إبراهيم أبو حويله يكتب:مفاهيم ميكافيلي ...


ربما لم تخلق الأرض لمثل هذه المفاهيم ولكنها خلقت لمفاهيم الأمير يا ميكافيلي ...

ولكن كيف تكتسب المعاني السلبية كل هذه القوة، وتخسر المعاني الإيجابية في المقابل القوة، وكيف يتفاعل إلإنسان الفرد مع هذه المعاني ...

والأهم من ذلك هو تلك المولدات التي تصنع هذه الأفكار وتلك المعاني وذلك الأرث المجتمعي، كم هو مضحك مبكي كيف نزرع هذا الكم الكبير من الأفكار السلبية والميتة والقاتلة في الأجيال الصاعدة...

هناك مشكلة، ولكن هذه المشكلة هي في الحقيقة فينا نحن البشر نحن الذي نحمل هذا الكم من الكراهية والحقد على الأخر حتى أحيانا من نفس العائلة والعشيرة ، ونحاول سلبه وتهميشه وأقصاءه والقضاء عليه في النهاية...

على البشر اليوم إعادة النظر في هذا الكم من الأفكار السلبية التي نغرسها في أبنائنا تجاه الأخر فنحن فى صورة ما أيضا الأخر...

وإعادة النظر في هذه المفاهيم وتصنيفها، والتخلص من الضار والمميت والقاتل فيها، لن تغرس حبا في إبنك وأنت تقول له لقد كنا وكانوا ، و كان وكان وتشحنه بكل الايجابية والتفوق عن جده ، وجدهم فعل وترك وتشحنه بكل السلبيات عنه ، وتضع الإيجابيات والبطولة والكرم والشجاعة في جهة وكل السلبيات في الجهة الأخرى...

يجب أن تحرره من عقدة أن الأخر هو عدوا لك ، أو يجب أن تحرر نفسك أولا من هذه العقدة وإلا ستبقى البشرية رهينة هذه الحالة إلى أجل غير مسمى ...

العادات والأفكار التي تعادي الآخر ولا تترك مساحة للحياة للأخر، وتلك التعاليم التي تخلق العدو قبل الصديق، وتجعل كل من يخالفك في الرأي ضدك في النهاية...

وإعادة النظر في الأخلاق التي لا تراعي الإنسانية ولا تحترم الحقوق ولا والواجبات، وتلك الأفكار المسمومة التي تسعى للتفوق و الكراهية والحرب بدل التعايش بين البشر...

تلك العادات التي تخلق الكراهية وتحارب التسامح بين البشر ، وننظر إليها نظرة مختلفة، بحيث يتم التخلص من السيء والضار وإبقاء الصالح، والذي يدعو إلى إعادة النظر إلى الآخر على أساس العدل والمساواة والشفافية والحقوق والواجبات...

ونريد تفعيل ذلك الإنسان صاحب الضمير الذي يستطيع أن يقول نعم ولا...

وبناء تلك البوصلة الأخلاقية العالية السامية التي تتوقع أن نصل إليها أولا نحن كمجتمعات شرقية أو قل عربية أو اسلامية، وهذا الموضوع أساسا فيه ما فيه ، وكم يحتاج هذا الضمير حتى يصبح حيا فضلا عن أن يصبح صوته مسموعا...

في المقابل ستبقى هذه المعاناة المقيتة قائمة بيننا كبشر في بلد واحد في وطن واحد أو حتى في عشيرة واحدة مع يظهر على السطح من تآلف يخفي الحقيقة المؤلمة لتك المشاعر التي نحملها لبعضنا، ألا نخشى من هذا الكم من المشاعر السلبية ...

و إذا بدأ هو بحرب وأراد الأكراه ومحاربة الرأي، عندها لا بد من محاربة القمع حتى تسود الحرية، وفي هذا المناخ تحديدا ينتشر الصواب والحق، ولا يسعى الدين الحق يوما للقتل والسرقة والسلب والعبودية...

وهذه الدعوة هي تماما لإعادة الأصول إلى ما كانت عليه، كما أرادها الخالق عدالة وحرية ومساواة، والعداء لمن يحاول أن يفرض على الآخر أو يريد تغير الآخر بالإكراه، أو يسعى لحرمان الإنسان من حقوقه ، وعندها لا بد من أن يرد هذا المعتدي تماما كما يرد المسيء إلى دائرة الصواب...

هذه هي طريقة صناعة الإنسان المعتدل العادل المتدين المتحضر الراقي الذي يقبل الآخر ولا يسعى لحرمانه والتفوق عليه ، ولا إلى تدميره بل يسعى إلى أن يعم الخير في البشر وبين البشر، وتكون دعوته هي أساس فهمه للعلاقة بين البشر وبين البشر وخالقهم، وبين البشر وهذا الكون الذي نعيش فيه ...

نعم يستطيع الإنسان الغارق في الكثير من السلبيات وعدم الفعالية وينقصه الكثير من أن يتحرر من كل هذا ويفهم كل هذا...

ويفهم الفعالية والإنسان المؤثر والإنسان المتأثر، ويفهم العلاقة بين الإنسان والآخر والإنسان والكون ...

وربما لم تخلق الأرض لمثل هذه المفاهيم ولكنها خلقت لمفاهيم الأمير يا ميكافيلي ...

إبراهيم أبو حويله...