صفحات إفتراضية تشوه صورة التعليم في الجامعات الأردنية

خليل النظامي

العديد من الصفحات عبر منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي تحمل اسم «الكراش أو Crush» وتنسب نفسها لـ العديد من الجامعات الحكومية والخاصة، ولكن بشكل غير رسمي، الهدف منها الاعتراف والبوح بـ المشاعر الجنسية والعاطفية التي يكنها الطالب او الطالبة لـ بعضهم البعض بكل صراحة خاصة من هؤلاء الطلبة الذين لا يستطيعون البوح بهذه المشاعر عن طريق المواجهة. 

حاولت تتبع خيوط أصل فكرة إنشاء مثل هذه الصفحات، وما الهدف منها، ووجدت أن معظم جامعات الدول الغربية لديها نفس الفكرة ولكن الاختلاف في الجامعات الغربية أن الفكرة عندهم هدفها تغذية الحاجة العلمية والبحثية، وما يحتاجه الطلبة من بعضهم البعض في الاختصاص العلمي الذي يدرسونه، وليس البوح بكل صراحة عن المشاعر الجنسية أو العاطفية التي يكنوها لبعضهم البعض. 

الملفت لـ المتمعن بطبيعة مضامين الرسائل التي تبث عبر الكثير من هذه الصفحات، يجد انها تحمل خطاب تحرش لفظي من الدرجة الأولى، والكثير من الرسائل التي تبث وتظهر فكرة أن الأنثى مجرد سلعة لـ الاستخدامات الذكورية، إلى جانب ترسيخ فكرة أن الرجل مجرد حشوة مادية لـ سد الفراغ الجنسي والعاطفي عند الفتيات، خاصة أن التفاعل الذي يتبع الرسائل كبير جدا. 

وقد سألت بعض الأصدقاء والصديقات من الطلبة المشتركين بهذه الصفحات عن ماهية ما يحدث عبرها، وأخبروني أن هذه الصفحات عملت على تشويه سمعة الكثير من الفتيات والشباب، وأن هناك الكثير من الشكاوى سجلت لدى الجرائم الالكترونية، الأمر الذي يشير إلى أن هذه الصفحات تستخدم أسماء الجامعات، ولكنها خارج الدائرة الرقابية والرسمية لها، بـ الرغم من علم الجامعات فيها حتى ان بعض الاساتذة الجامعيين مشتركين فيها وعلى اطلاع بما ينشر عبرها. 

بـ المقابل ومن الناحية النظرية يمكن تصوّر أن هذه الصفحات عبارة عن شبكة إفتراضية كـ تطبيق "صراحة" الذي جذب الملايين من البشر لـ استخدامه، الأمر الذي يشير إلى أن الأولوية لدى السواد الأعظم من طلبة الجامعات باتت تتمحور حول الرغبة في إشباع الحاجات العاطفية والجنسية بعيدا عن إشباع الحاجة العلمية والفكرية، إلى جانب أن الدافع خلف إنشاءها يتمثل بـ ما يعرف "بـ الجوع العاطفي" عند الطلبة، وبحثهم عن أي وسيلة للتعبير عن مشاعرهم والكبت الذي يعتصرهم. 

هذه الظاهرة السلوكية العمومية جماهيريا وغيرها أيضا، سبب رئيسي في تلويث فكر طلبة العلم، وإشغالهم عن دراستهم بـ أمور غير سليمة، باتت تسيطر على أذهانهم وتحتل مكانا كبيرا في جلساتهم وحواراتهم على حساب صناعتهم العلمية، الأمر الذي يستوجب على إدارة الجامعات الخاصة والحكومية مراقبة ما تنشر هذه الصفحات من رسائل مضامينها مسيئة لـ صورة جامعاتنا بطريقة مباشرة وفيها ضرر يتشكل بـ عزوف الكثير من الأهالي والأسر المحلية والطلبة الوافدين أيضا عن ابتعاث أبنائهم لـ هذه الجامعات. 

الجدير بـ الذكر أن كلمة «Crush» هي كلمة عصرية إنجليزية تعني وجود رغبة قوية وحب تجاه شخص معين، وعندما يعجب شخص بفتاة ويشعر بحب تجاهها تسمى هذه الفتاة بـ«الكراش» بالنسبة لهذا الرجل ويمكن تطبيق نفس التسمية على الرجل إذا كانت الفتاة معجبة به