المستقبل الأردني: بين استشراف الشباب وتشكيل الحكومات
د. ليث عبدالله القهيوي
إن تشكيل المستقبل هو عملية معقدة تنطوي على عوامل مختلفة، بما في ذلك التطورات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والمشاركة النشطة للشباب، حيث شهد عام 2022 تطورات مهمة في جميع أنحاء العالم ، مع اتجاهات وتحديات جديدة تشكل مستقبل الأمم والمجتمعات، وقد كان – وما يزال - للأردنيين دور كبير في تشكيل المستقبل، مع الأخذ في الاعتبار التحديات التي يواجهونها والفرص المتاحة لهم للمساهمة في تقدم الوطن والمجتمعات التي يعيشون بها.
حيث يواصل عدد سكان العالم نموه، حيث وصل إلى ما يقدر بنحو 7.9 مليار نسمة في عام 2022 ، وفقًا للأمم المتحدة، ويطرح هذا النمو السكاني تحديات من حيث توفير الموارد الكافية ، مثل الغذاء والماء والمأوى ، لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من سكان العالم. كما شهد الاقتصاد العالمي نمواً معتدلاً في عام 2022 ، حيث يقدر معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.6٪. ومع ذلك ، فقد تم توزيع هذا النمو بشكل غير متساو عبر المناطق والبلدان ، حيث واجهت بعض الاقتصادات تحديات مثل التضخم والبطالة وعدم المساواة. بالاضافة الى ان التطورات التكنولوجية لتشكل المستقبل ، مع تقدم سريع في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة والرقمنة. هذه التطورات لديها القدرة على إحداث ثورة في الصناعات ، وخلق فرص عمل جديدة ، وتحويل المجتمعات.
والأردن، مثل العديد من البلدان الأخرى، لديه شباب يلعبون دورًا مهمًا في تشكيل مستقبل الأمة. حيث يشكل الشباب الأردني ، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 29 عامًا ، نسبة كبيرة من سكان البلاد ، تقدر بنحو 70٪ في عام 2022. يتمتع الشباب في الأردن بفرص فريدة وتحديات فريدة في المساهمة في تقدم البلاد وتشكيل مستقبلها، ويعتبر التعليم عامل رئيسي في تشكيل مستقبل الشباب الأردني، حيث يعد الوصول إلى التعليم الجيد وفرص تنمية المهارات أمرًا ضروريًا لتزويد الشباب بالمعرفة والمهارات اللازمة للنجاح في سوق العمل المتطور والمساهمة في تنمية الأردن، ففي عام 2022 ، أحرز الأردن تقدمًا كبيرًا في زيادة الوصول إلى التعليم ، حيث بلغ معدل الالتحاق الإجمالي 96.6٪ في التعليم الابتدائي و 85.7٪ في التعليم الثانوي ، وفقًا لليونسكو. ومع ذلك ، لا تزال هناك تحديات في تحسين جودة التعليم ، وخفض معدل التسرب ، ومواءمة برامج التعليم والتدريب مع احتياجات سوق العمل، كما لا تزال مشكلة البطالة بين الشباب الأردني تشكل تحديًا كبيرًا، وبحسب تقرير ٢٠٢٢ للبنك الدولي، يعتبر الافتقار إلى فرص العمل ، خاصة في القطاعات التي تتطلب مهارات أعلى، عائقًا أمام قدرة الشباب على المساهمة في تقدم الأردن.
نحن نملك الطاقات ونملك المواهب ولدينا من القدرات الشيء الكبير، حيث قدم المبتكرون ورواد الاعمال الأردنيون مساهمات عديده في الابتكارات والاختراعات في جميع أنحاء العالم ، وأظهروا إمكاناتهم في دفع التنمية المستدامة في الأردن والمنطقة للمستقبل، فالأردني لديه القدرة على مواجهة التحديات الملحّة وتعزيز الممارسات المستدامة والمساهمة في التنمية الشاملة للأردن، ولكنه يتطلع الى تعزيز دوره واحترام رأيه، وعدم الاستخفاف بعقله، وتوفير الدعم والموارد والفرص الكافية لمواصلة مساهماتهم القيمة في تشكيل مستقبل الأردن وما وراءه.
علينا أن نخطط جيداً لإعادة النظر بالكثير من قراراتنا وسياساتنا، وأن نضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فلا مجال أبداً للبقاء على هذا الحال المؤسف، فكلنا نعلم الصح جيداً، والذي من خلاله سننهض بوطننا وطموحاته، فالأردن دائماً يستحق الأفضل، وإذا لم نستطع مكافئة المحسن، فعلى الأقل يجب أن نعاقب المسيء.