الاقتصاد الأخضر فرصة للوصول إلى النمو الاقتصادي المنشود
أكد متخصصون أهمية الإسراع في التوجه نحو الاقتصاد الأخضر، وتبني المشاريع الاستثمارية الصديقة للبيئة، لتتماشى مع التوجه العالمي للحد من الآثار السلبية للتغير المناخي، والمساهمة في الوصول إلى النمو الاقتصادي المنشود، وفرصة لإيجاد فرص عمل مستدامة.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إنه ليتمكن الأردن من خلق قدرته التنافسية في عالم الاقتصاد الأخضر، يتطلب إيجاد أنظمة تشريعية ملائمة، وتشجيع التطوير والابتكار المحلي للمنتجات والحلول الخضراء للقطاعات كافة، والتدريب وريادة الأعمال، وبناء إطار تنظيمي فعال وحاكمية رشيدة تشجع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال، إضافة إلى تطوير أنظمة عمل تحفيزية تدعم هذه المنتجات المحلية وتزيد الطلب عليها.
وأكد عضو المجلس الأردني للأبنية الخضراء، المهندس عبدالله بدير، أن الاقتصاد الأخضر هو نظام وممارسات اقتصادية تسمح بالنمو الاقتصادي بشكل شامل اجتماعياً وموافق للمعايير البيئية، بشكل يسمح بتقليل انبعاثات الكربون والتلوث، ويضمن كفاءة استهلاك الموارد ويمنع فقدان التنوع البيولوجي.
وقال إن الاقتصاد الأخضر يشجع على النمو في الدخل والحد من البطالة مدفوعا بالشراكات العامة والخاصة، بما يسهم بتطوير البنى التحتية وتعزيز منعة المجتمعات.
وأشار المهندس بدير إلى أنه تبعا لـ "تقرير المناخ والتنمية الخاص بالأردن" الصادر عن مجموعة البنك الدولي، فإن الاستثمار الاقتصادي في وسائل الطاقة النظيفة والمتجددة وكفاءة الطاقة سينتج عنه عدد هائل من الوظائف ما بين عامي 2020- 2050، إلا أن الفرص الوظيفية والاقتصادية المستدامة لا تقتصر على قطاع الطاقة فقط.
وأضاف، أن التركيز المحلي على الاقتصاد الأخضر يتقاطع مع ستة قطاعات رئيسية هي "الطاقة، المياه، النفايات، الزراعة، السياحة، والنقل" تبعاً لخطة النمو الأخضر الصادرة عن وزارة البيئة ومعهد النمو الأخضر العالمي.
وأكد أنه من أجل تحويل هذه القطاعات وغيرها إلى قطاعات مستدامة، لابد من تحقيق مرتكزات رئيسية، مثل وجود أنظمة تشريعية ملائمة، وتشجيع التطوير والابتكار المحلي للمنتجات والحلول الخضراء في مختلف القطاعات، وتطوير أنظمة عمل تحفيزية تدعم هذه المنتجات المحلية وتزيد الطلب عليها.
ونوه بدير بأنه من خلال عمل المجلس الأردني للأبنية الخضراء مع مركز المشروعات الدولية الخاصة في تطوير خطة عمل استراتيجية لتعزيز الاقتصاد الدائري في قطاع الصناعات الإنشائية، نتطرق الى أهمية تعزيز الشراكات الفاعلة ما بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني لتحقيق هذا التحول نحو اقتصاد تنموي مستدام يضمن أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة، من شأنها تقليل التكلفة التشغيلية والإنتاجية للمصانع ورفد السوق المحلي والإقليمي بمنتجات وطنية خضراء منافسة، ما سيزيد من إجمالي الدخل المحلي.
ولفت إلى أن جهود وزارة الطاقة وغرفة الصناعة تسعى لتعزيز التركيز على كفاءة استخدام الموارد ما ينعكس على زيادة القدرة التنافسية للصناعات الوطنية وتقليل الهدر والفاقد العام، حيث أنه في معظم الأحيان ما يكون له انعكاس إيجابي على العملة الصعبة وميزان الاستيراد للمواد الخام.
وقال المهندس بدير، "نسعى اليوم لتبني مبادئ الاقتصاد الأخضر كجزء من توليفة جهود واسعة متنوعة تسعى لخلق فرص تنموية واقتصادية في القطاعات الموجودة أو خلق قطاعات جديدة من شأنها تحقيق الأمن الاقتصادي وخفض نسب البطالة وتحقيق الكفاءة في الموارد، خصوصا تلك التي نعاني من ندرتها كالمياه والطاقة والتي تهدد اقتصادنا ومنعة مجتمعاتنا".
