بدء فعاليات المؤتمر الدولي الأول لدراسات الترجمة في "اليرموك"


رعى رئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مسّاد افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي الأول لدراسات الترجمة "الترجمة في الوطن العربي: تحديات وآمال وتطلعات"، الذي ينظمه قسم الترجمة في كلية الآداب بالجامعة، ويستمر يومين.
وأكد مساد على حاجتنا لعلم ترجمة تطبيقي ليس فقط لنقل المعلومة والمعرفة والثقافة بين الشعوب وإنما ليكون خريج جامعة اليرموك قادرا على ممارسة مهنته في هذا المجال على أكمل وجه وبأمانه ليحقق من خلال علومه وخبرته نهضة شعبه ومجتمعه.
وأشار في كلمته التي ألقاها خلال فعاليات الافتتاح إلى أن انعقاد المؤتمر الدولي الأول لدراسات الترجمة في رحاب جامعة اليرموك ليحوي الكثير من الدلالات والمعاني، خاصة وأن قسم الترجمة في الجامعة تأسس منذ العام 1988م كأول قسم للترجمة في الجامعات الأردنية يمنح درجتي البكالوريوس والماجستير، مؤكدا أن الجامعة تولي تعليم اللغات وتعلمها واكتساب المهارات اللغوية أهمية كبيرة، حيث تجسد هذا الأمر في سياسة اليرموك وخططها الدراسية من خلال تنفيذ ما يعرف بحزم اللغات (الفرنسية والألمانية والتركية والإسبانية والصينية)، مما يعني أن اكتساب المهارات اللغوية وممارستها يفتح الآفاق إلى اكتشاف عوالم مختلفة ذات ثقافات وحضارات متنوعة.
وأوضح مسّاد أن الترجمة ممارسة حقيقية لفهم الآخر والتفاعل معه، فالترجمة اليوم ذات معنى ومغزى أكثر من أي وقت مضى، نظرا لما تقوم به وسائل التواصل التكنولوجي من دور يشهد على تسارع المعارف وتطورها بشكل غير مسبوق، مؤكدا ان الرقمنة باتت تشكل ظاهرة مهمة في الدراسات الإنسانية على اختلاف أصنافها وأشكالها، مما يتطلب منا إعادة النظر في هذه الدراسات لتواكب روح العصر الذي يشهد ثورة معرفية غير مسبوقة.
وأكد أهمية انعقاد هذا المؤتمر الذي سيكشف عن دور الترجمة في تطوير العلوم والمعارف الإنسانية في مختلف الثقافات والحضارات، وهو ما يعيدنا إلى إسهام العرب في نقل الإرث الفكري والعلمي، فالترجمة التي مثلت منجزا مهما في مرحلة من تاريخ العرب استطاعت أن تحدث قفزة فكرية وفلسفية نوعية ليست على صعيد الحضارة العربية الإسلامية، وإنما للإنسانية جمعاء.
وتمنى أن يسهم هذا المؤتمر عبر نتاجاته في تقديم كل ما هو نافع ومفيد في هذا الحقل، حتى يكون لنا موقعنا وإسهامنا بين الأمم المعاصرة، متخطين في ذلك الجمود الفكري من خلال بناء استراتيجيات جوهرية للترجمة تتوخى بناء أسس متينة لثقافة التعدد والاختلاف، وهذا يعني أن الوعي بالترجمة يجب أن يتخطى الصعوبات للخروج من المحلية إلى العالمية وتأسيس أطر معرفية تتفاعل مع ثقافة الآخر.
عميد كلية الآداب الدكتور موسى ربابعة قال إن انعقاد المؤتمر الدولي الأول للترجمة يأتي لتجسيد الاهتمام الواضح بالترجمة، التي تسهم في تفاعل الحضارات، ولما تشكله من أداة للتواصل بين الشعوب، فالترجمة شكلا جوهريا من أشكال المثاقفة، التي تنفتح على الآخر لفهمه وإدراك عالمه وعلومه.
ولفت ربابعة إلى أن الترجمة علم لا يعرف حدوده وأركانه إلا الذي خبر الترجمة وعانى في سبيلها، وهي علم وثقافة وكنوز من المعرفة، مشددا على ضرورة أن نعي أهمية لغتنا حتى نتمكن من إدراك أهمية اللغات الأخرى، التي لها هي الأخرى إسهامات في المعارف والعلوم الإنسانية.
