محمد داوديه يكتب : الانفصال والوحدة يتمان بالقوة !!
احتلت اليابانُ الصين في الفترة من سنة 1937 إلى سنة 1945.
كانت الصين تعاني من حرب أهلية دامية طويلة الأمد، بين الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونغ وقوات الكومنتانج بقيادة الجنرال شيانج كاي تشيك.
سهّلت الحربُ الأهلية الصينية الشرسة، مهمةَ اليابانيين الذين استغلوها لاحتلال الصين دون أن يواجهوا مقاومة مؤثرة.
كان من ابرز وقائع تلك الحرب، مذبحة شنغهاي التي ارتكبتها قوات كاي تشيك ضد الشيوعيين يوم 12 نيسان 1927 وراح ضحيتها آلاف الشيوعيين.
استهلكت الحرب الأهلية الصينية الجهودَ والطاقاتِ والبرامج الصينية كلها، لصالح بقاء وديمومة واسترخاء الاحتلال الياباني.
لكن قيادة ماو تسي تونغ الفذة وبصيرته النافذة دفعته إلى التسامي على جرح شنغهاي، فطلب فتح حوار مع أعدائه جماعة كاي تشيك، لغرض تأجيل الصراع الايدولوجي الصيني-الصيني، لصالح نجاح الصراع الجذري مع المحتل الياباني.
لم يستجب الجنرال كاي تشيك، الذي كان متفوقاً إلى درجة كبيرة، إلى نداءات الوحدة الوطنية، مما أدى إلى سخط في مختلف انحاء الصين وخاصة بين جنرالاته العظام وأبرزهم تشانغ زوليانغ ويانغ هوتشنغ اللذان خطفا الجنرال كاي تشيك واعتقلاه وأجبراه على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع اعدائه الشيوعيين.
أسفرت المفاوضات بين "الإخوة الأعداء" ماو تسي تونغ وشيانج كاي تشيك، عن توقيع اتفاقية وحدة وطنية في كانون الأول عام 1936، أرجأت الصراع الثانوي لصالح الصراع الرئيسي مع الاحتلال.
أسهمت اتفاقية الوحدة الوطنية الصينية في تحقيق النصر النهائي على الاحتلال الياباني. وبعد ذلك عاد كل طرف الى حمل السلاح لحسم الصراع الايدولوجي على حكم الصين.
انتهت الحرب الأهلية الصينية التي استمرت متقطعة من عام 1927 الى عام 1949، بسقوط جميع الأراضي التي يسيطر عليها رئيس الحكومة الوطنية شيانج كاي تشيك، بيد الحزب الشيوعي الصيني، فانحصر حكمه ونفوذه في ما يعرف اليوم بجمهورية تايوان.
لا يجب ان تقف سلطة أو ايدولوجيا أو منظمة أو حركة أو فصيل او مصالح أمام الوحدة الوطنية الفلسطينية.
لا بل ان كل تلك القيم والمؤثرات يجب ان تدفع من اجل الوحدة الوطنية، التي هي شرط الصمود والمقاومة المؤثرة وكسر إرادة الاحتلال.
حكمة 1: الصراع الوطني يتقدم على الصراع الآيدولوجي.
حكمة 2: وكما ان الانفصال يتم بالقوة، فإن الوحدة الوطنية تتم بالقوة ولو على بحر من الدماء.