حوارات عمان تناقش ورقة عن الفوائد البنكية وأثرها على الاقتصاد الأردني

 عقدت جماعة عمان لحوارات المستقبل ندوة حول الفوائد البنكية وأثرها على الأفراد والمؤسسات وقد ناقشت الندوة ورقة متخصصة أعدها الفريق الاقتصادي في الجماعة, وقد استهل رئيس جماعة عمان لحوارات المستقبل بلال حسن التل الندوة بكلمة قال فيها إن الجماعة تواصل بحث ومناقشة هموم الوطن والمواطن ومشاكلهما، والبحث عن حلول لهما من خلال التعاون مع أهل الخبرة و الاختصاص في بلدنا, والمشكلة التي نتناولها في هذا الصباح لايكاد ينجو منها بيتا من بيوت الاردنيين الا من رحم ربي وهم قليل، تلك هي مشكلة الفوائد البنكية التي تحولت إلى سرطان خبيت يفتك ليس باقتصادنا فقط بل بامننا واستقرارنا المجتمعي، ومستقبل اجيالنا, التي حلم اباؤها بتوفر سكن لها لكنهم اورثورها بدلا من ذلك دبوانا تتضاعف بفعل سطوة الفوائد البنكية التي تتضاعف تلقائيا، لأنها بالأساس ناتجة عن عقود اذعان تفرضها البنوك العاملة بالأردن على المواطنين، حتى تحولت هذه العقود إلى قنابل موقوتة لا أحد يعرف متى تنفجر في وجه الجميع، وهي نار تحت الرماد لا أحد يعلم متى يشتد اورها فتحرق الأخضر واليابس حمى الله بلدنا من كل سوء.

وأضاف التل كثيرة هي الاختلالات التي يعاني منها القطاع البنكي في بلدنا اولها انسحابه من الاستثمار، بل والوقوف في وجهه من خلال ارتفاع الفوائد التي تفرضها على المستثمرين, ومن عجيب الأمر أن بنوكًا في أمريكا وأوربا تخسر لكننا لم نسمع عن بنك يعمل في الأردن قد خسر بل أن أرباح هذه البنوك ترتفع بالرغم من رفع ارتفاع كلفتها التشغيلية بسبب فلكية رواتب إدارتها العليا وكثير منها إدارت عائلية, تنعم على حساب الأردنيين بالاضافة الى اختلالات أخرى تناولتها الورقة التي أعدها الفريق الإقتصادي في جماعة عمان لحورات المستقبل والذي يضم عدداً من الخبراء في المجال الاقتصادي, واستعرض الخبير الاقتصادي حسام عايش عضو الفريق الاقتصادي في جماعة عمان لحوارات المستقبل التي جاء فيها أن أسعار الفائدة باتجاهاتها ونسبتها والمؤثرات فيها وعليها هي من المؤشرات ذات الدلالة على صحة أي اقتصاد وكلفة الإبقاء على الاستقرار النقدي كمصطلح يستعمل في الاردن كمرادف لبقاء سعر صرف الدينار مستقرا بربطه بسعر ثابت بالدولار من جهة وهذا بحد ذاته انجاز كبير يجب الحفاظ عليه.

غير اننا اردنيا ناخذ من تثبيت سعر الدينار بالدولار الشق المتعلق باتجاهات أسعار الفائدة ونترك دائما الشق المتعلق بمعدل تضخم و البطالة،  

ليس قانون

وجاء في الورقة يحدث في كثير من الأحيان ان تكون تحركات الفدرالي الأميركي في مجال اتجاهات أسعار الفائدة غير مناسبة للاقتصاد الأردني كما هو الحال الان؛ لكن المركزي الأردني مضطر ان يهتدي بتحركات الفدرالي الاميركي رفعا او خفضا او تثبيتا، رغم ان ذلك ليس قانونا اذ كان هناك مبادرات اتخذ فيها المركزي الأردني قرارات تتعلق بأسعار الفائدة دون عودة للفدرالي الأميركي كما حدث في عام كورونا 2020 عندما خفض أسعار الفائدة بنسبة 1.5% .

 وجاء في الورقة عندما يتم رفع سعر الفائدة فإن ذلك يؤدي إلى:تراجع فوري للطلب على الاقتراض. وزيادة الطلب على إيداع الأموال ما يؤدي الى:إبطاء معدلات النمو الاقتصادي.تراجع وتيرة الاستثمار, وهبوط وتيرة الإنفاق بكل أنواعه, وتأثر مباشر للقطاعات الإنتاجية وسوق العمل, وتأثر الأسواق المالية, وكذلك تأثر أسواق الأسهم, بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار.

