النخبة تناقش انواع الفساد الاشد خطورة على المجتمع

مريم القاسم 
ناقش اعضاء ملتقى النخبة-elite أنواع الفساد الأشد خطورة وتفشيا في المجتمعات ، حيث تباينت الآراء حول هل الفساد الإداري هو المتفشي أكثر أم السياسي أم الإقتصادي أم الإجتماعي ، مسلطين الضوء على أن الفساد هو السبب الرئيسي لتأخر المجتمعات عن مواكبة التقدم في تحقيق التنمية ، متسائلين هل هناك إرادة حقيقية لمحاربة الفساد؟ 
بين جهاد أبو بيدر أن الفساد بشقيه الإداري والمالي ليس بالحجم الذي يتم الحديث عنه ، مؤكدا أن كل شخص فينا إلا من رحم ربي فيه فاسد صغير يستخدم الواسطة وعلاقاته مع المسؤولين لتمرير معاملة أو واسطة ، موضحا أن منظومة الفساد لا تقتصر على المسؤول ، فالمواطن الاردني باختلاف وظيفته يمارس الفساد ، مرجعا السبب إلى غياب العدالة والرقابة الحقيقية . 
وأشار الدكتور بلال السكارنة إلى أن الفساد باشكاله كافة ما زال مستمرا في البشرية منذ الأزل ، ويعتبر من أخطر القضايا التي تؤثر على أي دولة ؛ لما له من تأثير على أفراد المجتمع من إضاعة الفرص وعدم تحقيق العداله بين الناس وتهديد للسلم المجتمعي ، لما يشعر به الأفراد من ظلم سياسي واجتماعي لعدم إعطاءهم الفرص الحقيقية في تحقيق الذات. 
واعتمدت الدكتورة فاطمة عطيات في حديثها على النظرية الوظيفية البنائية في علم الإجتماع ، موضحة أن الحالة المثالية والمطلوبة لقيام المجتمعات هي اجتماع المكونات البشرية للمجتمعات ومساندة بعضها وجودياً ، حيث يعتمد وجود وأهمية الجزء  الصغير والفرعي في قيام وقوه الكل ، وحدوث أي خلل ولو بسيط في مكونات هذا البناء يؤثر بشكل كبير عليه ، إذا لم يتم تداركه وارجاعه الى حاله سليمة ، فالنتيجة الحتمية لإستمرار هذا الضعف هي الفساد ومن ثم الهلاك. 
وبدوره تسآئل مهند العزب هل هناك نية حقيقة للإصلاح ؟ وهل صانع القرار بمستوياته  المختلفه يريد فعلا الإصلاح ؟ وهذا يترتب على بناء طريقة الإصلاح ، معتقدا انه ليس هناك نيه لحل جذري للفساد ، أما الإصلاح من أسفل فهو يمر بمأزق كبير ، هو إما انزواء شريحة واسعة من المثقفين أو تميز دورهم ، وتصدر مجموعة من الرويبضة المشهد مما يجعل المستقبل اقل ما يقال عنه غامض .
ومن جهته وصف الدكتور عثمان محادين الفساد بالاستعمار ، على أن لكل منهما أشكالا مختلفة ، لكن يحقق كل شكل منهما غاياته حتى يصل للهدف الرئيس ، فالاستعمار الثقافي وغيره لم يأتوا من فراغ ، فقد رتب له بسياسية للسيطرة على كل مفصل ليتمكنوا من قيادة المشهد بشخصيات ضعيفة محملة بأشكال الفساد ، مؤكدا ضروة تشخيصه كوحدة واحدة ، فلا يمكن للاستعمار ان يتمكن من الاستعمار الثقافي ان لم يحسن القبضة على الاستعمار الاقتصادي و السياسي . 
واستند الدكتور حسن الدعجة في حديثه على نظرية العالم السياسي الأمريكي غابرييل الموند ، الذي طور النظرية البنائية الوظيفية ، حبث ركز الموند في نظريته على الإلزام الوظيفي ، والذي يشير إلى فكرة أن كل مفهوم أو نظام معرفة يتكون من مجموعة من العناصر الفرعية التي تعمل معًا لتحقيق وظيفة أو غرض معين ، مبينا أن الفساد والسلبية السياسية يمكن اعتبارهما جزءًا من النظام الاجتماعي ويؤديان وظائف محددة داخله ، وأعرب عن اعتقاده أن الفساد والسلبية السياسية يمكن أن تعمل على الحفاظ على السلطة والسيطرة على الموارد والثروة ومعالجة المشاكل الاجتماعية المعقدة ، لذلك اعتبر الموند الفساد والسلبية السياسية من ركائز النظام. 
وبين باسم الحموري أن الفساد له أنواعا عديدة منها الفساد السياسي وهو المرتبط بإساءة استعمال السلطة لغايات تحقيق المكاسب الخاصة وبناء العلاقات التي هدفها في النهاية الحصول على مصلحة، والفساد الإداري والذي يرتبط بوجود الترهل، البيروقراطية، عدم المتابعة واللامحاسبية ، والفساد المالي، والذي يَعتبِر المال العام العمود الفقري والمصدر الأساسي لتغذيته، ففيه يتم إهدار هذا المال أو اختلاسه من قبل متنفذين او حتى أشخاص من صغار الموظفين، سواء أكان هذا المال على شكله النقدي أو كممتلكات عامة أو خاصة. 
وذكر محمد الحبيس أن الفساد في الأردن بحسب نظرية الموند أنه فساد تراكمي اجتماعي تطور سلبيا بالاتجاهات حتى اصبح شموليا ، مما عقد البيئة كاملة وأصبح من الصعب تطبيق أو تبني أي موقف إصلاحي لأعادة المركبة بإتجاه خط السير الصحيح ومعالجة ماشاب حركة التطور الايجابية إن كانت موجودة بالأصل . 
ومن جهته يرى الدكتور موفق الزعبي أن أخطر انواع الفساد هو الفساد القيمي،  فهو الذي لو استشرت جذوره تفرعت منه أنواع الفساد الأخرى، فلا يمكن أن يكون الشخص فاسداً إلا إذا فسدت عنده منظومة القيم سواء كانت قيم دينية، أو أخلاقية، أو تربوية أو اجتماعية ، موضحا أن الفساد بأنواعه المالي والإداري والسياسي استشرى في بلادنا بعد تراجع منظومة القيم، وهذا بحد ذاته يشكل بيئة مناسبة لإستشراء عدوى الفساد وتسلط الفاسدين. 
واشار سعيد الصالحي الى أن الفساد لا يمكن تأطيره في مظهر معين، فالفساد عقيدة وإيمان لا يختلف عند اصحابه عن إيماننا نحن البسطاء بالقيم الإنسانية الإيجابية ، مبينا أن الفساد يأتي نتيجة لإنحراف الفكر وخرابه ، ونتيجة لإنهيار منظومة الأخلاق لدى الفاسدين ، فالفاسد لا يخاف من القانون ولا من العقاب، ولا يوجعه ضميره في آخر الليل، لأنه برأيه لم يفعل أي منكر.