من جانبه، قال المختص في شؤون الطاقة، وعضو مجلس إدارة شركة إدارة الاستثمارات الحكومية المهندس حمزة العلياني، إن الأردن أطلق 86 مشروع نمو أخضر لحماية البيئة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها المملكة لمواجهة التغيرات المناخية، عبر حزمة من القوانين الأساسية والمساندة والأنظمة والتعليمات.
وأضاف أن مجلس الوزراء أقر السياسة الوطنية للتغير المناخي للأعوام 2022-2050، التي أعدتها اللجنة الوطنية بما ينسجم مع التوجهات الدولية وصولا إلى انبعاثات متعادلة بحلول عام 2050.
وأوضح العلياني، أن الأردن ضاعف هدفه لخفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى 31 بالمئة، بحلول عام 2030، من خلال زيادة المشاريع في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والانتقال إلى النقل الكهربائي والنقل العام وزيادة الجهود لإنشاء نظام متكامل لإدارة النفايات وإقرار خطط العمل الوطنية للنمو الأخضر للأردن للقطاعات الستة الرئيسة، وهي "المياه، والنقل، والطاقة، والزراعة، والسياحة، والنفايات" وتحديد 86 إجراء بكلفة تقدر بمليار و800 مليون دولار.
وأشار إلى أن الاهتمام بقضية الاستدامة في الأردن سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية يشكل خيارا استراتيجيا، بسبب محدودية الموارد الطبيعية والحاجة لنمو اقتصادي مستقر، لذلك فإن استجابة الدولة لاحتياجات المواطنين الاقتصادية والبيئية من خلال الاقتصاد الأخضر ليست مجرد التزام سياسي في التغير المناخي، بل علامة فارقة إذا تم استغلالها من شأنها أن تجعل الأردن منصة إقليمية للتنمية الموجهة وللاستثمارات المستدامة، استنادًا إلى امتلاكه قاعدة لا مثيل لها من موارد الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جنوب المملكة ويستفيد من قربه للبحر الأحمر والميناء في العقبة.
وأوضح أن الأردن يسعى دائما للبحث عن جميع البدائل والخيارات الاقتصادية والتنموية التي تساهم في خلق مستقبل اقتصادي مستدام، بحيث سيكون للاستثمار في الهيدروجين الأخضر دور رئيسي ليكون وقودًا مركزيًا صديقًا للمناخ، خاصةً للصناعة، مثل إنتاج الأمونيا ومرافق البتروكيميائيات المتكاملة، ومن المتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في تحقيق أهداف أمن الطاقة والمياه المستدام (يستورد الأردن اكثر من 92 بالمئة، من طاقته وكذلك يعاني من شح موارد المياه)، وتخفيف العبء عن ميزانية الحكومة، وتقليل نسب البطالة.
وبين أنه لتمكين الأردن من خلق قدرته التنافسية في عالم الاقتصاد الأخضر، يتطلب تطوير التعليم والابتكار والتكنولوجيا والتدريب وريادة الأعمال، اضافة لبناء إطار تنظيمي فعال وحاكمية رشيدة تشجع القطاع الخاص لتلك الاستثمارات، لمواصلة النمو وتلبية طموحات الشباب في خلق فرص العمل.
بدوره، عرف خبير البيئة والاقتصاد الأخضر محمد عصفور، الاقتصاد الأخضر بأنه اقتصاد منخفض الكربون، ومقاوم للتغير المناخي، كما أنه متنوع بيولوجيًا وله فاعلية من حيث استغلاله للموارد، مضيفا أن المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه الاقتصاد الأخضر هو أن الإدارة البيئية الجيدة لا تضر بالنمو الاقتصادي.
وأكد عصفور أن ما يهمنا بشكل عام التوجه نحو الاقتصاد الأخضر في الأردن لأنه يساهم بتعزيز آفاق النمو الاقتصادي والإنتاجية والازدهار كما أنه يساهم في إمكانية خلق وظائف خضراء وزيادة فرص العمل، ويمثل فرصة لتطوير قطاعات جديدة ذات ميزة نسبية في الأسواق الدولية.
وأشار إلى أنه بدأ الاهتمام الرسمي في الاقتصاد الأخضر في عام 2008 وتأسس في عام 2013 بعد تأسيس وحدة الاقتصاد الأخضر في وزارة البيئة وإطلاق استراتيجية النمو الأخضر التي استهدفت خلق 50 ألف وظيفة في القطاع.
-- (بترا)