تساؤلات على طاولة وزارة العمل

خليل النظامي 

عنوان بـ الخط العريض تبعه جولة لا بأس بها عبر وسائل الإعلام المتلفزة والمسموعة والمقروءة، تضمن إعلان وزارتي العمل والداخلية إطلاق حملة تفتيشية واسعة لـ ضبط العمالة المخالفة لـ قانون العمل، ومخالفة أصحاب المنشآت والمحال المختلفة ممن يشغلون عمالة بدون ترخيص رسمي. 

الحملة جاءت بعد غياب وزارة العمل لـ فترة طويلة عن ساحة ضبط وتنظيم سوق العمل، لـ درجة أننا لم نعد نقرأ في الأخبار عن ضبطها للـ العمالة المخالفة إلّا نادرا، الأمر الذي يثير الاستغراب حول توقيتها، خاصة أنه وبحسب تصريح الناطق الرسمي لـ الوزارة محمد الزيود أن هذه الحملة ليس كـ سابقتها، ولم تأتي كـ إنذار تمهيدي لـ الإعلان عن فترة تصويب أو تقنين أوضاع المخالفين من العمالة الوافدة تعقبها بحسب ما هو متعارف عليه في الاوساط العمالية. 

الأمر الآخر الذي يدعو التساؤل حول قدرة وزارة العمل على ضبط العمالة الوافدة المخالفة والمنتشرة في شتى القطاعات وتعمل في مختلف المهن، خاصة اذا علمنا أن كوادر التفتيش في الوزارة لم يطرأ عليها أي عمليات تحديث منذ سنوات من حيث العدد والانتشار في مديريات المحافظات المختلفة، مع العلم أن نقص الكوادر يشكل أبرز التحديات أمام الوزارة، علاوة على الإجراء الذي سيتخذ بحق المخالفين بعدما يتم ضبطهم، فهل هناك متسع في السجون، وهل هناك الإمكانية لـ تسفيرهم جماعات جماعات، وهل تم التواصل مع سفراء بعض الدول العربية والاجنبية ووضعهم بـ الصورة. 

ومما يثير التساؤل أيضا خطة الوزارة في تنفيذ هذه الحملة، إن كانت ستشمل جميع المحافظات أم ستقتصر بذروتها وتركيزها على العاصمة الأردنية عمان، هذا اذا علمنا أن النسبة الأكبر من المخالفين يعملون فيها، خاصة أن الحكومات الأردنية المتعاقبة ومنذ سنوات طويلة لم تستطع بناء قاعدة بيانات رقمية تفصيلية تعكس حقيقة أعداد العمالة المخالفة لقانون العمل في الأردن، وتعتمد على تقدير الخبراء فقط، الأمر الذي يشكل التحدي الأكبر أمام هذه الحملة التي تفوح منها رائحة الجدية. 

ومن على الضفة المقابلة، ماذا عن عاملات المنازل اللواتي يبلغ أعداد المخالفات منهن عشرات الالاف، معظمهن متمركزات في مناطق معروفة ومحددة في العاصمة عمان كـ وسط البلد وشارع مانيلا في جبل عمان، فضلا عن المستخدمات في المستشفيات والمراكز الصحية وبعض شركات الخدمات العامة. 

هذه الحملة بـ الكاد إن نفذت بحسب ما تم التصريح به، سينتج عنها الكثير من العوائق خاصة لـ المحال التجارية والمطاعم والمقاهي، والشركات الكبيرة في قطاعي الانشاءات والزراعة، اضافة غلى العمارات والعقارات الكبيرة في العاصمة والتي تحرس وتدار من قبل العمالة الوافدة المخالفة، الأمر الذي يطرح تساؤل أمام وزارة العمل إن كانت قد قيمت ووضعت هذه العوائق في حساباتها بعدما تتم عملية الضبط والتسفير أو التصويب. 

بـ العموم العمالة الوافدة المخالفة المنتشرة في مختلف القطاعات وتعمل في المهن المختلفة ومنها المهن المغلقة على الأردنيين، أحدثت الكثير من الاختلالات المفصلية في سوق العمل بسبب تراكم وبطء حملات التفتيش الحقيقية على المخالفين منذ سنوات طويلة، وساهمت بشكل كبير في تقليص فرص العمل أمام الأردنيين خاصة في العاصمة عمان نظرا لـ تمركز الإستثمارات فيها، علاوة على خطورتها التي شكلتها على موجودات البنك المركزي من العملة الصعبة بسبب التحويلات الشهرية والتي تقدر بـ مئات الملايين، وضبطها وتنظيمها بـ الكاد سيعود بـ الكثير من الفوائد على الصعيد الاقتصادي لـ الأردن بشكل عام ولـ الأردنيين المتعطلين عن عمل بشكل خاص.