 كما أن رفع سعر الفائدة يؤثر أيضا على المواطن المقترض العادي اذ وبشكل مبسط تزيد تكاليف اقتراضه من البنوك.يدفع مزيدا من الأموال مقابل الحصول على الخدمات الحيوية.يدفع المزيد للحصول على قروض الاستثمار وقروض التجزئة, ويدفع المزيد على القروض العقارية, يطول به امد سداد القرض,  كما يضطر لاعادة جدولة مواعيد الانتهاء من السداد. كما يتم رفع حد القسط الشهري, وربما يتعرض للتعثر او عدم القدرة على السداد بشكل منتظم .وقد يتوقف عن السداد ويخسر الضمانات المقدمة للبنك. كما تتغيير لديه سلم الاولويات الانفاقي بتقليل الانفاق على حاجات اساسية كصحة وتعليم وسكن من اجل الوفاء بسداد االفوائد الاضافيةعلى القرض. 

تشوهات

 وتناولت الورقة عدد من التشوهات في أسعار الفائدة على الإقراض في الأردن وبالتالي ارتفاعها ومن هذه التشوهات, أن أسعار الفائدة مرتفعة في قبل رفع فائدة على الدينار اسوة بالاحتياطي الفدرالي. وتعتبر أسعار الفائدة المصدر الرئيس لايرادات البنوك الادنية ما يعكس قلة الإيرادات من المصادر الأخرى باستثناء العمولات ما يجعل الجميع البنوك والمقترض والمودع والاقتصاد الوطني اسرى قلة حيلة البنوك في تنويع مصادر دخلها, فمراجعة سريعة لتقارير البنوك الأردنية وبالذات للعام 2021 تظهر ان إيراداتها  من الفوائد تشكل بين 80% الى 90% واكثر  فيما إيراداتها من العمولات تظل بنسبة تقل عت 10% وايراداتها الأخرى نحو 3% الى 5% غير أن الفائدة التي تدفعها البنوك على أموال المودعين لديها تشكل نحو 20% من الفوائد التي تقبضها من عملاء القروض.  

 ومن التشوهات الرئيسية أن النسب التشغيلية للبنوك والتي تقيس كفاءة البنوك في إدارة دخلها مقابل مصاريفها من خلال نسبة المصروفات الى اجمالي الدخل تعتبر من الأسباب المؤثرة برفع وزيادة معدلات الفائدة على المقترضين فهي بلغت في العام 2017 نحو 48.8%  لكنها ارتفعت في الأعوام الأخيرة الى مابين  55% الى 56% كما يقول البنك المركزي في تقرير الاستقرار المالي للعام 2021 والنسبة التشغيلية-نسبة الكفاءة- هذه تتضمن نفقات الموظفين بما فيها الرواتب والأجور والمكافات والتي تصل لبعض المدراء فيها الى اكثر من نصف مليون دينار كدخل سنوي وهذا الرقم نعرضه بتحفظ يصل أحيانا الى ان يكون شديدا, اذ يتقاضى كبار المسؤولين وأعضاء مجالس الإدارات مبالغ بعشرات الاف الدنانير سنويا نظير عضويتهم في المجالس او المشاركة باللجان وحضور اجتماعاتها او غيرها من المكافات التي لا تتناسب مع واقع الرواتب والأجور والبدلات في الاردن على علاته ولا تعبر عن جهد عظيم يتم بذله  ولا تعبر عن كفاءة بالنظر الى النسب التشغيلية التي يتجاوز بعضها المعدلات المشار اليها في بعض البنوك تظهر  عيوبا في الكفاءة لديها 

الفوائد بشقيها على الودائع وعلى التسهيلات تعاني من خلل بينها اذ تكفي الإشارة الى ان  المتوسط المرجح  لاسعار الفائدة لاجل للعام 2021 بلغ 3.45% والمتوسط المرجح لاسعار الفائدة على القروض والسلف عند 6.95%  بهامش 3.95% بينما ارتفع في العام 2022 -حتى نهاية شهر 11 منه- ارتفع هذا المتوسط للفائدة على ودائع لاجل الى 4.4 وللقروض والسلف عند 8.44% بهامش4% .

مخاطر

 الفوائد في الأردن تكون منخفضة المخاطر عندما يتم اقراض الحكومة ومتوسطة المخاطر عندما يتم اقراض بعض القطاعات الاقتصادية وعالية المخاطر عندما يتم اقراض الافراد وقطاعت حيوية كازراعة مثلا ما يعني ان الافراد.