وشدد على أن دور الترجمة الواعية والمتقنة في عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي، يصبح أكثر أهمية، وخاصة في عصر التواصل التكنولوجي، فليس ثمة أفق أهم في يومنا هذا من الترجمة، التي تجسر التقارب والتفاعل والتحاور مع الآخر.
الدكتور ياسر سليمان من جامعة كامبردج ألقى كلمة باسم المشاركين في المؤتمر أشاد فيها بجهود القائمين على تنظيم هذا المؤتمر الذي يحمل عنوانه إطارا مفاهيميا يستنهض بنا جميعا همة الوحدة والالتئام ليقوم المختصين بالترجمة بأداء دورهم في رأب الصدع ولم الشمل والانفتاح على الآفاق العالمية بأمل وطموح بهدف التطوير والنماء.
وأشار سليمان إلى اهتمام المؤتمر بالبعد الإقليمي من خلال أوراقه العلمية التي تتناول اللغة العبرية والفارسية والتركية بعد أن كانت مؤتمرات الترجمة العربية تولي الأهمية الكبرى للغات الأوروبية المهيمنة ثقافيا باعتبارها لغات وسيطة بين العربية ومحيطها الإقليمي، مشيدا بمناقشة المؤتمر خلال جلساته للعديد من الأوراق العلمية المقدمة باللغة العربية مما يسلط الضوء على دور اللغة العربية في البحث الترجمي من اللغة العربية وإليها.
بدوره ألقى رئيس قسم الترجمة الدكتور أحمد الحراحشة كلمة قال فيها إن الترجمة تعد من أهم وسائل نقل المعرفة والثقافة والفكر بين الحضارات، وهي فن من فنون الحياة ومد جسور تواصل مع الآخر، وتشكل وسيلة للتواصل الحضاري والفكري والعلمي والثقافي بين دول العالم، فالترجمة تعنى بكل جوانب الحياة الطبية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والتكنولوجية وغيرها من حقول المعرفة.
وأكد حراحشة على ضرورة أن يتجرد المترجم من الآراء والمواقف الشخصية والأيديولوجية عند ترجمة النص كي لا يتهم بالخيانة للنص الأصلي.
وأشار إلى ان هذا المؤتمر يهدف الى دراسة تحديات الترجمة في الوطن العربي والآمال والتطلعات، ودراسة واقع الترجمة في مختلف الميادين، ويتيح الفرصة للعلماء والباحثين والمترجمين في الأردن والوطن العربي لتبادل الخبرات في مجالات دراسات الترجمة المختلفة، بالإضافة إلى التواصل المباشر بين المترجمين الأردنيين والعرب لبحث التحديات التي تواجههم في سوق العمل، وتعزيز حركة الترجمة من اللغة العربية وإليها في المجالات المختلفة.
وتابع: إن المؤتمر يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها المترجمون والحلول المقترحة لها، وحث الباحثين والمترجمين على معرفة استخدام استراتيجيات الترجمة المناسبة لكل تخصص، والتعرف على العاملين بحقل الترجمة في الوطن العربي من أجل التعارف وتبادل الخبرات وخلق نواة بحثية عربية مشتركة.
وتضمنت فعاليات المؤتمر الذي شارك فيه عدد من الأكاديميين والباحثين والمترجمين من دول المملكة المتحدة، وإيرلندا الشمالية، وسويسرا، والجمهورية الجزائرية، ودولة فلسطين والمملكة المغربية بالإضافة إلى الأردن، مناقشة عدة موضوعات كالنصوص الموازية والترجمة والتواصل بين الثقافات، والتكنولوجيا في تعليم الترجمة، وواقع الترجمة الأدبية من العبرية إلى العربية ومن العربية إلى العبرية دوافعها ومبرراتها، وعملية ما قبل الترجمة في النص الأدبي، وإشكالية ترجمة العناصر الثقافية الفارسية إلى العربية، وتوظيف الرمزية في الأعمال الأدبية العبرية، والترجمة من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية، وتاريخ ترجمة معاني القرآن الكريم من العربية الى العبرية، وترجمة مصطلحات طب العيون من اللغة الإسبانية الى اللغة العربية، وتحديات المترجم القانوني في عصر الرقمنة، وتمييز وتحول التركيز في الترجمة، و خطابات جلالة الملك: الترجمة كسرد، والترجمة الآلية العصبية للعناوين الصحفية، والترجمة ومترجمي لغة الإشارة.