ازدياد أعداد السيارات الكهربائية ترهب "محطات المحروقات"

عايش: على المحطات أن تتأقلم والحكومة قادرة على التكيف

ازدياد أعداد السيارات الكهربائية ترهب "محطات المحروقات" 

 الخرابشة: "المحطات" يجب أن تتطور و"تحرير القطاع" تحصيل حاصل

الأنباط-عمر الكعابنة
 
تشهد المملكة في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد السيارات الكهربائية، مما يُعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز الاستدامة البيئية وتقليل الانبعاثات الضارة،  هذا النمو المتسارع يعكس التوجه العالمي نحو استخدام مصادر الطاقة البديلة وتبني التكنولوجيا الصديقة للبيئة، كما تعتبر السيارات الكهربائية بديلاً مستدامًا للسيارات التقليدية التي تعتمد على الوقود الأحفوري، وتشغيل السيارات الكهربائية يكون أقل تكلفة على المدى الطويل، نظرًا لأن تكاليف الصيانة والتشغيل تكون أقل بشكل عام مقارنة بالسيارات التقليدية.
 
مع هذا النمو السريع في عدد السيارات الكهربائية، يُطرح السؤال حول تأثيرها المحتمل على محطات البنزين في الأردن، ففي الوقت الحالي، تعتمد محطات البنزين على الوقود الأحفوري لتلبية احتياجات السيارات التقليدية، ومع تزايد عدد السيارات الكهربائية، قد تواجه هذه المحطات تحديات جديدة.
 
من أبرز التحديات المحتملة هي انخفاض الطلب على الوقود التقليدي، مما يمكن أن يؤدي إلى تراجع في إيرادات محطات البنزين، قد يتطلب ذلك من المشغلين البحث عن مصادر دخل بديلة أو تحويل بعض المحطات إلى نقاط شحن للسيارات الكهربائية، مما يضمن استمرارية دخلها وتلبية احتياجات المالكين للسيارات الكهربائية في الرحلات الطويلة.
 
 
ذكر الخبير الاقتصادي حسام عايش أن عدد سيارات الكهربائية في الأردن حتى الآن لا يتجاوز 50 ألف سيارة، في حين يقل عدد سيارات الهايبرد عن 100 ألف سيارة تم تسجيلها في عام 2022، وأشار عايش إلى أن هناك زيادة في عدد السيارات الكهربائية والتحول  سيارات الهايبرد لـ الكهربائية، وانخفاض في أعداد السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي مثل البنزين والديزل.
 
وعلى الرغم من ذلك، أشار عايش إلى أن عدد السيارات التقليدية يفوق المليوني سيارة مسجلة في الأردن، وتشكل سيارات الكهربائية والهايبرد نسبة صغيرة تتراوح بين 3-4% من إجمالي السيارات ، مع ذلك، يلاحظ تسارعًا في التوجه نحو سيارات الكهربائية، مما يتسبب في تأثير على محطات البنزين. يعزى هذا الانتقال المتسارع إلى توجه الأفراد نحو السيارات الكهربائية، والتوعية المتزايدة بفوائدها البيئية والاقتصادية.
 
وأكد، أنه في ضوء هذا التطور، ينبغي على محطات البنزين أن تعتبر هذا الاتجاه نقطة انطلاق للتحول وتوفير بنية تحتية تلبي احتياجات السيارات الكهربائية، فعلى سبيل المثال، يمكن للمحطات القائمة حاليًا أن تضيف نقاط شحن سريعة للسيارات الكهربائية، وتطوير خدمات دعميه مثل صيانة وإصلاح هذه السيارات، لافتاً أنه مع اتساع نطاق انتشار السيارات الكهربائية وزيادة الطلب عليها، يتعين على الحكومة والقطاع الخاص أن يتبنوا سياسات داعمة وتشريعات تحفز استخدام هذا النوع من المركبات، وبالتالي، يمكن تعزيز التحول نحو النقل الأكثر استدامة وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي، مما يعود بالفائدة على البيئة والاقتصاد على حد سواء .
 
