الجرائم الإلكترونية باتت بحاجة لـ دواء فعّال

خليل النظامي
تمعنت كثيرا اليوم في القصص البشعة التي رواها لنا الزميل الصحفي بركات الزيود في تقرير صحفي نشره عبر وكالة بترا الرسمية تحت عنوان جرائم إلكترونية بتفاصيل قاسية تستدعي اعادة فتح قانونها وتعديله. 
وبـ الأمس كتبت ونشرت مقالا في صحيفة الأنباط حول عدم وجود الحماية القانونية لـ الصحفي وممارسته لحريته عبر منصات التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يكثر الحديث فيه عن التعديلات المنوي إجراؤها على قانون الجرائم الإلكترونية في الاسابيع القادمة. 
واليوم سأتبع مقال الأمس بـ مقال حول حرية الممارسة الشخصية لـ الأفراد او المواطنين واستخدامهم لـ منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي، من الناحية الأخلاقية ومدى قبولهم لـ الآخر، وانسجام هذه السلوكيات والمخرجات مع الطبيعة العامة للصورة الاخلاقية والثقافية التي نشأ وترعرع عليها المجتمع الأردني منذ البداية.
وبداية يجب علينا جميعا أن نتفق أن سلوكيات الكثير من أفراد المجتمع الأردني رجالا ونساء سببت خللا في الصورة العامة لـ المجتمع، وكانت سلوكياتهم أشبه بـ سرطان ينتشر وعدوى كـ عدوى فيروس "كورونا" التي لم ترحم صغيرا ولا كبيرا، حتى بات الأمر وكأنه ممنهج بهدف تشكيل وفرض ثقافة اخلاقية جديدة تستوطن مكان الثقافة الأصيلة لـ المجتمع الأردني. 
والدليل المادي على قولي هذا ما نشر في تقرير الزميل الزيود حول إحصائية مديرية الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن العام، والتي أوضحت أن "الأرقام الخاصة والمسجلة بـ الجرائم الإلكترونية لدى المجلس القضائي بين عامي 2019 – 2023 بلغ قرابة الـ 22 ألفا و 759، علاوة على تأكيد المديرية على ان عدد قضايا الجرائم الالكترونية قد ارتفع بنحو ستة اضعاف على مدار 8 سنوات بين العامين (2015 – 2022). 
وتعزي مديرية الجرائم الالكترونية هذا الارتفاع الهائل إلى أن كثيرا من الأشخاص استغلوا المساحة المخصصة للنشر على منصات التواصل الاجتماعي، وخلطوا بين حرية الرأي والتعبير وبين ارتكاب الأخطاء التي تصل حد الجريمة بحق آخرين. 
وبـ العودة إلى سلوكيات المواطنين عبر منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي والتي يتضح جليا امامنا وبـ الارقام، أن الأمر لم يعد مجرد عبثية في وقت فراغ، أو ترفيه في وقت ضيق، وإنما تمدد افقيا وطوليا عبر خارطة هذا الوطن العزيز واستوطن في كل وكر وزاوية بشكل سريع. 
وهنا أتحدث عن السلوكيات غير الاخلاقية لـ مستخدمي هذه المنصات، ولا أتحدث عمن يستخدم هذه المنصات لـ بث الرسائل الثقافية والفكرية والتعليمية والترفيهية الناضجة، والتي من شأنها رفع هذا المجتمع والرقي به بين مجتمعات دول العالم. 
كل هذه الجرائم والسلوكيات باتت مشهدا يستدعي من الدولة وأجهزتها الأمنية والرقابية فضلا عن مؤسساتها التنفيذية والتشريعية وضعها على رأس أولوياتها، ورسم خارطة قانونية عقابية رادعة بشكل حازم وجاد نظرا لـ الضرر الذي أحدثه بحق الكثير من المواطنين المسالمين والأعراض التي يعتقد الكثير أن من السهولة استباحتها عبر هذه المنصات، وما أحدثته من خلل كبير في الصورة العامة لـ اصالة وعراقة المنظومة الاخلاقية التي يتميز بها المجتمع الأردني منذ قرون طويلة