في الغربة والهجرة... كفاءات متميزة لا تجد ملجأ لها محليًا
سبأ السكر
مازال ابناء الوطن يغتربون في الخارج باحثين عن ظروف مناسبة في دولة توظف ما لديهم من كفاءةً وابداع، هاربين من تدني مستوى المعيشة وانخفاض الدخل في بلدهم، مبررين ذلك بعدم توفر البيئة المناسبة لاستثمار قدراتهم، حيث لا ثقة بأفكارهم و لا احترام لطموحاتهم، وعلى الدولة عدم التفريط في هذه الكفاءات بمجرد مغادرتهم لأرضها، بل يجب العمل على إعادتهم للبلاد، واستقطاب الكفاءات المحلية ومنعها من الغربة أو الهجرة لتحريك العجلة الاقتصادية المتهالكة.
أشار الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى أن المشكلة ليست بمغادرة الكفاءات المحلية من البلاد، وانما لانهم يغادرون لاسباب تعنى بالإداء والعملية الاقتصادية التي لا توفر امكانات لاستثمار قدراتهم وخبراتهم في الاقتصاد، مبينًا أن هناك طاقات محلية قادرة على أن تحدث فرقًا لكنها تعاني البطالة.
وتابع، " أن هذا اقتصاد مناوئ لأصحاب المهارات العالية"، مشيرًا إلى أن الدليل على ذلك معدلات البطالة المرتفعةالتي تدور حول حملة شهادة البكالوريوس فاعلى اناثُا وذكورًا، لذا فإن الوظائف التي ينتجها الاقتصاد؛ هي الأنسب لأصحاب المهارات المنخفضة، إي أنه ليس اقتصادا فيه الكثير من التقنيات والامكانات، والسياسات المحفزة لبقاء الكفاءات الشابة أو استقطابها للعودة إلى البلاد.
وتساءل عايش، لماذا تستقطب الاقتصاديات الأخرى هذا الثروة من الكفاءات.. والجواب.. لوجود نمو في الادوار التي يمكن لهؤلاء الشباب القيام بها في عملية اقتصادية تتطور قدمًا إلى الأمام، وبالتالي يصبح للكفاءات مكان مهم وضروري في العملية الاقتصادية لدعم ما يتم تحقيقه، معبرًا عن قلقه من ان يكون الدافع من اعادة الكفاءات؛ تعيينهم في المناصب ذات الدخل المرتفع، المبنية على العلاقات الشخصية مع مسؤولين كبار، والتي تعمل على تقليل فرصهم داخل البلاد باستلامهم ذات المنصب؛ وهو نوع من الاحباط للكفاءات المحلية.
وأوضح أن البلاد تحتاج إل مجتمع قادر على النمو والتطور بامكانات وقدرات وكفاءات مواطنيها، مضافًا إليه الخبرات الاخرى من الخارج أو خبرات محلية مغتربة والعمل على قاعدة العمل من أجل الأردن، مشيرًا إلى أنه في بعض الحالات يُرى أن رجوع الكفاءات المهاجرة هو الأفضل ولكن قد يكون الأسوأ بسبب عدم توفر المهن والفرص والامكانات لتوظيف هذه الكفاءات والطاقات لكونه اقتصادًا متواضعًا.
ودعا عايش، إلى التفكير في مشروع عام يشارك فيه الجميع، وتقسم به المسؤوليات بحسب المعرفة والخبرة والدرجة العلمية، مضيفًا أنه يجب اتاحة الفرصة للجميع ليشارك بقدراتهُ وامكاناته في عملية اقتصادية واسعة ليست محصورة على اصحاب المصالح ورأس المال المهيمنين على الوضع الاقتصادي، وطالب عايش الحكومة بتفكيك هذه الروابط بين أصحاب المصالح والسلطة بما يؤدي إلى اختراقات تشارك بها الكفاءات المحلية المهاجرة والعودة لخدمة البلاد.
وقال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة، من جهته، إن "ما يواجه البلاد اليوم حزب يدعى جماعة التوريث، إذ يتم توريث المناصب بحسب علاقاتها مع الحكومة"، مبينًا أن بعضهم ليس لديه الخبرة والأدوات اللازمة لادارة المؤسسات والقطاعات الاقتصادية، وبالتالي اتخاذ القرارات الخاطئة دون إجراء الدراسات والابحاث اللازمة؛ التي يتحمل المواطن نتيجتها لاحقًا.
وأضاف أن عدم وجود كفاءات محلية لإدارة ملف رؤية التحديث الاقتصادي خلال عشر سنوات مقبلة، فان "الحكومة ستفشل في هذا الملف بكل تأكيد، فيما يجب الاستغناء عن التوريث القديم، إي احالتهم إلى التقاعد والاستعانة بالكفاءات المحلية المهاجرة صاحبة الانجاز"، مشيرًا إلى أن هناك حالات كثيرة في توريث المناصب ساهمت في تراجع النهج الاقتصادي والسياسي المحلي.
ودعا المخامرة إلى تمكين الكفاءات والخبرات المحلية من ادراة الملفات الاقتصادية والسياسية والإدارية في البلاد؛ ومحاسبتهم على إدارتها و نتائجها، موضحًا أنه لم يحدث من قبل محاسبة إي مسؤول لاتخاذه قرارا اقتصاديا خاطئا ساعد على تراجع عجلة الاقتصاد المحلي والاستثمارات خلال الحكومات السابقة، مطالبًا باجراءات شديدة لمحاسبة من يُدير القرارات الاقتصادية غير الصحيحة وذات الاثار السلبية على البلاد.
وأشار المخامرة إلى أن تم اتاحة الفرص الجيدة، واستقطاب الكفاءات المحلية في الخارج، محققين انجازات ضخمة كوفئوا عليها، فيما يحارب صاحب الانجاز والفكر في البلاد لعدم تماشيه مع النظام المعمول به في الداخل، مضيفًا أن يجب استقطاب الاستثمارات الأردنية في الخارج للاستفادة منها، من خلال انشاء صندوق استثماري للاستثمار في القطاعات الواعدة في البلاد، ووجود حوافز ومميزات لاقناع الاستثمارات المحلية المغتربة باستثمار اموالهم محليًا.