صدور كتاب "اللسانيات الأحيائية" للدكتورة رشيدة كمال

يتناول كتاب (اللسانيات الأحيائية: بحث في الأسس الجزيئية والعصبية والتطورية للملكة اللغوية) الصادر عن دار كنوز المعرفة بعمان (الأردن) موضوع اللسانيات الأحيائية وبرنامجها ومراحل تطورها وموضوعاتها وأهدافها ومنهجيتها. وتتعرض الباحثة في هذه الدراسة إلى ماعرفه البحث اللساني حول اللغة مع شومسكيمن تحول من اللسانيات البنيوية إلى اللسانيات الأحيائية الحديثة، وهذا ما جعل الدراسات العلمية للغة تعيد الاتجاه إلى الإشكالات والقضايا الداخلية التي تتمحور حول القدرة اللسانية. وصارت مجموع الأسئلة التي طرحها هذا العالم اللساني حول المعرفة اللغوية هدفا لعلم البيولوجيا وعلم الأعصاب والفيزياء وعلم النفس التطوري وغيرها من الحقول التي حاولت الاقتراب من اللسانيات ومعالجة اللغة باعتبارها موضوعا طبيعيا، باحثة في الملكة اللغوية الضيقة والواسعة وأسسها العصبية في الدماغ والحوسبة اللغوية والتعقيد اللساني في بعض مناطق الدماغ والتنوع اللغوي والبحث في النمط الوراثي اللساني والأنماط الظاهرية، والبحث عن جذور الملكة اللغوية في الجينوم البشري والوراثة اللغوية والوراثة فوق الجينية. وقد أدى ظهورحقل اللسانيات الأحيائية إلىفتح الحوار بين اللسانيين وزملائهم في التخصصات المجاورة الأخرى،وتجاوز عقم التفاعل بينها.
وقد أسهمت عوامل عديدة في إثراء وتطور حقل اللسانيات الأحيائية بصورة مذهلة، من بينهاالثورة التكنولوجية في مجال التصوير الدماغي التي مكنت من البحث في مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة الأنظمة اللسانية، والثورة الجينومية في علوم الوراثة، وظهور "الأدنوية اللسانية".كما مكنت الثورة المعرفية الأخيرة في مجال البحث الجزيئي المختبري من الوصول إلى الاستنساخ الجيني في علاقته بالاضطراب اللغوي، ودور المعالجة البنيوية والوظيفية للجينات المستنسخة في اكتشاف الطفرات المؤثرة في سلامة الملكة اللغوية. وتلا هذه الثورة العلمية اهتمام كبير بدراسة الأمراض اللغوية خاصة الحبسة. 
ومن بين الأسئلة التي تطرحها اللسانيات الأحيائية:ما هي مناطق اللغة والدارات التي تنشط أو تحفز خلال العمليات اللغوية؟ وما نوع الجينات المسؤولة عن ذلك؟ وكيف يمكن للجينات أن تكشف عن الخصائص العميقة للقدرة اللغوية؟ وكيف يحمل البشر مفاهيم "ذرية" ترتبط فيما بينها لينتج عن ذلك عناصر وبنيات معقدة؟ ولماذا يعاني بعض الأفراد من اضطراب لغوي خاص؟ ولماذا يمكن للغة أن تبقى محفوظة عند الأشخاص الذين يملكون نسخة جينية مَرضية لأحد هذه "الجينات اللغوية" (عديمة الاختراق)؟ أين تحدث العمليات اللسانية شديدة التعقيد (التحويلات) في الدماغ؟ أين تحدث العمليات الداخلية للغة (تطبيق قواعد إعادة بناء رتبة الكلمات)؟ أين تتم العمليات المعجمية؟ متى تتغير موجات الدماغ في علاقتها بالنمو اللغوي؟ هل هناك فعلا سيناريو تطوري للأساس العصبي للغة؟ وما علاقة الطفرات بالجينات المشاركة في التنظيم والنمو العصبي أو بانتشار الخلايا أو انقسامها أو هجرتها وما إلى ذلك؟ كم عدد الجينات المكتشفة حاليا والمشاركة في تنظيم نمو المادة العصبية للملكة اللغوية أو اضطرابها؟ وما علاقة النمط الوراثي باكتساب اللغة؟ وكيف تجعل الأجهزة الوراثية نمو اللغة ممكنا؟ وغيرها من الأسئلة.
وقد انتهت الباحثة إلى  أن المرحلة الحالية من اللسانيات الأحيائية تعرف ثورة أخرى، لا تقتصر فقط على دراسة الجين والبيئة وتفاعلاتهما التي صارت لغزا شديد الصعوبة، ولكن هناك أيضا مسألة "فقدان التوريث" التي لا تزال بدون حل، والوراثة فوق الجينية التي تعد حقلا لا يُعرف كيف يمكن ربطه باللسانيات.