وبين، أنه من المتوقع أن يظهر تأثير هذا التحول بوضوح بدءًا من نهاية العام الحالي وخلال السنتين أو ثلاث سنوات القادمة، ويتمثل هذا التحول في انتقال السيارات من استخدام البنزين والمشتقات النفطية إلى السيارات الكهربائية، مما يؤثر بشكل كبير على أصحاب محطات الوقود، لافتا أن قطاع محطات الوقود  سيشهد تحولًا تدريجيًا في طريقة عمله، حيث ستضطر هذه المحطات لتوفير الشحن الكهربائي كجزء من خدماتها للمركبات وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي.
 
وتابع، من الصعب على الأردن أو أي حكومة أخرى تقف عاجزة أمام هذا التحول، وبالتالي يجب على أصحاب محطات الوقود وضع خطط مستقبلية للتكيف مع التغير التدريجي في نوعية واستخدام السيارات، وأن يستمر الطلب على خدمات محطات الوقود الحالية حتى يتم استبدال جميع السيارات التي تعمل بالوقود بالسيارات الكهربائية، وهذا يستغرق وقتًا طويلاً، ربما عقدًا أو أكثر، مشيراً إلى أن الحكومة قد تفرض ضرائب مماثلة على توفير الطاقة الكهربائية للسيارات، كما هو مفروض على المشتقات النفطية.
 
وزاد، أنه مع زيادة استخدام السيارات الكهربائية، سيقل الطلب على استيراد المشتقات النفطية، نظرًا لأن قطاع النقل يشكل نسبة كبيرة من الاستهلاك العالمي للوقود، مع الملاحظة أنه ستستمر استخدامات أخرى، مثل الديزل والغاز والوقود الطائرات، مبيناً أنه لم يتم التطرق إلى إحلال كامل لهذه المصادر بعد، ولذلك، يتطلب التحول إلى الطاقة الكهربائية تغييرًا تدريجيًا ومدروسًا في السوق، مؤكداً أن الحكومة الأكثر قدرة على التكيف مع هذه التغيرات، وستواجه تحديات جديدة وتغيرات كبيرة في طريقة عملها، خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات في محطات الوقود والنمط الحالي لتلك الصناعة.
  وأضاف عايش في حديثه لـ"الأنباط" أن هناك دول تخطط لمنع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري بدءًا من عام 2030، بينما تنوي دول أخرى تنفيذ ذلك بدءًا من عام 2035 أو 2040. وبالتالي، سيشهد العقد القادم والنصف الثاني منه تحولًا كبيرًا في استخدام سيارات الوقود الأحفوري، ونتيجة لذلك، ستقوم الدول التي تفرض ضرائب الكربون، مثل بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة، بتغيير أدواتها ووسائلها لتحصيل ضرائب جديدة من استخدام الطاقة الكهربائية في السيارات ووسائل النقل، وهذا ما تستعد له الحكومة بشكل جيد، مطالباً أن يكون هناك تفاهم وتعاون بين المستثمرين والمواطنين والحكومة في هذه العملية التحويلية.
 
ولفت، أن الأردن يواجه تحديات جديدة في قطاع الطاقة الكهربائية ومشروع العطارات، حيث تزداد الشكوك بشأن الصفقة التجارية بين شركة الكهرباء الوطنية وشركة المولدة للطاقة الكهربائية التابعة للصين، والتي تتعلق بارتفاع سعر الكيلو واط الكهرباء، وهو ما يؤثر على تكلفة تشغيل السيارات الكهربائية بشكل كبير، مما يتطلب استثمارات إضافية ومراجعة الأسعار المرتفعة للكهرباء،مطالباً الحكومة بمراجعة هذه الأسعار، خاصةً وأن استمرارها على مستوى عالٍ يؤثر سلبًا على تزويد السيارات الكهربائية بالطاقة اللازمة.

