كيانات سياسية خارجية خلف أزمة العطارات

خليل النظامي

وكأن هذه الدولة مخطط لها البقاء في شقاء دائم، وممنوع عليها التنفس بـ شكل طبيعي، ومحاصرة من كل صوب وناحية سواء من توجهات الدول العظمى، او من مثيلاتها من الدول النامية، ولا يراد لها التطور والعمران والإنفتاح على التكنولوجيا الحديثة والاستثمارات النوعية.
وأصبحت زراعة الألغام في طريق تقدمها منهجية عند بعض الأنظمة السياسية العربية والأجنبية، وعند الكثير من الشخصيات على المستوى المحلي والدولي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مشروع "العطارات"، الذي تم منهجته مؤخرا بفلسفة إعلامية هدفها إفتعال أزمة جديدة تعصف بـ هدوء الأردنين، وتربك إستقرار ميزان الرأي العام في مفاصل المؤسسات الرسمية والخاصة.
وعندما أقول أن ملف "العطارات" تم منهجتة فـ أنا لا أعبث بـ الكلمات، وأقصد ما أقول حرفيا، وهذه المنهجة تتضح في ما خرجت به من تحليلي لـ كواليس هذا الملف الذي ظلم إعلاميا بسبب إنسياق الكثير من الأقلام والأفواه التي تعمل وفق التسيير ومعايير الشهرة والإستعراض عبر الشاشات.
فـ عندما نطرح تساؤل من الجهة المقابلة حول "من المستفيد من خسران الأردن لـ القضية الدعوى المرفوعة في المحكمة الدولية"، وإفتعال الأزمات الأعلامية على الصعيدين المحلي والدولي ضد الحكومة الأردنية، نجد أن هناك أطراف إقليمية ودولية مستفيدة بشكل غير معلن على حساب الأردن ومشروعها الاستثماري التقدمي.
وعلى سبيل المثال، خسران الأردن لـ هذه الدعوى، حتما يصب في صالح الاحتلال الاسرائيلي وإتفاقية الغاز الموقعة معه، خاصة أن استمرار العمل بـ هذه الإتفاقية وإنتاج العطارات سيؤدي إلى تراجع الكميات المستوردة من الغاز الاسرائيلي بنسبة تتجاوز الـ 25% وفق خبراء محليين، علاوة على أن فلسفة هذا المحتل المستمرة في إفتعال الأزمات في الرأي العام الأردني والعبث بـ الكثير من الملفات المشابهة نظرا لـ الموقف الصلب الذي يقفه الأردن إزاء القضية الفلسطينية.
الملفت بـ الأمر أن الدعوى المرفوعة مضامين خلافها واقع ما بين شركة وليس مع دولة كما صدره البعض من الكتاب والصحفيين عبر وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية، دون الإشارة إلى أنه خلاف طبيعي يحدث في المشاريع الضخمة، وهذا أيضا دليل آخر يثبت ما خلصت إليه حول أنها أزمة مفتعلة لا أكثر.
إضافة الى أن هناك لوبيات في الحكومة الأمريكية لا تريد لـ جمهورية الصين أي تواجد في الشرق الأوسط، وتحاول بشتى الطرق تدمير ومنع خرائط إنتشار الإستثمارات الصينية فيه، ما يؤشر على أن هناك أيدي خفية إمتدت من هذا اللوبيات لـ تعكير صفو توجه القضاء الدولي وتشتيته في قضية العطارات من خلال جواسيس يتبعون لهم كـ صحفيين أو مستثمرين بصبغة منافسين، لعبوا على نقطة الخلاف بين الصين والأردن، وعملوا على تصويره أن "فخ دبلوماسي" وقع فيه الأردن مع الصين.
من الجدير ذكره أن شركة العطارات هي ائتلاف شركات من الصين وماليزيا وإستونيا، وبدأت عملها جنوب الأردن عام 2010، وتعمل على إنتاج الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي وبيعها لشركة الكهرباء الوطنية، بعد ما وقعت اتفاقية مع الحكومة الأردنية عام 2014 بهدف تأمين 15 % من حاجة المملكة السنوية من الكهرباء، بكلفة استثمارية قدرها 2.1 مليار دولار، وهو يمثل فكرة رائدة كوسيلة لتحقيق طموحات الأردن نحو الاستقلال في مجال الطاقة.
وكانت الحكومة الأردنية قد رفعت دعوى تحكيم دولي ضد شركة العطارات للطاقة، واستندت في الدعوى إلى ادعاء "الظلم الجسيم".