   ارتفاع الفوئد واحد من أسبابها البنك المركزي الذي يدفع فائدة على  ايداعات الأموال الفائضة لدى البنوك تصل الى 6.5% وبالتالي فان بعض البنوك يحصل على عائد مرتفع من الايداعات لدى المركزي مقابل ما يدفعه للودائع لديه وبما يزيد عن 2% وهذا بحد ذاته يحفز البنوك على اختيار من تقرضهم وفرض سعر الإقراض الذي يناسبها عليهم أي انه يسمح لها بفرض سعر اقراض اعلى.

 لا ترفع البنوك فائدة على كل الودائع بل على نحو 54% منه أي على ودائع لاجل فيما الودائع الجارية التي تشكل نحو 29% والتوفير التي تشكل نحو 16% لاتتجاوز الفائدة المدفوعة عليهما بالمعدل 0.35% .

وجاء في الورقة أن من اسباب ارتفاع الفوائد على القروض البنكية الملكيات غير الأردنية المؤثرة في القطاع المصرفي اذ ان ما نسبته 60% من ملكية البنوك المحلية تعود لمستثمرين غير أردنيين-وفق المدير السابق لجمعية البنوك عدلي قندح-وهي ملكيات بعضها ما كان له ان يستثمر لولا العائد الكبير الذي يحصل عليه والذي يستدعي إبقاء أسعار الفائدة مرتفعا.
   الفوائد المتزايدة على التسهيلات رفعت رباح البنوك فبحسب بورصة عمّان،  فان البنوك المدرجة فيها وعددها 15 بنكا، ارتفع صافي أرباحها بعد الضرائب والمخصصات بنسبة 47% في النصف الأول من من 2022  مقارنة مع نفس الفترة من العام 2021  حيث بلغ صافي أرباح البنوك 435.2 مليون دينار مقارنة مع 296.5 مليون دينار وبحجم  ارتفاع 139 مليون دينارتقريبا.

وكتحصيل حاصل سجل القطاع المالي المدرج في بورصةعمان صافي أرباح بلغت 835 مليون دينار عن العام 2022  بنسبة نمو زادت عن 37% علما بان البورصة لا تشمل جميع البنوك العاملة في الأردن .

   تجدر الإشارة  الى ان القيمة السوقيةللبنوك الأردنية المدرجة في بورصة عمان تقدر بحوالي 51% من إجمالي القيمة السوقية لجميع الشركات المدرجة في بورصة عمان. كما تشكل إجمالي أرباحها قبل الضريبة 60%من إجمالي أرباح جميع الشركات البورصة (2019-2021)،  مع متوسط ضرائب دفعتها خلال الفترة أعلاه شكلت نحو 62% من اجمالي الضرائب التي دفعتها جميع الشركات المدرجة. وفي هذا الإطار؛ ورغم هذه البيانات تراجع أداء الأردن على مؤشر التطور المالي خلال العقود الأربعة الأخيرة، من المرتبة (6) في العام 1980 إلى المرتبة (68) في العام 2020 عالمياً-حسب منتدى الاستراتيجيات الأردني-عازيا ذلك إلى محور الأسواق المالية وليس محور المؤسسات المالية.

المسؤولية المجتمعية للبنوك

 جاء في الورقة أن المسؤولية المجتمعية للبنوك تحتاج لوقفة لتقييم اثرها وكشف حقيقتها وكلفتها على القطاع المصرفي بما في ذلك المبادرات المتعلقة بها وفيما اذا كانت ذات مردود مستدام ام انها مجرد علاقات عامة او انفاقا لا تحكمه القيمة المضافة اقتصاديا او اجتماعيا .


 صحيح ان هذه المسؤولية لا اجبار فيها لكن الصحيح أيضا ان المجتمع بمقدراته هو من يحتضن القطاع المصرفي وهو سبب رئيس لارباحه  وبالتالي فان مسؤوليته المجتمعية والنتيجة هذه تصبح واجبا تحتاج معها لماسسة تؤدي الى خلق وقائع ملموسة على الأرض وبغير ذلك فانها حتى لو بلغت عدة عشرات من الملايين  تظل مجرد رفع عتب, وعليه آن الأوان لوضع قانون للمسؤولية المجتمعية, كما ان الأوان لمراجعة سياسة التعويم للفوائد المصرفية ضمن الية قانونية جديدة تتضمن اقتراحات لتعديل قانون البنوك للتعامل مع الحالات الاستثنائية وبالذات ما يتعلق منها بعلاقة البنوك مع المقترضين في الأوقات الاستثانائية او القاهرة.