أرشيف الصحفيين الرقمي بلا حماية قانونية

خليل النظامي 
في ظل التطور الرقمي التكنولوجي الهائل والسريع على بنية وأدوات ومنهجية العملية الاتصالية في وسائل الاعلام من الناحية الفنية واللوجستية والمهنية، وتحولها من مطبوع وإلكتروني إلى رقمي، يواصل المتخصصين والخبراء في القطاع الاعلامي عمليات البحث عن الثغرات بـ أشكالها المتنوعة التي يمكن أن تعيق أو تحد من الممارسة الصحفية لـ الصحفي عبر وسائل الاعلام العاملين بها جراء هذا التحول ومعالجتها بـ الاطر العلمية والقانونية. 
الصحفي والخبير في التشريعات الإعلامية خالد القضاة فجر بـ الأمس قنبلة جديدة، تمثل ثغرة هامة في عملية التحول الرقمية في الصحافة والاعلام من الناجية القانونية والأخلاقية، تمحورت بـ تساؤل ورده حول حق المؤسسات الاعلامية بـ شطب المحتوى الاعلامي الخاص بـ الصحفي العامل لديهم سواء كان (مقال أو تقرير أو خبر أو تحقيق او قصة إخبارية) من بيانات الوسيلة في حال إنهاء خدمات أو خلاف نشب بين الصحفي ومالك أو ناشر هذه الوسيلة. 
وردا على التساؤل الهام، قال القضاة أن قبل الاجابة على هذا التساؤل يجب العودة لـ شكل التعاقد بين الصحفيين ( منتجي المحتوى المكتوب أو المصور أو المسموع) والوسائل الاعلامية، موضحا ان هناك عدة حالات لـالتعاقد تتمثل بـ التعاقد على القطعة او العمل المحدد، بحيث يتلقى الصحفي اجورا متفاوتة وفقا لعدد الاعمال او حجمها وتدفع المؤسسة بدلا عن المواد المنشورة فقط، وتعاقدا على القطعة او العمل المحدد، بحيث يتلقى الصحفي اجورا متفاوتة وفقا لعدد الاعمال او حجمها وتدفع المؤسسة بدلا عن المواد المنشورة فقط، بـ الاضافة إلى التعاقد بـ التطوع، بحيث يقدم الصحفي مادة اعلامية للمؤسسة مقابل نشرها باسمه دون أي مقابل مادي مثل كتاب المقالات. 
وتابع، أنه وفي جميع حالات التعاقد السابقة فـ إن الملكية الفكرية تعود لـ المؤسسة الاعلامية وليس لمنتج المادة (الصحفي) سواء كانت نصا مكتوبا او صورة او فيديو او حتى رسما، مشيرا إلى أنها محمية للمؤسسة بنص وبقوة القانون في الحالتين الاولى والثانية، أما الثالثة فتكون محمية ادبيا وأخلاقيا قبل القانون. 
وأضاف آسفا، أن القانون الحالي يمنح المؤسسة حق الحذف لـ تاريخ الصحفي في حال الخلاف معه دون أدنى مسؤولية أو تعويض، ويصبح الصحفي في حال تم شطب أرشيفة الرقمي نكرة دون أرشيف يسجل إنجازاته، خاصة في ظل النشر الرقمي الواسع في الانتشار والسهل في البحث عنه والوصول إليه، وقد يختفي في لحظات، ويتم تحميله عن الإنترنت بـ كبسة زر بقرار إداري.
أستاذ القانون الجزائي المساعد والمتخصص في التشريعات الاعلامية وأخلاقيات العمل الصحافي الدكتور أشرف الراعي قال إن "هذا الموضوع مرده إلى طبيعة العقد المبرم بين المؤسسة الاعلامية والصحفي"، مشيرا إلى أن الكثير من الصحفيين يحتاجون إلى تعزيز في ناحية الثقافة القانونية، حيث أنهم يقومون بـ توقيع عقود عمل من ابرز بنودها التنازل عن حقهم  في ملكيتهم الفكرية كـ منتجين للمحتوى الاعلامي لـ المؤسسة الاعلامية التي سيعملون بها.
وتابع في تصريحات خاصة لـ "الأنباط"، أن الأهم من وجود نص قانوني يحمي أرشيف الصحفي من الحذف من قبل الناشر أو مالك الوسيلة الاعلامية في حال نشب بينهما خلاف، أن يتمتع الصحفي بـ ثقافة قانونية تمنعه من توقيع عقد عمل مع مؤسسة اعلامية يمنحها الحق بـ التصرف في محتواه أو نتاجه الاعلامي، مطالبا نقابة الصحفيين بـ عقد دورات قانونية مكثفة لـ الصحفيين العاملين في الوسائل الإعلامية لـ حمايتهم وصون حريتهم وتقويتهم في ممارسة العمل الصحفي.
وأضاف، أن الكثير من دول العالم تحمي الملكية الفكرية لـ نتاج الصحفي عبر الشبكة العنكبوتية من خلال المواثيق والعهود الدولية التي تسمو على القوانين الوطنية في مسألة تنظيم حماية حق وحرية الصحفي، موضحا أن الاختلاف في الأردن يكمن في أننا نحتكم داخليا لـ الكثير من القوانين التي تحكم وتتدخل في عمل الصحفي وحريته الفكرية، نظرا لـ طبيعة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعي التي تحكم أي مجتمع، الأمر الذي يجعل الحماية القانونية لـ الصحفي في الكثير من دول العالم المتقدم أعلى مما هي عليه في الأردن.
وفي السياق إتفق الخبير القانوني في التشريعات الاعلامية الدكتور المحامي صخر الخصاونة، مع ما ذهب إليه القضاة والرفاعي حول هذا الموضوع الذي طالب بـ أنه يجب أن يناقش في إطار موسع ومتخصص من قبل الخبراء في نقابة الصحفيين التي تمل حاضنة الاعلام القانونية والرسمية. 
وأضاف في حديث خاص لـ"الأنباط"، أنه يمكن معالجة هذا السلوك من خلال إجراء تعديلات على قانون المطبوعات والنشر في البنود الخاصة التي تنظم حق الملكية الفكرية لـ الصحفي، وطبيعة العلاقة القانونية بينه وبين الوسيلة الاعلامية التي يعمل بها وشكل ومحتوى العقد المبرم بينهما. 
وطالب الخصاونة، الصحفيين ووسائل الاعلام بـ اضافة بند لـ عقد العمل لـ حماية أرشيف الصحفي من الحذف من بيانات الوسيلة الاعلامية وارشيفها العام، لأنه بغير ذلك مثل هذا الفعل إن وقع يعتبر "إعدام لـ الصحفي".

وبالعودة لحديث القضاة الذي اوضح ان هناك الكثير من المنظمات الدولية تنبهت لهذا الخطر وصنفته ك "تعسف باستخدام السلطة"، واعتبرته ضمن سلامة وامن الصحفيين الواجب حمايته، وبدأت تطلب من الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الكبرى حول العالم تضمين بنود خاصة في عقود العمل تحمي الصحفيين من هذا التعسف وتضمن المحافظة على ارشيفهم دون المساس او العبث به حال الخلاف معهم او انهاء خدماتهم.

وطالب القضاة السلطات الاردنية بأخذ خطوة للامام للمحافظة على ارشيف الصحفيين وابداعاتهم وحمايتهم من التعسف باستخدام السلطة من الإدارات بان تكون الملكية الفكرية للمنتج الصحفي.