 
وأردف قائلاً: يتعين على الحكومة العمل على تعزيز الإيرادات الحكومية وتنويعها من خلال مصادر متجددة.، وتقليل تكلفة توليد الكهرباء، خاصةً بالنسبة للشركات المستثمرة في قطاع الطاقة الكهربائية في الأردن، منوهاً على أنه من الممكن أن تكون الطاقة الكهربائية مصدرًا مهمًا لتعزيز الإيرادات الحكومية وضمان استدامتها، مشدداً على أن تتحمل الحكومة المسؤولية في تحقيق تحسين الإيرادات من الطاقة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وتكلفة توليدها،وأن يتم استبدال الضرائب المرتفعة على الكهرباء بآليات جديدة تعزز الاقتصاد وتوفر استدامة مالية للحكومة.

من ناحيته، قال السعيدات إن قطاع المحروقات تعرض لخسائر كبيرة أثناء وبعد جائحة فيروس كورونا المستجد، مبينًا أنه جراء توجه المواطنين نحو امتلاك السيارات الهجينة والكهربائية تراجعت مبيعات المحطات بنحو 400 مليون دينار سنويًا، الأمر الذي انعكس سلبًا على القطاع، محذراً من أن بعض المحطات في الأرياف والقرى لن تكون قادرة على تأمين مادة الكاز خلال الفترات القادمة.

وعرض السعيدات بعض أسباب الخسائر التي تتكبدها بها المحطات الأهلية والشركات الثلاث جراء ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، فضلا عن فتح الباب على مصراعيه لمنح التراخيص لفتح المحطات، مطالباَ بضرور أن يتم رفع العمولة الحالية لكي يتم تحقيق عائد بالحد الأدنى لتمكين المحطات من الاستمرار في السوق وبدون خسائر.
و قال رئيس اللجنة، طلال النسور، إن اللجنة ستقدم توصية لوزارة الطاقة والثروة المعدنية تتضمن إجراء دراسة ثانية حول أثر التكاليف على عمولة محطات المحروقات والتحديات التي تواجه قطاع المحروقات، مبيناً أنه وحسبما ورد في كتاب النقابة، أن هذه الدراسة حللت واقع حال محطات المحروقات المتهالك خلال الفترة ما بين عامي 2018 و2022، إذ تبين أنه تتعرض لخسائر بسبب تدني عمولة البيع، نتيجة لكثير من الأسباب، منها: التناقص الحاد في المبيعات، زيادة المصاريف التشغيلية والأجور، تزايد أعداد المركبات الكهربائية والهايبرد، تزايد أعداد محطات المحروقات، ارتفاع أسعار المشتقات النفطية مع بقاء نفس قيمة العمولة المقررة منذ العام 2018، والبالغة 18 فلسًا / لتر، والتي هي بالأصل غير كافية، فضلًا عما مر به القطاع من تحديات خلال جائحة فيروس كورونا من خسائر متلاحقة واغلاقات، ما تزال تُعاني محطات من آثار حتى الآن".

بدوره، قال الخرابشة إن وزارة الطاقة تقوم بمراجعة شاملة ودورية للعمولات التي تمنح لأصحاب المحطات، مضيفًا أنه سيتم إجراء دراسة من شركة أخرى للوقوف على واقع الحال، مطالباً الشركات والمحطات بالتفكير جديًا بإنشاء "مولات" أو مطاعم أو بقالات لزيادة أرباحها، ومواكبة التطور نحو الاتجاه بامتلاك المركبات الكهربائية بإضافة شواحن كهربائية في المحطات، مشدداً على أن الوزارة سائرة نحو تحرير أسعار المشتقات النفطية ضمن توازنات تحفظ حقوق الجميع (شركات، مواطن، مستثمر).