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي .

وأضاف خزاعي أن اسباب انحراف المراهقين تعود إلى الاصدقاء السوء ومواقع التواصل الاجتماعي والبعد عن متابعة الابناء من قبل الأهل والاصدقاء ، إضافة إلى الاهتمام الزائد بالابناء، والثقة المطلقة بهم، في الوقت الذي هم بحاجة إلى متابعة وتوجيه أكثر من هذه التفاصيل، ومبينا أن أكثر المشكلات التي يمكن أن تواجه المراهقين نتيجة الادمان على مواقع التواصل هي الانحراف والادمان على المخدرات وتعليم سلوكيات سلبية جديدة وممارسة العنف والالفاظ البذيئة ،إضافة إلى اضاعة الوقت والاستهتار واللامبالاة ، والاستخدام السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي والتنمر الالكتروني ، ناهيك عن ضعف التحصيل الدراسي والتغيّب والتأخر في الذهاب إلى المدرسة.

وفي السياق ذاته قال المرشد النفسي والتربوي ،محمد عيد الدهون ، ان الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي من قبل المراهقين دون الرقابة الاسرية يمكنه أن يؤدي إلى عدة مشكلات سلوكية لديهم كـالانحراف السلوكي والاخلاقي، مبيّنا أن مثل هذه السلوكيات تكون نتيجة البحث عن الصداقات أو الانضمام إلى مجموعات التواصل الاجتماعي للهروب من المشاكل الشخصية والأسرية، على سبيل المثال.

وتابع الدهون، أن هناك أسباب أخرى تدفعهم للجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي وهي الانخراط في السلوكيات الخاطئة التي تحدث خلال التواصل مع الاغراب أو من هم أكبر سنًا، أو المؤثرات السلبية الموجودة على المواقع الاجتماعية من دعايات واعلانات وغيرها ، مضيفًا أن الاستخدام الخاطئ للمواقع الاجتماعية بشكل مفرط ربما يؤدي إلى الإدمان على الانترنت وتشتّت التفكير والتعرض للعنف والتحرش والابتزاز الإلكتروني .

واكد على أن الرقابة العائلية يمكن أن تساعد في تقليل هذه المشكلات وحماية المراهقين من هذه السلوكيات السلبية وذلك باستخدام تطبيقات التحكم الأسري المتوفرة،وأدوات تقييد وصول المراهق إلى المواقع غير المناسبة، وحماية الأبناء من المحتوى غير المرغوب وغير المناسب ، مضيفا أنه من الضروري على الأهل تحديد أوقات لاستخدام المراهق والاطفال للأنترنت ، حيث يجب على الآباء والأمهات مراقبة ابنائهم، وتعليمهم كيفية استخدام الإنترنت بالشكل الآمن .