خبير يؤكد أهمية وضع تشريعات تحد من إساءة استخدام التكنولوجيا

أكد الرئيس التنفيذي لشركة التحليل النقي للبيانات الدكتور معتز الدبعي أهمية وضع تشريعات تواكب تطور التكنولوجيا التي أصبحت عنصرا مهما لا غنى عنها في العديد من التخصصات، وكما هو الحال مع أي أداة فعالة، يمكن إساءة استخدام التكنولوجيا واستغلالها لأغراض تنتهك القوانين، والأعراف والقيم المجتمعية.
وأضاف، في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن التطور السريع للتكنولوجيا أدى إلى ظهور نوع جديد من مجرمي الإنترنت الذين يستغلون الثغرات ونقاط الضعف الرقمية ، موضحا أن الجرائم الإلكترونية تشمل مجموعة واسعة من الأنشطة غير القانونية، مثل القرصنة وسرقة الهوية والتصيد الاحتيالي والاحتيال المالي الإلكتروني وتوزيع البرامج الخبيثة والضارة.
وأشار إلى أنه جرى تصميم الكثير من تلك الهجمات للاستفادة من افتقار الأشخاص إلى الوعي الرقمي الكافي من خلال تضليلهم بالاعتقاد بأنهم يحصلون على خدمات أو منتجات ذات قيمة كبيرة وفوائد عديدة، حيث يندرج هذا النوع من الهجمات تحت مسمى "الهندسة الاجتماعية"، وبعدة أشكال خبيثة مثل تقديم المساعدات المالية وتوفير فرص للهجرة أو العمل او توفير قروض وغيرها.
وأوضح أن التطور في الذكاء الاصطناعي مكن من تطوير تقنية التزييف العميق والتي تتضمن التلاعب أو توليف الصوت أو الفيديو أو الصور وتستخدم هذه التكنولوجيا بكثرة في تقمص الشخصيات لخداع ضحايا الجرائم الإلكترونية، كما أن هذه الأدوات لديها أيضا القدرة على نشر معلومات كاذبة والإضرار بالسمعة، لذلك فقد يشكل انتشار تقنية التزييف العميق تهديدًا كبيرًا لصحة المعلومات.
وحذر من تعرض بعض أفراد المجتمع الى التصيد المستهدف أو العشوائي من خلال تحميل البرامج والأنظمة المجانية على أجهزتهم الإلكترونية ومن مصادر غير موثوقة، تحتوي على برامج خبيثة تمكن المجرم الإلكتروني من الحصول على ملفات وصور وفيديوهات وبيانات الضحية وبالتالي ابتزاز الضحية، ومساومته على دفع فدية، او إتلاف الجهاز الإلكتروني بجميع محتوياته.
ووفق الدبعي فقد غيّر العصر الرقمي كيفية استهلاكنا للمعلومات ومشاركتها، ولكنه سهل أيضًا نشر المحتوى غير القانوني والضار، كما ويسرت التكنولوجيا إمكانية الوصول الى عدد كبير من المستخدمين وبدون حدود جغرافية أو زمنية وبالتالي انتشار عمليات المضايقات والابتزاز والتسلط عبر الإنترنت.
وبين انه بناء على ما تقدم فقد أصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الاتصال الرقمية في كثير من الأحيان أرضًا خصبة لخطاب الكراهية وإطلاق التهديدات واغتيال الشخصيات، والاعتداءات الشخصية، وبالرغم من أن التطورات التكنولوجية جعلت حياتنا أكثر راحة إلا أنها أثارت أيضًا مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية والمراقبة، وأدت الى تطوير أدوات تساعد في مراقبة حياة الأفراد والتحكم فيها، كما تلجأ الجهات الإجرامية الخبيثة إلى استخدام تقنيات مثل التعرف على الوجه ومراقبة البيانات وأنظمة المراقبة المختلفة ومنها مراقبة الأفراد من خلال التحكم بكاميرا الحاسوب الخاص بهم وذلك بغرض انتهاك الحريات الفردية ولأغراض أخرى غير قانونية وغير أخلاقية متعددة.
وأوضح الدبعي انه في هذا المشهد الرقمي والمترابط وبشكل متزايد، فإنه أصبح من الملح والضروري جدا أن تكون هذه التطورات التكنولوجية مصحوبة بتطورات وتحسينات على التشريعات والأطر القانونية الناظمة للجرائم الإلكترونية لتحقيق درجات التكيف والموائمة المطلوبة، كما ويجب أن يصاحب ذلك توفير قنوات لبث إرشادات أخلاقية وتوفير مبادرات تهدف الى رفع مستوى الثقافة الرقمية والأمن السيبراني عند أفراد المجتمع من خلال حملات توعية عامة، وأنشطة تعليمية لتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات مستنيرة، وتحديد المخاطر المحتملة، واعتماد أفضل الممارسات لحماية أنفسهم من الثغرات المحتملة التي قد تنجم عن سوء استخدام التقنيات الحديثة للوصول الى مجتمع مدرك للفضاء الالكتروني بنواحيه الإيجابية وبتهديداته المتعلقة بالجرائم الإلكترونية.
ودعا الدبعي إلى مواكبة التشريعات التقدم التكنولوجي السريع والمستمر والمخاطر الجديدة، وإزالة الثغرات القانونية إن وجدت للتمكن من التصدي للجرائم الإلكترونية والسيبرانية وبشكل فعال. وأضاف ان التحديث المستمر للتشريعات الناظمة للجرائم الإلكترونية تعمل على تمكين السلطات الحكومية ووحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية على مواكبة التهديدات الناشئة ومحاسبة الجناة.
وقال إن تحسين التشريعات الناظمة للجرائم الإلكترونية يتطلب تعزيز إنفاذ القانون، وبما أن التحقيقات في الجرائم الإلكترونية والسيبرانية تتطلب المعرفة والخبرة والموارد، فيجب أيضا العمل على تطوير المهارات والقدرات والموارد لأجهزة إنفاذ القانون للعمل على تمكنيهم وبشكل منتظم من إدراك المخاطر السيبرانية الناتجة عن التطور التكنولوجي المستمر وطرق الاستجابة الفعالة لهذه المخاطر.
--( بترا)