النخبة تناقش تدخلات السفارات في الشؤؤن الداخلية

مريم القاسم 
تحدث اعضاء ملتقى النخبة-elite عن تدخلات السفارات في الشؤؤن الداخلية للدول المضيفة لهم ، حيث سلطوا الضوء على مدى صحة هذا التصرف ، واسباب التدخل التي من الممكن ان تكون مقبولة وذلك حفاظا على السياسات بين البلدين ، متسائلين ما الذي يجب على الدولة عمله في حال علمها باي تدخل مباشر او غير مباشر من قبل السفارات ؟
بين الدكتور حسن الدعجة ان التدخل الرسمي للسفارات في شؤون الدول المضيفة ليس مسموحًا أو مقبولًا في العلاقات الدبلوماسية الرسمية ، وذلك لأن تدخل السفارة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الخلافات الدبلوماسية ، موضحا ان هناك حالات استثنائية تتطلب تدخل السفارة في شؤون الدولة المضيفة مثل حالات الطوارئ الإنسانية الخطيرة أو الأزمات الأمنية ، وفي هذه الحالات يجب على السفير أو الدبلوماسي العامل في السفارة التعاون مع الحكومة المضيفة وتبادل المعلومات والمساعدة في حل المشاكل بطريقة متوازنة ومحترمة، وبالمقابل يجب على السفير أو الدبلوماسي أن يحترم سيادة الدولة المضيفة وأن يعمل بما يتوافق مع القوانين والأعراف الدبلوماسية .
واشار الى ان هناك اجراءات دبلوماسية في حال تدخلت السفارة في شؤؤن الدولة المضيفة منها استدعاء سفير الدولة المعنية لإبلاغه بالتدخل وطلب التوضيح منه ، وإصدار بيان رسمي يدين التدخل ويؤكد حق الدولة في السيادة والاستقلال ، وإجراء محادثات دبلوماسية رسمية مع الدولة المعنية لحل الخلافات بشكل سلمي ومحترم ، واللجوء إلى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة لحل الخلافات. 
وذكر الدكتور عديل الشرمان ان هناك الكثير من أجهزة المخابرات تستخدم مقار السفارات في الخارج كغطاء دبلوماسي لمنتسبيها ، الامر الذي جعله عرفاً مستقراً في العلاقات الدولية ، ومن ثم استحدثت وظيفة الملحق العسكري ، فالكثير من رجال السلك الدبلوماسي يعملون تحت غطاء العمل الدبلوماسي ، ولكن معظمهم رجال مخابرات وجواسيس لدولهم ، مضيف ان الدبلوماسيون لديهم حصانات بحكم الاتفاقيات والمواثيق وهذا أدى الى استغلال هذه الحصانات واستغلالها لارتكاب أفعال تهدد أمن الدول المضيفة، ومن أبرز تلك الأفعال هي القيام بأنشطة التجسس، والتدخل في شؤون الدول، ومما فاقم من انشطة التجسس الانفجار الكبير في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. 
وبدوره نوه جهاد ابو بيدر ان السفير بالعرف الدبلوماسي هو ضيف ، ولكن بعض السفراء لدينا في الاردن تجاوزوا هذا الدور حيث اصبحوا مضيافين أكثر منا ، وللاسف ان سفرائنا في دولهم لا يستطيعون التحرك كما يتحرك هؤلاء لدينا، وكان لزاما على وزارة الخارجية أن تقول كلمتها وتمنعهم من هذه التحركات .
ومن جهته بين المهندس احمد العدوان ان هناك بلدان لها نفوذ بسبب قوتها العسكرية او الاقتصادية ، وهي البلدان التي يهمها السيطرة على دول في العالم لتسير حسب توجهاتها ، وبالتالي تتدخل بشكل مباشر او غير مباشر في شؤون الدول الاخرى ، وهذا  امر معروف ولا ينكره أحد ، موضحا ان موازين الدول تختلف من دولة الى اخرى فبعضها سيد وبعضها محتاج مطيع . 
ومن جانب اخر تحدث محمود الملكاوي عن تدخل وسائل الإعلام والاتصال ، والمؤسسات الأهلية العالمية كمنظمة العفو الدولية ، و"هيومان رايتس ووتش" وغيرهما ، بالاضافة إلى الكُتّاب والباحثين والفنانين الذين يصدرون الكتب ونتائج البحوث ، ويصنعون الأفلام الموجهة عن طريق الشركات الاستخباراتية الاستثمارية التي تجمع أدق المعلومات عن كل بلد ، مبينا ان مفهوم سيادة الدولة تراجع وخاصة في العقود الأخيرة ، بحيث أصبح العالم أشبه بقرية مكشوفة أمام وسائل الاتصال الحديثة.
وقال الدكتور علي حجاحجة ان الأعراف والمواثيق  الدبلوماسية معروفة وفي أغلبها التعامل بالمثل، لكن هذا يفرضه على أرض الواقع هيبة رجالات الدولة ، فهيبة وزير الخارجية والخارجية عموما تفرض ذاتها، بمعنى لا تسمح لأي كان التدخل في شؤونها الداخلية ولا التحرك الا وفق ضوابط وتنسيق مسبق ومخاطبات وموافقات الجهات ذات الاختصاص ، لكن المشكلة تكمن عندما يكون بعض كبار المسؤولين عبارة عن موظفين لا يمتلكون الجرأة في وقف تدخلات سفير او تحركاته. 
وذكر الدكتور علي المر ان القانون الدولي ضمن حق سيادة الدولة للدول الصغيرة والكبيرة، والغنية والفقيرة ، لكن هنالك فرق بين الواقع والقانون، فالواقع أن الدول القوية تفرض سياستها وفكرها على الدول الضعيفة والفقيرة ، لكن من المهم ان يحترم السفير سياستها وخصوصيتها الثقافية والفكرية والدينية وأن يراعي مصالحها العليا الحقيقة السياسة والاقتصادية ، مؤكدا انه يجب علينا أن نعمل معًا كمنظومة متجانسة ونرفض كل أشكال الفساد الإداري الذي يضعف الاقتصاد ويفتح الباب أمام محاولات تخريب النسيج الاجتماعي. 
وبدوره قال الدكتور احمد الرشود ان الدول تبحث عن مصالحها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بنهج تقوده القوة الناعمة لديها في الدول الأخرى لتحقيق مكاسب تجارية واقتصادية وحماية مصالح رعاياها في الدولة محل التدخل بالغالب ، لدعم قوتها وهيمنتها اقليميا وعالميا ، وكلما كانت الدولة متمكنة ماديا ولديها أدوات او تخلق أدوات تعزز أشكال تدخلها لتحقيق تلك المصالح ، هذا سلوك قائم وممارسة موجودة بكل العالم .